هناك دوماً ما يوحدنا…….. بقلم : الرفيق أنور جمعة

2010/04/21
Updated 2010/04/21 at 11:30 صباحًا

هناك دوماً ما يوحدنا

                                                                      بقلم الرفيق : أنور جمعة

تعيش الساحة الفلسطيني منذ ما يقارب الثلاثة أعوام حالة من الفرقة و الانقسام لم تشهدها من قبل ، و خاصة أنها تهدد في حال استمرارها بالقضاء على المنجزات الوطنية التي حققها الشعب الفلسطيني بفعل تضحياته الجسام على مدار عقود من النضال الوطني قدم خلالها الشعب الفلسطيني قوافل من الشهداء و الأسرى و الجرحى من خيرة أبنائه و شبابه .

إن حالة الإنقسام ألحقت أضراراً فادحة بالمشروع الوطني الفلسطيني ،  و آثارها السلبية لم تتوقف عند حد تراجع أهمية و مكانة القضية الفلسطينية في المحافل و الميادين الدولية ، بل طالت آثار الانقسام كافة جوانب الحياة في المجتمع الفلسطيني ( سياسياً – اقتصادياً – اجتماعياً – ثقافياً ) حيث باتت مظاهر الصراع الداخلي السمة البارزة للمشهد الفلسطيني في وقتنا الحاضر .

و المفارقة العجيبة في المشهد الفلسطيني تكمن في حالة التناقض الغريبة بين القول و الفعل ، فمن جهة نرى و نسمع الكثير من القيادات الحزبية و القوى السياسية تتشدق بأهمية الوحدة الوطنية و تحذر من مخاطر الإنقسام و تنادي بضرورة الاتفاق و الوفاق و تغليب المصلحة الوطنية ، و من جهة أخرى تقوم هي نفسها بممارسات و إجراءات على أرض الواقع تكرس حالة الانقسام و تعمق فجوة الخلاف و تزيد من حدة الصراع الداخلي .

إن ما سبق يعكس حالة التردي و التراجع التي أصابت منظومة القيم التي كانت محل فخر و اعتزاز كل فلسطيني ، فما يحدث اليوم في الساحة الفلسطينية من إنقسام و صراع و تناحر غريب وخارج عن كل  قيم و أعراف و تقاليد الشعب الفلسطيني .

فمنذ متى كانت المصلحة الحزبية الضيقة تتقدم على المصلحة الوطنية العليا لشعبنا؟  و منذ متى كانت مواجهة الاحتلال العدو الأساسي لشعبنا تأتي في مرتبة ثانية بعد مواجهة المعارض السياسي الداخلي ؟ و منذ متى كان العلم الحزبي يعلو على العلم الوطني ؟و مصلحة الحزب فوق مصلحة الوطن ؟ و منذ متى كان الاستخفاف بمعاناة أبناء شعبنا ، و منذ متى كنا نقبل بمصادرة القرار الوطني المستقل ؟ و منذ متى …… ؟؟؟؟؟ و منذ متى …..؟؟؟؟؟ الخ .. .   

لقد آن الأوان لكي يعرف دعاة الانقسام إن فلسطين فوق كل شيئ وقبل أي شيئ ،   و أن الوطن اكبر من الجميع ، و أن التاريخ لن ينسى و الشعب لن يغفر لكل من يعبث بقضيته و مستقبله و أمنه و استقراره ، و إن تجارب التاريخ تثبت أن الشعب الفلسطيني قادر على حماية قضيته و وطنه ، و قادر على محاسبة العابثين بمصالحه ، و قادر على أن يقول كلمته الفصل في الوقت و المكان المناسبين .

