صرخة عمالية لأصحاب القرار
بقلم النقابي : محمد العرقاوي
لا بد من التأكيد أولاً وقبل فوات الأوان والانجرار في الحديث المتشعب على أن سياسة الحكومة الفلسطينية ايجابية إلى ابعد الحدود، ونحن لا نريد أن نسمح لأنفسنا بالتشكيك في هذه السياسة الداعمة لجميع قطاعات أبناء شعبنا وشرائحه .
وليس للمديح لكنها الحقيقة ، إنها عبارة عن خلية نحل تعمل من أجل بناء هذا البلد المنكوب ، إلا أن التفكير يسترقني بعض اللحظات للتفكير بالعمال العاطلين عن العمل القابعين في بيوتهم والجاثمين على درجات وأعتاب الأزقة والحارات دون عمل ودون أي مصدر رزق لهم.
فمن هو المسؤول عنهم يا ترى ؟
أبناء هؤلاء العوائل وطلابهم من يوفر لهم مصاريف القرطاسية والرسوم الإضافية والحقيبة ؟ ومن يستر عورات هذه العائلات من قبيح الفقر المتجذر والبؤس المزمن ؟
في الوقت الذي نرى كل يوم مطالب الموظفين تتحقق بفضل نضالهم المطلبي ، وكل يوم نرى الاحتجاجات العمومية من اجل ترميم وتحسين مطالبهم الحياتية، ويجدون آذان الحكومة الصاغية لهم مع كل الاحترام والتقدير .
وها هي إضرابات المعلمين تأخذ صدى واسع لدى الحكومة ، وهذا طبعا لأن المعلمين يقدموا الخدمة للحكومة ولكونهم موظفين لدى الحكومة ولا تريد الحكومة تعطيل أدواتها ووسائل إنجاحها وكأن العمال خارج نطاق هذه الوسائل .
لكن السؤال الأكبر من يسمع صوت العمال الفقراء ؟ من يسمع صوت الجياع في الأرض الفلسطينية ؟ من يسمع أنات المهمشين على قارعة الطريق دون عمل ولا مصدر رزق لحياتهم وحياة أطفالهم .؟ أين الحكومة من هذه المعطيات الخطيرة ؟ فلماذا لم تأخذ الحكومة على عاتقها خطة لمساعدة هؤلاء العمال الذين قضى الآلاف منهم سنوات عديدة دون أي عمل ؟ ولماذا الحكومة لا تقوم بلفتة كريمة تجاه هؤلاء الكادحين .؟
نحن نعلم بأن العمال باتوا يسألون عن توفير لقمة الخبز لأطفالهم في الوقت الذي تعطي الحكومة الامتيازات تلو الامتيازات لموظفين رفيعي المستوى، وتوسع الهامش لفئات مستفيدة في هذا المجتمع لتستفيد أكثر وأكثر ؟ ونحن لا حسد من كل ذلك .
لكن ألا يحق للعمال الفقراء حصة من الحد الأدنى لهذه الامتيازات ؟ ألا يحق لبناة هذا المجتمع أن يعيشوا أسوة بالموظف الفلسطيني ، والتاجر والقائد وغيره وغيره ؟.
من هنا فإنني استصرخ الضمائر الحية الفلسطينية للنظر إلى الطبقة التي تعيش في مستنقع الفقر للنظر إلى أبناء الفقراء المهمشين الذين ينظرون لأطفال الأغنياء بنظرات حزينة وبائسة . .. كما أنني أهيب بالحكومة الرشيدة التي ولحسن حظنا يقودها قائد اقتصادي عملي جداً وليس من باب المديح ولا المجاملة فهو من أوقف نزيف التبذير بالمال العام .
أهيب مرة أخرى بهذه الحكومة للعمل على نصرة الفقراء والعوازل في زوايا زنازين الهبوط والشؤم ومجامع الركود العائمة .
وأن تقدم لهم المزيد من المساعدات الطارئة والتنموية وتدعّم المشاريع التي من خلالها در الربح البسيط الذي يقيت ويسير عمل العائلات المحتاجة منهم .
ومع احتفالات يوم المرأة التي حققت المكاسب الكثيرة في سوق العمل على حساب الرجل مع تقديرنا إلى بعض انجازاتها ، كما أن عيد العمال قادم في الأيام القليلة القادمة فماذا نقول للعمال ؟ماذا تقوم النقابات العمالية للعمال الذين ستحتفل بعيدهم الوطني ؟ وماذا تقول الحكومة في إزاء هذا اليوم العالمي المشرف ؟ وماذا سيقوم المجتمع الفلسطيني لعمال لن يحصدوا سوى الوعودات الوهمية وفقاعات الكلام الخطابي المعسول ؟.
كلنا مطالبون بأن نتحمل مسؤولياتنا الجمة تجاه هذه الطبقة الأنبل في مجتمعنا الفلسطيني وعلينا أن نسير باتجاه توفير لقمة عيشهم وليس محاربتهم تحت شعارات وبنود واهمة ،ولا نسيانهم تحت ذرائع غير مجدية ،كما نحن مطالبون بخلق قيادات نقابية وعمالية لتعزز دور القيادة المناضلة الحالة وأخص بالذكر وليس من باب الانحياز له قيادة الاتحاد العام لعمال فلسطين التي تحارب من عدة تيارات خارجية وداخلية وتلقى العقبة تلو الأخرى لإضعاف هيبتها ، إلا أنها لازالت وستبقى ترفع راية النضال العمالي الفلسطيني الطبقي،رغم العديد من الإخفاقات لها وهذا ليس عيباً فيها بل عيب الظرف العام العصيب المحيط بنا جميعاً ،وليعش عمالنا أحرارا يستنشقون هواء الرخاء والرفاهة أسوة بشرائح مجتمعنا الفلسطيني .