إطلالة على القصيدة الفلسطينية تحت الاحتلال
بقلم : شاكر فريد حسن
استطاعت القصيدة الفلسطينية في المناطق المحتلة عام 1967أن تفرض وجودها وتسجل حضورها الفاعل والمؤثر كأحد أشكال الوعي والنضال والمقاومة ، والتعبير عن الحالة الفلسطينية الراهنة وقد ساهمت الصحف والمجلات الأدبية والثقافية وأدبيات الحزب الشيوعي ( الجديد ، الغد ،الاتحاد ) بانتشار هذه القصيدة بين الأوساط والمحافل الأدبية والقطاعات الجماهيرية الفلسطينية ، وتأثر الشعراء الفلسطينيون بكتابات شعراء الرفض والثورة والمقاومة الفلسطينية : عبد الكريم الكرمي وعبد الرحيم محمود ومطلق عبد الخالق ومعين بسيسو ومحمود درويش وسميح القاسم وراشد حسين وتوفيق زّياد وغيرهم .
ومن الطبيعي أن تعيش القصيدة الفلسطينية في بداياتها ، الواقع الجديد في ظل الاحتلال الاستيطاني وتعكس نبض الشارع الفلسطيني ومعاناة الشعب المقهور الذي يئن تحت وطأة الفقر والجوع والشقاء والمرارة ، وترفض النكسة والهزيمة وتدعو إلى التشبث والالتصاق بالأرض والتراب ومناهضة الاحتلال ومقاومته ، وتعرّي الأنظمة العربية الفاسدة والمتواطئة والخنوعة ، وتكرّس الوعي النضالي والكفاحي والنهج الثوري ، وقد عرفت الساحة الأدبية الفلسطينية في المناطق المحتلة ، إلى جانب شاعرتنا الكبيرة الراحلة فدوى طوقان الكثير من الشعراء الذين برزت نتاجاتهم في مجال القصيدة بعد عام 1967 ، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر : أسعد الأسعد وخليل توما وعلي الخليلي وعبد اللطيف عقل وجان نصر الله وسامي الكيلاني وعبد الناصر صالح واحمد عبد احمد وتوفيق الحاج وباسم النبريص ويوسف حامد وليلى علّوش وسميرة الخطيب وحنان عواد وسميح فرج وجبرا حنونة ومحمد حلمي الريشة ومحمد علّوش وعبد القادر صالح وحلمي الأسمر ووليد الهليس وعلي مبارك وماجد الدجاني وخديجة أبو عرقوب وموسى علّوش والمتوكل طه وباسم الهيجاوي وغيرهم الكثيرين.
والمكان في القصيدة الفلسطينية هو الأرض والتراب والحجر ، والمخيم والخيمة وكرم العنب وحقل الزيتون وطابون الخبز وبيدر الحصاد وضريح الشهيد ، والأرض هي النبض الأخاذ في قلب الفلسطينيّ ، كذلك تتبدّى ملامح وخصائص الشخصية الوطنية بأروع صورها في هذه القصيدة ، حيث نجد أن الشخصية تقف بثبات وإباء وشمم في وجه المحتل ومتمسكة بالأرض والوطن والحياة ، ولها فاعليتها في الدفاع عن الهوية والانتماء والبقاء والحرية .
والانتفاضة الشعبية لها حضورها الهائل والمتميز في القصيدة الفلسطينية ، ونلحظ الشاعر الفلسطيني يكثر من التغني بالانتفاضة ، كونها حملت في مسار غدها الخلاص من الاحتلال الرابض على صدر الشعب ومعانقة المستقبل المليء بالحيوية والنبض والصور الجميلة زاهية الألوان ، بالإضافة إلى تمجيد الحجر ، سلاح الفلسطيني الأعزل في مواجهة الرصاصة ورسم صور الشهداء الذين يتسابقون يوميا دفاعا عن الأرض والوطن .
والقصيدة الفلسطينية تنضح بمفردات ذات خصوصية ودفق تاريخي تراثي وجذري كنعاني تدور حول الحياة والهم اليوميّ والمعاناة الفلسطينية ، وترتبط بالأحداث وتسلسلها ، وتحمل معاني الصمود والإصرار على المقاومة حتى طلوع النهار وتحقيق الاستقلال .
وفي الإجمال ، القصيدة الفلسطينية تلتحم بالواقع وتعايشه وتصدر عن معاناة ووجع يوميّ وصراع من اجل الحياة والاستمرارية وتطلّع دائم نحو الحرية والشمس وزوال الاحتلال ، وهي قصيدة العشق الصباحي الجميل والرائع المتميزة بقضيتها الإنسانية العادلة التي اخترقت الوجدان البشري ووجدت طريقها إلى قلوب الناس ، بصدقها وبساطتها وشفافيتها بعيدا عن الرموز والأحاجي والغموض .
كاتب فلسطيني من مناطق ال 48