خالد العزة عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني في لقاء مع صحيفة الأحداث الجزائرية
– الجزائر تقف الى جانب القضية الفلسطينـيـة بـدون تحفظ
– نحن مدينون للشعب الجــزائــري علـى دعمــه ومساندته
– لا حل في الأفق و.. المصالحة الوطنية مطلب شعبي ونضالي
المناضل الفلسطيني السيد خالد العزة عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني ،زار الجزائر مطلع الأسبوع الجاري في زيارة خاصة، كرس جل وقته خلالها في لقاءات أجراها مع معارفه القدامى على الساحة الثقافية والإعلامية الجزائرية، حيث يحتفظ العزة (أبو الوليد) بصداقات متينة مع العديد من الجزائريين المتابعين لتطورات الأوضاع الفلسطينية، وانعكاساتها على مجريات نضال الشعب الفلسطيني المكافح.لم يكن من السهل الانفراد بالمناضل الفلسطيني الضيف، وإجراء لقاء صحفي مطول معه، وهو المحاط دائما بالأصدقاء والمعارف، ومع ذلك، تمكنا من افتكاك حوار سريع أو دردرشة على الطاير.. تابعوا:
– الشعب الفلسطيني يعاني من جدار الفصل الإسرائيلي في الضفة، ولا نرى مبررا لإقامة جدار على حدود غزة..
– رحيل الدكتور سمير غوشه أحدث صدمة.. لكن الجبهة تماسكت في وجه المحاولات المغرضة بفضل ثبات المناضلين والتفاف الشعب الفلسطيني حول مؤسساته الديمقراطية
– المجلس المركزي يجدد لرئيس الدولة، أما رئيس السلطة فهو منتخب من الشعب، وهو باق لحين انتخاب خلفه…
رحيل الدكتور سمير غوشه الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني ترك آثاره على الساحة الفلسطينية، وكانت له نتائج طغى مفعولها على تماسك التنظيم وعلى معنويات المناضلين، كيف واجهتم هذه الصدمة؟
– من الطبيعي أن تنتهي حياة المناضل بالشهادة في سبيل القضية التي كافح وضحى لأجلها، وهذا ما انتهت اليه مسيرة الدكتور سمير غوشه النضالية، ومنها 42 سنة على رأس جبهة النضال الشعبي الفلسطيني، التي كان أحد مؤسسيها وأمينها العام منذ انطلاقتها عام .1967
لقد فارقنا المناضل الكبير سمير غوشه، بعد أن تمكن منه مرض عضال، ولكن عمل الجبهة استمر، بحسب ما ينص عليه نظامها الداخلي في مثل هذه الحال، حيث انتخب المناضلون أمينا عاما جديدا هو الدكتور أحمد مجدلاني، وهو مناضل معروف في ساحة النضال الوطني الفلسطيني، وبذلك تم تجاوز أزمة فقدان الجبهة لرمزها المؤسس، وتابع المناضلون مهامهم ضمن المؤسسات العاملة تحت راية الجبهة في مختلف أنحاء فلسطين.
بالفعل كان هناك من يتربص بالجبهة، لكن الأمور سارت بشكل مرضٍ للغاية، وقد بادرت اللجنة المركزية كما ذكرت إلى انتخاب الأمين العام الجديد الدكتور أحمد مجدلاني، وترشيحه للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهو يؤدي مهامه حاليا، بما يمتلك من خبرة وإمكانات، يعرفها عنه أبناء الشعب الفلسطيني الذين سبق أن خبروا مؤهلاته، في فترة شغله منصب وزير العمل في السلطة الوطنية الفلسطينية.
طبعا كان هناك من يراهن على أن تنتهي الجبهة إلى زوال، أو على الأقل تصاب بشلل، إن لم يكن انشقاقا في صفوفها، وهي الأمنية الغالية على أعداء الشعب الفلسطيني، وقد أحبطتها فصائل المناضلين، وقيادة الجبهة، كما سبق أن أحبطت محاولة العدو التصفوية منذ الانطلاقة وحتى يومنا هذا، كل هذا بفضل عزيمة المناضلين، كما أسلفت، العزيمة القائمة، والمستمرة حتى تحقيق أهداف شعبنا الفلسطيني، التي هي أهداف الجبهة وأساس نضالاتها وتضحيات شهدائها.