إن كل المبررات التي يسوقها دعاة الفرقة و الانقسام لشرعنة الانقسام و تبرير استمراره  لا و لن تنطلي على شعبنا ، فمحاولة تقسيم و تصنيف شعبنا إلى فسطاط خير و فسطاط شر ، و متمسك و مفرط ، و مقاوم و مساوم ، و ممانع و مستسلم ، و وطني و خائن إلى غير ذلك من التقسيمات و التصنيفات التي ما أنزل الله بها من سلطان و التي لن تخفي حقيقة أهداف و مآرب دعاة الانقسام التي تنحصر في الاستحواذ على السلطة و التمسك بكرسي الحكم بأي ثمن و منع و إفشال كل محاولة لرأب الصدع لإنهاء الانقسام و إستعادة الوحدة الوطنية .

إن قراءة بسيطة لمحصلة الحوار الوطني الشامل الذي جرى في القاهرة تبين أن القضايا الوطنية العامة ( ملف منظمة التحرير – ملف المصالحة الوطنية )  قد تم التوصل فيها إلى اتفاق في غضون وقت قصير جداً ، أما القضايا التي يترتب عليها مصالح و مكتسبات حزبية كالانتخابات و الحكومة و أجهزة الأمن فقد كانت حجر العثرة في التوصل لاتفاق بسبب سيطرة عقلية المحاصصة و التقاسم و تغليب المصلحة الحزبية الفئوية الضيقة على مصالح الوطن و الشعب .

 إن المصلحة الوطنية تقتضي من شعبنا و قواه السياسية أن لا تسمح لدعاة الانقسام بالوقوف حجر عثرة في تحقيق المصالحة الداخلية و الذين لا هم لهم سوى الاحتفاظ بامتيازاتهم و مكتسباتهم التي أحرزوها جراء الانقسام فأصبحت مصالحهم مرتبطة ارتباطا و ثيقاً باستمرار الانقسام  .

إن الجميع يدرك أن مصلحة الشعب الفلسطيني في وحدته ، و أن هناك دوماً ما يوحدنا فعوامل الوحدة أكثر بكثير من عوامل الانقسام ، و قضايا الإجماع أكثر من قضايا الخلاف ، فشعبنا الفلسطيني بكافة شرائحه و فئاته و أطيافه السياسية تجمعه أرض فلسطين و القدس و قضية اللاجئين و الأسرى و حلم الدولة و الاستقلال ، و تجمع شعبنا و حدة المعاناة و وحدة الهدف و المصير المشترك ، و يجمعنا جميعاً عهد الوفاء للشهداء بمواصلة النضال لتحقيق الأهداف الوطنية التي قضوا من أجلها و في مقدمتها الحرية و العودة و إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة و عاصمتها القدس و الإفراج عن كافة الأسرى من سجون الاحتلال دون تمييز .

إن كل تأخير في تحقيق المصالحة و إستعادة الوحدة الوطنية  سيؤدي إلى استمرار إلحاق الأذى بقضية شعبنا و مستقبله السياسي ، و سيكون على حساب صمود شعبنا و زيادة معاناته ، و سيفتح الباب واسعاً أمام مخططات الاحتلال الإسرائيلي التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية ، و مشاريعه التي تستهدف الإلتفاف على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة عبر سياساته العدوانية لوأد فكرة الدولة الفلسطينية و القضاء على  مقوماتها  و محاولاته البائسة لإحياء فكرة الحلول الإقليمية لإحتواء و تذويب القضية الفلسطينية أرضاً و شعباً و هوية .

إن الوحدة الوطنية خيار وحيد و ممر إجباري للشعب الفلسطيني لتحقيق الانتصار للشعب و الوطن و القضية ، فهل آن الأوان  لكي ترتقي الفصائل و القوى السياسية لمستوى التحديات و تباشر في طي صفحة الإنقسام ، و هل حان الوقت لتتحرك الأغلبية الصامتة لتمارس ضغطاً شعبياً على كل من يقف عقبة في وجه  تحقيق الوحدة و الوفاق ، ولتقول بصوت عال نعم للوحدة الوطنية لا للإنقسام .

 

                                            * عضو اللجنة المركزية لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني

 

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً