أبو غوش من المبكر الحكم على نجاح أو فشل الحوار و يجب تحديد سقف زمني له
قال عوني أبو غوش عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني و مسئول دائرة الإعلام المركزي، إن التناقضات و الخلافات الداخلية مهما عظمت يجب أن تظل ثانوية، وانه من المبكر الحكم على نجاح أو فشل الحوار.
ودعا أبو غوش في حوار لـ”وكالة قدس نت للأنباء” اليوم ” إلى تحديد سقف زمني للحوار و أن لا يظل حواراً مفتوحاً إلى ما لا نهاية ، مؤكدا على التوحد في مواجهة الاحتلال لأن ذلك تتطلب تبني خطط عمل واضحة تنبع من إستراتيجية وطنية واحدة .
نص الحوار:-
ما هي رؤيتكم للخروج من حالة الانقسام التي يمر بها الوضع الفلسطيني الداخلي؟
بداية لا بد من التأكيد على حقيقة أساسية أن حالة الانقسام السياسي والجغرافي التي يمر بها وضعنا الفلسطيني، تعتبر بمثابة حالة غير مسبوقة، واستمرارها سيؤثر على مجمل الأوضاع الفلسطينية برمتها، والخاسر الوحيد القضية الوطنية لشعبنا ، وهذا يعني أن قضيتنا الوطنية ستكون رهناً لعوامل ومؤثرات بعيدة عن الأجندة الوطنية، ومن هنا فإننا في جبهة النضال الشعبي الفلسطيني كان لنا موقفاً واضحاً وصريحاً يتمثل بإدانة ما حصل إدانة صريحة وواضحة معتبرين أن معالجة قضايانا الداخلية والخلافية، يجب أن تتم من خلال الحوار الوطني الشامل، وبما يؤدي إلى تعزيز وتصليب وحدتنا الوطنية، باعتبار ذلك يشكل صمام الأمان في مواجهة كل المؤامرات التي تستهدف شعبنا و قضيته.
ما أهم الأسس التي استندت عليها رؤيتكم ؟
نحن في جبهة النضال الشعبي الفلسطيني طرحنا رؤية للخروج من حالة الانقسام تقوم على قاعدة أن التناقض الرئيس يتمثل بالاحتلال الإسرائيلي وكافة إجراءاته التصعيدية والتعسفية وغير القانونية، وأن التناقضات والخلافات الداخلية مهما عظمت وكبرت تظل ثانوية، باعتبار ذلك يشكل قانوناً تحررياً ارتكزت إليه حركات التحرر بالعالم.
ورؤيتنا تنطلق من ركائز ثلاث، الوحدة الجغرافية للوطن، استقلالية وصون القرار الوطني الفلسطيني، والحفاظ على منجزات ومكتسبات شعبنا التي حققها بفعل تضحياته من خلال التمسك بشرعية ووحدانية تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية للشعب الفلسطيني، هذه الركائز الثلاث تشكل أساساً لرؤية صحيحة وسليمة للخروج من حالة الانقسام القائمة.
هل هناك التقاء بين الفصائل حول هذه الرؤية ؟
الحوار الوطني الشامل يجري من منطلق هذه الرؤية، و قبل ذلك اتفاق القاهرة عام 2005، وبعد ذلك وثيقة الوفاق الوطني 2006.
و إذا استمر تعاطي الكل الفصائلي مع هذه الرؤية ، سنصل في النهاية إلى حلول نؤسس عليها لمستقبل أفضل في إطار تعزيز العلاقات الداخلية، ودون ذلك سيعني مزيد من الكوارث والمصائب يتحمل أصحابها المسؤولية التاريخية.
و نرى نحن في جبهة النضال الشعبي الفلسطيني أن أهمية هذه الرؤية تنبع أيضا من أنها تشكل صمام أمان نحو تطوير وتعزيز النظام السياسي الفلسطيني بما يفضي إلى إشاعة حقيقية لمناخ الديمقراطية والتعددية في الساحة الفلسطينية واستنهاض أوضاعنا من خلال تفعيل وتطوير هيئات ومؤسسات م.ت.ف، والسلطة الوطنية الفلسطينية، كذلك نظم علاقاتنا وتحالفاتنا الخارجية وحتى نظم أشكال الكفاح والنضال بما ينسجم مع أوضاعنا ويؤدي إلى التحرر الوطني وبإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس، بما في ذلك عودة اللاجئين إلى ديارهم.
ما تقييمكم لجولة الحوار الرابعة التي جرت في القاهرة واقتصرت على حركتي فتح وحماس؟
دعني أصحح ، في الحوار الوطني الذي ترعاه الشقيقة مصر، تم تثبيت حقيقة واحدة من قبل جميع الأطراف وهي أنه حواراً وطنياً شاملاً، وبالتالي فإن ما يتم بين فتح وحماس يعتبر لقاءات تهدف إلى تذليل العقبات بشأن القضايا الخلافية وليس حواراً.
فالوضع الفلسطيني برمته ليس رهناً لحركتي فتح وحماس، بمعزل عن الكل الوطني، نحن نميز ونفرق بين كون الحركتين لديهما الثقل وبالتالي اقترابهما أو ابتعادهما من القضايا الخلافية سيترك أثراً سلباً أم إيجاباً على مستقبل الحوار، وبين كونهما المقرران.