الجدار الفولاذي المصري على الحدود مع غزة، كارثة جديدة تضاف إلى معاناة القطاع المحاصر، كيف تنظرون لهذه القضية وكيفية معالجتها؟
– لقد عانى الشعب الفلسطيني ومايزال يعاني، من جدار العزل الاسرائيلي، الذي تسبب في كوارث خطيرة على حياة المواطن وعلى تاريخ وجغرافية الوطن، فهو ليس جدار فصل وحسب، بل جدار تفتيت وتدمير لمفهوم الوطن الفلسطيني كما أرادته اسرائيل وتعمل على استمراره، وعلى هذا فإن الحديث عن جدار جديد، يزيد من حساسية شعبنا تجاه هذه الظاهرة، مهما كانت المبررات ومنها المبرر الأمني، فالمعروف أن مفهوم الحفاظ على الأمن الوطني أخذ أبعادا مختلفة عما كان معروفا في السابق، مع تطور وسائل اختراق الجدران والعوازل والتحصينات وبالتالي، لم يعد مفهوم الحدود الآمنة قائما بالشكل المعروف، لكن الأمن والحدود الآمنة، يمكن أن يتحققا ضمن عملية سلمية شاملة، ويتم هذا بالعمل على بناء السلام وليس بناء الجدار، وذلك بالاستناد إلى الشرعية الدولية، وحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وسبل تحقيقها كاملة غير منقوصة.
أما بالنسبة للجدار على حدود غزة، فهو يختلف عن ذاك المقام على الضفة الفلسطينية المحتلة، ولا نرى أية مبررات لبناء هذا الجدار، خاصة وأن الاحتلال الإسرائيلي جاثم على الجسد الفلسطيني، وقد نناقش موضوع الحدود وحمايتها، لكن ليس قبل جلاء الاحتلال واستعادة الوطن الفلسطيني، وجميع حقوق الشعب الفلسطيني.
ترحيل موعد الانتخابات الرئاسية والتمديد للرئيس أبومازن، بولاية جديدة بقرار من المجلس المركزي، كل هذا يلقى رفضا من طرف (حماس) وربما فصائل أخرى، فهل الوضع في طريقه إلى مزيد من التشتت وتوسيع رقعة الخلاف وتعميق الشرخ الفلسطيني؟
– دعنا نفرّق بين أمرين، الأول يتعلق بدستور منظمة التحرير الفلسطينية ونظامها الداخلي، وفيه أن المجلس المركزي يجدد الولاية لرئيس الدولة وليس لرئيس السلطة، بمعنى أنه طالما، أن الظروف لم تسمح بإقامة انتخابات رئاسية للسلطة، فإن رئيسها يبقى هو رئيسها، لحين إجراء انتخابات جديدة مع توفر الظروف السانحة لذلك. ونفس الأمر بالنسبة للمجلس التشريعي، يستمر في أداء مهامه لحين إجراء الانتخابات الجديدة بحسب توفر الظروف المناسبة.
وبالتالي فإن تجديد الولاية الذي جرى، تم لرئيس الدولة، وليس لرئيس السلطة، لأن هذا الأخير يبقى في منصبه طالما لم يتم انتخاب خلف له، وطالما لم يؤدّ الرئيس المنتخب اليمين الدستورية حسب الأصول.
الرئيس أبومازن لم يستقل من منصبه، إنّما أعلن أنه لا ينوي ولا يريد ترشيح نفسه في انتخابات رئيس السلطة القادمة، والتي قد تجري في خلال سنة أو سنتين أو أكثر حسب ما تقتضيه الظروف.
طبعا الرئيس أبومازن، استاء من امتداد فترة المفاوضات على مدى 14سنة، فرأى أن هذه المفاوضات تحولت الى غطاء لاستمرار الاحتلال وفرض وقائع جديدة على الأرض، لكي يصلوا الى فرض حل يتعلق بالسكان وليس على الأرض، التي تقام عليها المستوطنات ويجري توسيعها باستمرار، ويبقى للفلسطينيين فقط أن يقيموا ما يمكن تسميته ”حكم ذاتي” أو سلطة وطنية أو دولة بمقومات خاصة… سميها ما شئت، لكن ليس دولة مستقلة بحسب ما نصت عليه الاتفاقيات الدولية والتي يجري التفاوض على أساسها.
أما الخلاف مع حركة حماس، فهو خلاف سياسي، لأن الحالة القانونية في هذا الشأن واضحة، بحسب ما أوضحت لك سابقا، ذلك أن المنظمة ليست مخولة بحل المجلس التشريعي الذي يعني بدوره، حل مجلس الرئاسة، وإخواننا في (حماس) ونظرتهم للورقة المصرية، تظهر أنهم لا يريدون انتخابات ولا يريدون مصالحة وطنية.
فلو وافقوا على الورقة المصرية ووقعوا على مشروع المصالحة الوطنية، لأمكننا بعد ذلك الخوض في تفاصيل أية نقطة خلافية قد تبرز أثناء التطبيق، مهما تطلب ذلك من وقت، فالفصائل الأخرى في معظمها لها ملاحظات على هذه الورقة ومنها ملاحظات جوهرية، لكن المطلوب الآن هو الخوض في مسار المصالحة، والتصالح، الى جانب حل أي خلاف طارئ، بحيث تمنع اسرائيل من استغلال هذه الثغرة في الوضع الفلسطيني واللعب على هذا المبرر، وتعمل على استمرار الانقسام الفلسطيني حتى لا تقدم أي استحقاق سياسي.
وإن كانت إسرائيل ليست بحاجة لمبرر لكي تستمر في سياستها، لكن هذه الوضعية تعزز موقفها أمام المجتمع الدولي، وتتفادى الضغوط الدولية المعنية بعملية تحقيق السلام والراعية للعملية السلمية برمتها.
مستقبل الحوار الوطني والمصالحة المنشودة في هذه الحالة تبدو ملامحه غامضة، كيف ترون آفاق العمل بهذا الاتجاه؟
– الحوار مطلوب، ففي البدء كانت الكلمة، وكل توجه نحو أي شكل من أشكال ”الحوار المسلح” مرفوض تماما، وبالتالي المطلوب من (فتح) و(حماس)، وكل الفصائل المبادرة الى التوقيع على الورقة المصرية، والبدء بحوارات بناءة حول المواضيع المختلف حولها، سواء كانت ضمن بنود هذه الورقة، أو ما قد يستجد مستقبلا، دون ذلك ستبقى قضيتنا رهينة للموقف الإسرائيلي، والموقف الأمريكي، وتتحمّل (حماس) نتيجة كل هذا، إن لم توافق على التوقيع على هذه الورقة الخاصة بالمصالحة الوطنية الشاملة.
ماهي الصورة التي أصبح عليها الوضع الفلسطيني الحالي وماهي آفاق العمل الوطني مستقبلا، وعلى ضوء التطورات الدولية المستجدة؟
-العمل الوطني الفلسطيني يستند أساسا على العمل الشعبي، بصمود الشعب الفلسطيني على أرضه وتمسكه بحقوقه في وطنه، وبهذا يعيق المشروع الصهيوني في فلسطين، فخروج أي فلسطيني خارج الأرض المحتلة يصب في خانة المصلحة الإسرائيلية ويخدم مشروع الاحتلال، لهذا فإن صمود الناس وثباتها على أرضها هو أكبر عامل لحماية فلسطين وأكبر ضامن للحقوق، وهو بالتالي السبيل لفرض الأمن والسلام بالمنطقة، فالعالم اليوم غير مهيأ ولن يقبل أو يجيز عودة الصراع العربي الإسرائيلي من جديد، بالشكل الذي ألفناه في فترات سابقة.
فالشعب الفلسطيني اليوم، يلبي باستمرار دعوات انضمامه للاحتجاج على الممارسات الاسرائيلية والمطالبة بإزالة جدار الفصل، ووقف الاستيطان، والأهم من هذا كله مطالبته اليومية بتحقيق المصالحة الوطنية عبر الحوار الجاد والمسؤول، لتفويت الفرصة على اسرائيل وأمريكا، في فرض حل الأمر الواقع والتنكر للحق الفلسطيني في الحرية والاستقلال وإقامة الدولة المستقلة.
إسرائيل تراهن على الانشقاق الفلسطيني واستمرار الخلاف، بالاضافة الى التضييق على شعبنا ودفع أبنائه الى الهجرة وإفراغ الأرض من ساكنيها، أي أصحابها الشرعيين.
أما إمكانية تحقيق حل بأي شكل، في الوقت الراهن فتكاد تكون معدومة، وعلى هذا نلاحظ التلاعب الإسرائيلي بتفويت الفرصة على المطالب الدولية بإقرار الحل الشامل، من خلال إسقاط كل حكومة تقترب من الحل تحت الضغط الدولي لتحل محلها حكومة جديدة تعيد إنتاج وممارسة ذات اللعبة من جديد.
في الأخير، هل لك أن تمدنا بانطباعاتك عن الدعم الجزائري للقضية الفلسطينية، وعن شعورك حيالها بمناسبة زيارتك هذه؟
– نحن على علاقة وطيدة مع الجزائر، سواء عبر الجبهة أو عبر منظمة التحرير الفلسطينية، أو العلاقة التاريخية بين الشعبين الجزائري والفلسطيني، من هنا وجد استمرار التواصل بيننا، خاصة وأن الجزائر التي قدمت الكثير لفلسطين وقضيتها، ومازالت تقدم بسخاء لهذه القضية، دون أن تتأخر لحظة في تلبية مطالب واحتياجات العمل الوطني الفلسطيني، ودعم منظمة التحرير، وقد تمثل ذلك باحتضان الطلاب، وإقامة الدورات العسكرية، الأكاديمية، الدعم المادي بكل أشكاله… وما نطمح إليه هو تعزيز هذه العلاقة وتطويرها باستمرار، عبر استمرار التواصل والتفاعل مع الأخوة المسؤولين في الجزائر.
وما نريده من جانبنا هو استمرار هذه العلاقة المتينة الواضحة بدون لبس أو غموض، الى أن تعود فلسطين، ونتمكن من الوفاء للجزائر، ببعض ما قدمته وتقدمه للقضية الوطنية الفلسطينية.