نقاباتنا والاعلام الهلامي
بقلم النقابي / محمد العرقاوي
لوحظ في الآونة الأخيرة بأن الحركة النقابية الفلسطينية تتبوأ العناوين المتقدمة في الأخبار وفي صفحات وسائل الاعلام المكتوبة والمرئية وغيرها وغيرها . مما أثار دهشتي وأنا اعلم تماماً بأن ليس كل ما يقال في وضعه الصحيح وليس كل ما يقال في غير وضعه الصحي . وهذا الواقع الذي نعيشه اليوم وهذه الحقيقة كل الحقيقة والقائلة بأن نقاباتنا واتحاداتنا ليست بخير كما هو يصور للبعض ولكي اطمئن كل من يجول لخاطره بأن عدم الوحدة هو السبب فانا أقول لكم بأنها ليست السبب الرئيسي وراء هذا الشلل النقابي لكن قد تكون أحد الأسباب الرئيسية . وليس هنالك شخص محدد هو من يقف وراء هذا التأخير النقابي وليس هنالك أحد من يعتبر فيروس ناقل لانفلونزا النقابات التي وصلت اليها هذه المؤسسات . ولا بد لي من توضيح هنا والقول بأن نقاباتنا لديها الطاقات والكفاءات والكوادر المؤهلة والمفكرة من مختلف الأطياف النقابية س أو ص أو ع أو .. الخ من هذه التسميات التي ابعدت كثيراً عن تسمية واحدة واساسية وهو الاتحاد العام لعمال فلسطين . نعم هذا الاسم الحقيقي شاء من شاء وأبى من أبى سواء كان وضع هذا الاتحاد يعجب أو لا يعجب الكثيرين منّا. وليس هنالك من مؤسسة دون أخطاء لكن الخطأ أن نعالج الخطأ بالخطأ ونبتعد عن الأم ونسعى الى تهميشها وحرمانها من رعاية ابنائها العمال . الكل فينا لديه ما يعيبه وما يعزز وجوده . ونعود لهذه الكفاءات التي انطلقت منذ عشرات السنين وعملت وكدّت وتعبت من أجل بناء أجسام نقابية قوية وديموقراطية . لكن المشكلة اين تكمن ؟ بكل صراحة تكمن في الآليات المرسومة لكافة النقابات فلدى مراجعتنا لأي نقابة بغض النظر لمن تتبع هذه النقابة فنجد الكثير من الايجابيات وخاصة في نظامها الداخلي لكن عندما ننزل الى الشارع النقابي والقاعدة العمالية نجد هذه النقابة متلاشية وغير موجودة وغير قابلة للتطبيق أو تمنع من التطبيق اذا جاز لي التعبير . فكثير من النقابات التي ترفع شعارات ويافطات ولا وجود لها . وعندما يتم الحديث في الأسباب على الفوز نعلق السبب الرئيسي على شماعة عدم الوحدة . ولنسأل انفسنا حول التعددية المختلفة المفاهيم والعناوين والموجودة في دول ومجتمعات قد تكون أقل أو أكثر تقدما منا كمجتمع فلسطيني . لماذا هذه الأجسام تعمل بشكل ديموقراطي ودوزن أية عوائق ؟؟؟ ولماذا فقط لدينا في فلسطين نرى هذه العوائق والمعيقات ؟؟؟ . والسبب بنظري متفرع لعدد من النقاط الهامة والتي نبدأها بالنقابيين انفسهم الذين لا يمتلكون روح المبادرة ولا مبدأ الاستعداد للعمل المستقيم والجاد والايجابي والفاعلمن جهة ومن جهة اخرى بات نقابيينا بتعرضون لعدد كبير من الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تمنعهم من التفكير بالعمل النقابي الصحيح . ولأن نقابيينا اصبحوا يعيشون في أجواء يسودها المناكفات السياسية التي تطغي على نشاطات المؤسسات الجماهيرية بل أصبح لها الدور الكبير في توجيهها باتجاهات مختلفة لا علاقة لها بالعمال . كما أن نقابيينا اصبحوا لا يرون المحفزات المادية والمعنوية التي من شأنها ان تأخذ بيدهم الى تعزيز وجود النقابات في العمل الجماهيري . وعلى العكس كثير من نقابيينا يتعرضون لكافة أشكال الابتزاز الاقتصادي والمضايقات النفسية الموجهة والتي من شأنها ان تتسبب في حكم الاعدام على كافة التطورات المتوقعة . وأصبح ودون وجل هّم النقابي ان يوفر الحد