يوم الأرض الفلسطيني، ناقوس تحذير من خطر الإخطبوط الصهيوني، ولا من مستجيب في دنيا العرب…
تاريخ فلسطين دشّن محطّته المتصدية، هذه المرة، على روابي بلدة سخنين، الواقعة في الجليل الفلسطيني المحتل ،غداة هدنة العام 1948 ،تلك الهدنة التي تلت الهزيمة العربية الأولى، وسجّلت بداية حلقات النكبة الفلسطينية الكبرى.
كان الطقس مشمسًا في ذلك الصباح الربيعي المعلن عن أولى تباشير يوم 30 مارس 1976 ،وإن جاءت ملامحه محمّلة بنسائم باردة مندفعة من الغرب، كما هي الحال دائما في مثل هذا الفصل من السنة، وقد انطلق أهالي سخنين صوب أعمالهم المعتادة، يسابقون أشعة الشمس المتدفقة على حقول ومزارع البلدة، دون انتباه لما كان يحاك لها من ضغائن وأحقاد، هي أصلا من خصائص الدوائر الصهيونية المعنية، بإنجاز وتحقيق مشروع إسرائيل الكبرى، أو الدولة اليهودية العنصرية الممتدة ما بين نهري النيل غربًا والفرات شرقًا.
تقدمت آلة الحرب الإسرائيلية صوب البلدة، لضبط الأوضاع، وتسهيل عملية مصادرة أراضي سخنين، بساتينها وحقولها، وما إن اتضحت النية المبيتة لسلطات الاحتلال، حتى انطلقت أجراس الكنائس، تدق ناقوس الخطر، فيما تعالت أصوات المؤذّنين بالمساجد، داعية الى الحيطة والحذر، رصّ الصفوف، والاستعداد للمواجهة دفاعًا عن الأرض، الكرامة والعرض.
إرادة الإنسان الفلسطيني تجسدت يومذاك في موقف التصدي والمواجهة الذي أعلنته جماهير الجليل الفلسطيني دفاعًا عن الأرض في سخنين المستهدفة، وما أن حلّ المساء وأشرفت الشمس على المغيب، حتى تراجعت آلة الحرب الصهيونية فانبرى ،أهالي البلدة الجريحة للاعتناء بضحايا المواجهة من الجرحى، وإجلاء جثامين الشهداء من ساحة المعركة التي دارت رحاها على محيط البلدة ،بين العرب العزّل، والقوات الصهيونية المدججة بأسلحة الفتك والدمار.
هكذا تحولت البلدة العربية في الجليل الفلسطيني المحتل، إلى رمز حي لإرادة الصمود والتصدي في وجه المشروع الصهيوني الرهيب، ومنها انطلقت صرخة يوم الأرض، محذرة جموع العرب من الخطر الداهم، الذي بات يهدد الأمة في مستقبل وجودها.
منتصف شهر ديسمبر من عام 1981 ،تفاجأ العالم بقرار الكنيست الإسرائيلي ضم الجولان السوري المحتل إلى الدولة العبرية، وقد زاد من هذه المفاجأة أن قرار الضم لم يشمل الضفة الفلسطينية المحتلة، على حدّ ما كان متوقعًا، لكن الإرهابي مناحيم بيغن وعصابته الصهيونية، أوضحوا بالقول: ”إن إسرائيل لا تضم أرضًا هي أساسًا ملك لها، وجزء لا يتجرأ من حدودها”.
بهذه العقلية، تتصرف الدولة العبرية، التي استطاعت أن تخلق سابقة لم يعرف لها تاريخ البشرية مثيلاً، فهي الدولة الوحيدة التي تحظى بعضوية الأمم المتحدة، دون أن تعلن رسميًا عن حدودها الجغرافية والسياسية، وهي لذلك تمارس دور المبتز المستفز في الساحة الدولية، تمد يد عدوانها أنّى شاءت تضرب في لبنان، وسوريا، والعراق وتونس… وتهدد إيران وتركيا ودول إفريقيا، دون أن تلقى عقابا أو تطالب بحساب عن أفعالها، وكأنها بذلك تعلن لمن يريد أن يسمع الجواب… إلى هنا تمتد أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل، ولما بعدهما بقليل أو كثير حسب ما تقتضيه مصلحة المشروع الصهيوني الكبير.