ليس دفاعا عن الرئيس محمود عباس “أبو مازن “،ولكن دفاعا عن الحقيقة ،لقد استفزني تقرير “لشبكة فلسطين الان ” ،بعنوان “عباس يقرأ القرآن”، تلك الشبكة التي عودتنا دائما على تزييف الحقائق ،واصدار صحوك الغفران ،واتساءل هل اضحت حماس من يتحدث باسم الله على الارض ؟ وهل اصبح القرأن حكراً عليها ؟ من أين تأتي المغفرة من الله أم من شيوخ حماس الاجلاء ؟ لم نعلم بعد اذا كان الدين حكرا وكانت حماس وكيلاً حصرياً لتفسير القرأن؟.
لو كنت طبيباً سياسياً ، لإستطعت من خلال الكشف الاولي على حركة حماس ، أن اشخص مرضها ، ديمقراطياً ، بأنه عسر هضم لمفهوم الاخر ، إن ما جرى في غزة في شهر حزيران عام 2007، يشكل انعطافة في تاريخ القضية الفلسطينية برمتها، وبالرجوع إلى التاريخ فحماس تتصرف وفق أجندة خارجية وضعت لها منذ تأسيسها، وذلك وفق ما تمخض عنه المؤتمر الإسلامي الذي عقد في الكويت عام 1981، إن هذا التعارض ما بين “المحلية” والعالمية”و”الفلسطينية”و”الإسلامية”،وان عدم الانطباق بين سياسات الحركة داخليا وارتباطاتها خارجيا ، جعل منها وكيلاً حصريا ومعتمداً لتطبيق اجندات خارجية ،لضمان استمرارها وتدفق المال السياسي ،وكل ذلك يدفع فاتورته أبناء شعبنا في قطاع غزة .
لقد بات لديها في الاستهتار فنون، يمكن تدريسها لشعوب العالم،فهي لا تبالي بالأشياء، ولا تقدر العواقب، تستهتر بكل شيء وتشعر بالفخر إزاء ذلك، تستهتر بالشعب والقضية الوطنية ، ولا تقيم لها وزناً إلى درجة انها ومن خلال تصرفاتها تحتقرها في كثير من الأحيان.
تستهر بكل ما هو خارج مصلحتها ، فلا تكترث للارقام المخيفة التي وصلت اليها حالة الفقر والبطالة وهجرة الشباب من قطاع غزة وطوابيرهم للحصول على تأشيرة سفر ، وربما تسخر من أولئك الذين يحدثونها عن أهمية الوحدة الوطنية ، ظناً منا أننا ستبقى دوماً في أتم صحة وعافية وسيطرة على القطاع الحبيب.
ولا يخفى على أحد أن حماس تستهدف إقامة سلطة دينية إسلامية، وبذلك فان سياستها تستمد من الدين عمقا ذاتيا وسندا روحيا لأيدلوجيتها والدين يتخذ من السياسة وسيلة لنشر كلمته وارتفاع سلطانه ،متخذاً أشكالاً من الممارسات الدينية،أولا دعم الممارسة الدينية للسلطة السياسية السائدة بإعطائها الشرعية عن طريق التأويل النصي وبالتالي تبرير ممارساتها وإعادة إنتاج أيدلوجيتها، وهو ما يظهر بوضوح بالتقرير” لشبكة فلسطين الان ” حول الرئيس محمود عباس بعنوان “عباس يقرأ القران “، ((لكن الجديد ربما بالنسبة لي ، هو ما تغنى عباس بقوله” لقد اعتدت قراءة بعض السور يوميا وأتلو بعض السور التي أحفظها.. أما في الطائرة فإنني دوما احتفظ بنسخة من القرآن الكريم. وأختم القرآن كل ثلاثة أو أربعة أشهر.. إضافة إلى مرة في شهر رمضان” ، مجيبا بذلك على سؤال محاوره”.. شاهدتك في الطائرة تقرأ القرآن الكريم، هل هذه القراءة مرتبطة من السفر ومخاوفه.. أم أنها ممارسة يومية؟. عباس استهل الإجابة السابقة بقوله “هذه عادة يوميا”، وهذا ينفي كون قراءته “عبادة” ، بالتدبر في آياته، فالله عز وجل دعا عباده إلى التدبر فيما أنزله إليهم من آيات كتابه العزيز بسور متعددة؛ فبين أن هذا التدبر هو المقصود بإنزال القرآن بقوله: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29]، وأنكر على من أعرض عن تدبره كما في قوله: {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آَبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ} [المؤمنون: 68]، وأوجب التدبر -كما قال الشوكاني(1)- بدلالة قوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82]، وقوله: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرءان أَمْ على قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24].
ثانياً الثورة والتمرد على الوضع القائم من خلال سلطة تأويل النص الديني،دون برنامج اجتماعي واقتصادي واضح المعالم ، اللهم إلا شعارات تنادي بتطبيق الشريعة وإقامة الدولةالإسلامية”الإسلام هو الحل”، تكريسا للوضع القائم بدلا من تغييره،وبالتالي ، فلن نعثر على المستقبل بكهوف الماضي.
وتتجسد لدى حماس صفتان هما ،الاصطفائية أي أن الله اصطفاها على الخلق،وامتلاكها للحقيقة المطلقة وان دينها هو الحق الذي لا يأتيه الباطل لا من خلفه ولا من بين يديه، وهذه المباديء
تؤدي إلى الاستعلاء على الغير حتى على أبناء دينهم فهم رجال مؤمنين ((المتبع للحركة الإسلامية ))يسير على الطريق المستقيم، ورباني متمسك بتعاليم دينه وهنا ،فكما نرى ومن خلال خطاب حماس تتجسد هذه الصفات بوضوح ،وهي من اقوى الاسلحة التي تستخدمها ضد خصومها السياسيين ، لدرجة أن قراءة القرأن ،من قبل خصم سياسي بنظرها ومن خلال فكرها وهو ليس من الايمان بل “عادة ” .
فنقول لحماس كفى استهتارا ، فلستم اوصياء على الدين ، فلستم حماة الديار، ولستم النموذج الصالح للحكم ، فقد حولتم الوطن والقضية إلى سلعة مادية للبيع والشراء والمقايضة ورهنتم انفسكم لاجندات خارجية واضحيتم وكيلا حصريا ومعتمدا للمصالح الخارجية فانتم مسلسل لا ينتهي من فصول الاستهتار.
بقلم الرفيق: حسني شيلو
عضو دائرة الثقافة والاعلام المركزي
لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني