إعادة التفكير في حل الدولتين
بقلم :يحيى رباح
أريد أن أشكر مركز التخطيط الفلسطيني، وأنوه بإعجاب وتقدير عال عاد إلى برنامجه الجديد الذي يضاف إلى نشاطاته لخدمة القضية الفلسطينية، وهو برنامج “ترجمات إستراتيجية” الذي تلقيت إصداراته الثلاثة الأولى، ومن بينها موضوع هذا المقال، وهي الورقة -الدراسة- التي قدمها اللواء الإسرائيلي المتقاعد “جيورا إيلاند” إلى معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، في أيلول 2008، وقد قام بالترجمة اللواء الفلسطيني المتقاعد عمر عاشور فالشكر له على ذلك.
وبداية: فإن “جيورا إيلاند” كان رئيساً لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي ما بين عامي 2004 و2006، وكان قد خدم في الجيش الإسرائيلي لمدة ثلاثة وثلاثين عاماً، وترأس في نهاية خدمته فرع التخطيط الاستراتيجي، وهو الآن باحث متقدم في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي في تل أبيب.
وما كتبه “جيورا إيلاند” ليس سوى استمرار لعمل بدأ منذ عام 1989، وتجدد في العام 1999 على يد “زئيف شيف” المحرر العسكري الأكثر شهرة لصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، حين طلب منه معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أن يقدم دراسة لمجموعة صنع القرار الأميركية حول المتطلبات الأمنية الإسرائيلية في حدها الأدنى، في المباحثات مع الجانب الفلسطيني، وبعد وفاة “زئيف شيف” في حزيران 2007 لجأ معهد واشنطن إلى اللواء “جيورا إيلاند” ليواصل المهمة، الذي قدم ورقته التي تعتبر تحديثاً لورقة “زئيف شيف” حول الشروط الإسرائيلية المسبقة لإقامة الدولة الفلسطينية، والاستخلاص المروع الذي وصل إليه “جيورا إيلاند” وهو استحالة إنتاج سلام إسرائيلي فلسطيني آمن ودائم من داخل إطار العمل عل حل الدولتين.
ويقدم “جيورا إيلاند” لمعهد واشنطن، ولصناع القرار الأميركيين بدائل عن حل الدولتين، من أهمها ما يسمى بالحل الإقليمي، الحل القائم على تبادل الأراضي بين إسرائيل والفلسطينيين والأردن ومصر، وتوسيع مساحة قطاع غزة إلى ثلاثة أضعاف مساحته الحالية ما بين رفح والعريش في شمال سيناء.
وبالمجمل يرى “جيورا إيلاند” أن الأراضي التي تقدمها مصر والأردن في إطار هذا الحل الإقليمي ستفوق إجمالي مساحة الضفة.
ويرى ” جيورا إيلاند” أن هذا الحل الإقليمي، لن يقبل بسهولة، وربما يستمر التشبث بالوضع الراهن، أو التشبث بحل الدولتين غير القابل للتحقيق، وهذا سيضاعف من المشاكل والانفجارات المحتملة.
ولكن الكثير من الأطراف سترى أن لها مصلحة في هذا الحل الإقليمي وخاصة الاتحاد الأوربي، والولايات المتحدة، وأطراف الحل أنفسهم، والعديد من أطراف المجتمع الدولي.
الدراسة منشورة بلغات متعددة، ويمكن للمهتمين أن يحصلوا عليها بسهولة، والأفكار المطروحة فيها ليست جديدة كلياً، بل يتم تداولها منذ عقود، ولكن تسليط الضوء على هذه الأفكار الآن له معاني كثيرة، ويمكن لهذه الدراسة أن تعيد طرح العديد من الأسئلة:
هل الموقف الأميركي الجديد الذي أعلنه الرئيس أوباما له علاقة مباشرة أو حتى ضمنية بالأفكار الواردة في هذه الدراسة؟
هل الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة في خريف 2005 كان خطوة على الطريق؟
هل الانقسام الذي جرى في 2007 وشجعته إسرائيل وبعض القوى الإقليمية كان بإيحاء من هذه الأفكار؟
هل استعصاء المصالحة الفلسطينية، وتهديدات الحرب الإسرائيلية هي من قبيل دفع هذه الأفكار والتصورات إلى حيز التنفيذ؟
يجب علينا أن نفتح أبواب النقاش.