الأدنى لقوت ابنائه . ومن ثم يفكر فيما تبقى له من هامش بالعمال المساكين . وثاني هذه الأسباب سياسة الحكومة الحالية التي لم تفكر بالعمال ولا بقوتهم ولا باطعام ابنائهم . فقط تفكر بأن الحركة العمالية مشتتة وكأن هذا التشتيت هو من يمنح الخبز والزيت للعمال وكأن هذا التشرذم النقابي هو من يشكل عائقاً أمام أصحاب المعالي والسيادة على طاولة النقاش وكأن هذه الفجوات النقابية التي تحصل في كل العالم تقف سداً منيعاً في عدم اهتمام القيادة الفلسطينية من أسفل الهرم الى رأسه بالعمال . في الوقت الذي يتم توزيع مكرمة رئاسية هنا وهناك ويتم توزيع مساعدات من خلال وزارات السلطة هنا وهناك . وكأن العمال ليسوا من هذا الشعب . وكأن العمال هم فقط رصيد لهذا وذاك غداً في الانتخابات التشريعية أو الحزبية فقط للدعم وليس للمشاركة الفعالة كما حدث في انتخابات الثوري والمركزية واضافات الثورى التي تم اقصاء الحركة العمالية الشرعية منها تحت ذرائع ما انزل الله بها من سلطان لكن يتم دعوة العمال وممثليهم للتصفيق وتعبئة الفراغات لأي حفل كان ولأي حشد كان أو .. الخ . هكذا يعتقد البعض بأن العمال هم وقود فقط لمن يريد أن يصل . لكن نقول لهم لن ولم يكون هذا في يوم من الأيام لأن عمالنا يجب ان يدركوا تماماً ان من تم انتخابهم ومن سينتخبون في أي موقع كان لا قيمة لمواقعهم دون العمال واحترامهم وتقديرهم . ولن يكون العمال أدوات لوصول في الغد القريب ولن يكون العمال أبواقاً للشتم على هذا وذاك . لأن العمال أكبر من ذلك . ولهذا على القيادة بأشكالها المختلفة ان تلتفت الى العمال وتعطيهم الحد الأدنى من حقوقهم . وهنالك سبب ثالث وهي الأحزاب والتنظيمات والفصائلية التي لها الدور الكبير في تلاشي الحركة النقابية وبعثرة أوراقها . حيث أن هذه الفصائل والأحزاب والقوى تعمل بشكل يثبت اقدامها في على منصات التتويج لهذا تجدهم بشتى مشاربهم السياسية نفس الوجوه ونفس الشخوص يملؤون الكراسي المتقدمة ويتحدثون امام شبكات التلفاز والفضائيات وكأن الله لم يخلق غيرهم ولا أحد يستطيع ان يتكلم غيرهم متناسين أن حديثهم اصبح ممل جداً لأنه يطغى عليه مبدأ وأسلوب الروتين وليس مبدأ العمل والتوجيه الصحيح . وأقول ذلك لكافة المتحزبين يساراً ويمينأ وعقائدياً وغيره . لكن اتحدى من منهم تحدث وعمل لعمال وأقول عمل وليس تحدث لأن المتحدثين كثيرين لكن الفاعلين ” على الله تعود” فهنا نتساءل جميعاً وما رأي قراؤنا بما يرونه يومياً من أخبار تملأ صفحات الصحف المحلية وأغلبها وحتى أكون عادلاً أكثر من نصفها غير حقيقية ولا يوجد أساس لها من الصحة فقط هي أخبار للمناكفات وردّتات الفعل وارضاء لخواطر المتنفذين والقابعين على عروش فرعون النقابية التي لم تجد من يردها ويصلحها . من هنا فانني استصرخ الضمير الصحفي الحر وكل المراسلين من شمالها الى جنوبها ومن غربها الى شرقها بالتدقيق وتحري الصدق قبل كتابة وصياغة التقارير الهلامية والبيانات المسمومة التي لا تساعد على لملمة الجراح الفلسطيني . وأخيراً فانني أوجه هذه الكلمات لكل ضمير نقابي حي ولكل مؤسساتي حر ولكل نابغة عمال فلسطين بأن يكون القدوة في التصدي لكل المتأمرين على الحركة العمالية الفلسطينية ومجابهة من يبيع حقوق عماله ويتاجر بها بين أروقة الاتحادات المتصهينة والنقابات الصفراء .
فها أنا قد بلغت اللهم اشهد . ولكم الله ايها العمال الأبرياء .
الأمين المساعد للتنظيم النقابي في الاتحاد العام لعمال فلسطين