ومن هنا، فإننا في جبهة النضال الشعبي، رحبنا منذ اللحظة الأولى بهذه اللقاءات، بل ووجدنا ضرورة لها، لكن حذرنا من محاولة تجاهل الكل الوطني في محاولة لإعادة اجترار تجربة المحاصصة الثنائية التي كان لها تداعيات وخيمة ، و موقفنا واضح تماماً ولا نتعاطى بحساسية مع هذا الأمر.
لكن نحذر من أية محاصصة، لأن من شأن ذلك أن يهدم المعبد على أصحابه، ويعيدنا إلى نقطة البداية، كذلك سياسة المحاصصة أي كان نوعها وأطرافها لا تؤسس لتطوير نظام سياسي قائم على الديمقراطية والتعددية وسيادة القانون، فالأشقاء في مصر يدركون هذه المعادلة، ويصرون على ضرورة استمرار الحوار الوطني الشامل بمشاركة كافة القوى والفصائل التي شاركت بحوار عام 2005، وما جرى في اللقاء يعتبر بمثابة خطوة أخرى ساهمت بالتقدم نسبياً، لكن لم يحصل اختراق فعلي للقضايا الأساسية
يجري الحديث حالياً عن عزم الرئيس الفلسطيني، تشكيل حكومة جديدة قبل زيارته للبيت الأبيض بسبب تأجيل الحوار وعدم التوصل إلى اتفاق مصالحة، كيف تنظرون إلى ذلك؟
أولاً من السابق لأوانه أن نصدر أحكاماً وفتاوى قد تؤثر سلباً على اللقاءات التمهيدية التي تجري بين حركتي فتح وحماس أو استمرار الحوار الوطني الشامل، علينا أن ننظر للأوضاع من نظرة شاملة، وليست أحادية فالحوار لم يفشل، ولم يعلن أي طرف ذلك حتى اللحظة ، لكن نقول أنه لابد من تحديد سقف زمني، وأن لا يظل حواراً مفتوحاً إلى مالا نهاية.
أما بشأن اعتزام الرئيس الفلسطيني الأخ أبو مازن تشكيل حكومة جديدة، نحن كجبهة لم نبلغ رسمياً بذلك حتى اللحظة واعتقد أن الفصائل الأخرى لم تبلغ رسمياً كذلك.
فلا نعتقد أن الأخ أبو مازن سيقدم على اتخاذ أي إجراء من شأنه أن يعطل الحوار، أو يطلق رصاصة الرحمة على هذا الحوار، وبالتالي فإن أي تشكيل حكومي جديد يجب أن يراعي المصلحة الوطنية العليا لشعبنا، وهذا يشكل أولوية للأخ الرئيس أبو مازن.
هل ستشاركون في هذه الحكومة إذا شكلت؟
كما قلت لم نبلغ بذلك رسمياً وكل ما نسمعه يأتي عبر وسائل الإعلام، وإذا ما كان ذلك سيتم فإن مشاركتنا من عدمها تنبع من المصلحة الوطنية العليا فهذه معادلتنا التي ننطلق منها، وحينها ستتخذ هيئات الجبهة القرار المناسب في حينه.
تستغل حكومة الاحتلال الانقسام الفلسطيني لتصعيد إجراءاتها الاستيطانية في الضفة والقدس،كيف يمكن مواجهة تلك الإجراءات؟.
صحيح، الانقسام الفلسطيني استغلته حكومة إسرائيل لتنفيذ سياساتها وإجراءاتها من أجل تحقيق أطماعها فالتصعيد الإسرائيلي لا يقتصر على قطاع غزة وحسب، بل يشمل الضفة من خلال استمرار سياسة مصادرة الأراضي وتوسيع المستوطنات، وتقطيع أوصال المدن عن بعضها البعض، وعزل مدينة القدس عن محيطها من خلال الاستمرار ببناء جدار الفصل العنصري والإجراءات العنصرية الأخرى.
نحن الآن أمام حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة، يقوم برنامجها بوضوح على تعزيز الاستيطان وتكثيفه، وفق أجندة تقوم على أساس التنصل من كافة الاتفاقيات الموقعة، وفي مقدمة ذلك الهجمة الإسرائيلية الاستيطانية الشرسة على مدينة القدس التي تسعى إلى تغيير معالمها الديمغرافية والجغرافية ويوماً بعد آخر تشتد الهجمة وسياسة التضييق في محاولة لفرض وقائع جديدة، مستغلة حالة الانقسام الفلسطيني الداخلية، وغياب رؤية واستراتيجية عمل وطني موحدة لمواجهة هذه الإجراءات ومن هنا حذرنا في جبهة النضال الشعبي الفلسطيني منذ البداية من هذا الأمر.
ونحن نقول بوضوح وصراحة أن مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وأطماعه الاستيطانية التوسعية لا تكون بالشعارات ولا بالأقوال، بل بالمواجهة الحقيقية ودرء الأخطار لا تتم إلا من خلال رسم السياسات الواضحة وتبني خطط عمل نابعة من استراتيجية وطنية واحدة، وهذا يحتاج إلى وحدة وطنية حقيقية وراسخة تكون قادرة على تحقيق ذلك.