خرافة المال ..الموعود
بقلم :حمدان الجعدي
تأكيدا على جدية المبادرة سارع الزعماء العرب في قمة سرت الليبية ،إلى رصد مبلغ نصف مليار دولار لتبرير فحوى شعار، ٌدعم صمود القدس،الذي اجتمعوا تحت ظلّه ، فهل هذه الخطوة العربية كافية فعلا لتحقيق شعار القمة ؟..السؤال جاد بقدر ما هو مشروع وملح.
فلسطين باتت مرعوبة من مجرّد ذكر إمكانية تدخّل المال العربي في شؤونها ،تخشى تسرّبه إلى حياضها أكثر مما تهاب التكرار العبثي لفواجع تاريخها المأساوي ،فلطالما اخطأ المال العربي طريقه إلى المؤسسات الشرعية ،عند الحاجة إليه لأجل بلسمه جراح فلسطين ومواساة نكباتها ،ولطالما اخفق في الوصول إلى العنوان الأصح.
لكن المال العربي ،كما عرفته فلسطين حتى الآن ،كان دوما وما زال يعرف كيف يشق طريقه صوب جيوب الفتنة وحسابات أصحابها من أهل الشقاق والنفاق ومدبّري أسباب الخلاف والانقسام.. فهل هناك من ينكر دور المال العربي الذي يضخّ ضخّا إلى الحسابات السرية لقادة الفرقة والفتنة ،في تغذية أصنام الإمارة الإسلامية وحكومتها الافتراضية في غزّة المحاصرة ، بقدر ما يشد من أزر الرجس والفساد في دواليب السلطة الوطنية بالضفة الفلسطينية المحتلة ؟.
أن ننسى لن ننسى أن أموال الفتنة تلك ،هي التي عملت على الفت والنخر في عضد وحدة منظمة التحرير الفلسطينية ،وتفجير الفصائل المنضوية تحت لوائها من الداخل ،تحويلها إلى أشلاء أو دكاكين متناثرة بين زواريب الدوائر الغامضة في عواصم عربية بعينها ،بحيث لم يبق في ساحة النضال ، فصيل أو حزب فلسطيني واحد لم يصب بمحنة التصدع والانشطار ،التي لا غاية من ورائها سوى تصفية القضية ونفض يد النظام العربي عنها.
أن ننسى لن ننسى أن أموال الفلسطينيين ذاتها ،والتي هي حق لهم على العالم اجمع مازالت معلقة في دهاليز النظام العربي الذي يرفض السماح لها بالمرور إلى وجهتها ،ما لم يؤمّن نصيبه غير المنقوص في ابتزاز اصاحابها الشرعيين ،فما جدوى الشروع بعدها في الدجل المكشوف ،والتشدق بخرافة الملايين العربية لأجل القدس ودعم صمودها.
كان حريا بالنظام العربي إقرار ميثاق شرف يلزم أطرافه عدم الإضرار بالقضية القومية ،والامتناع عن التآمر عليها ،لا سرا ولا علنا..وستكون لهم فلسطين ممتنّة شاكرة.