ملحمة البحر.. فلسطينية
بقلم الرفيق:حمدان الجعدي
مباشرة ،بعد الاعتداء الصهيوني على أسطول الحرية في عرض البحر الأبيض المتوسط لمنع وصوله إلى ميناء غزة المحاصرة ،والذي أسفر عن مجزرة حقيقية استهدفت المناصرين لفلسطين على متن بواخر الأسطول السلمي المسالم ،وقبل أن تحف دماء الشهداء ويتوقف نزف جراح المصابين برصاص الوحشية الإسرائيلية.. بعد هذا وقبل ذاك ،انطلقت أبواق المتربصين بالحدث الجلل ، المستثمرين في آلام فلسطين وجراحها ،الذين ثبت أنهم كانوا على أتم استعداد لانتهاز الفرصة السانحة في هذه المناسبة الأليمة ،ولو بالترويج عبر هذه الأبواق لادعاء مفضوح يناقض حقائق الأمور ،بقصد تجييرها لصالح الدعاوى الأصولية ودعاتها السياسويين.
نحن هنا أمام محاولة وقحة لتزوير التاريخ في لحظة تسطير إحدى أعظم ملاحمه، وكأنما الحشود المناصرة للقضية الفلسطينية التي توافد أفرادها من كل أصقاع العالم، إنّما جاءت طلبا لمباركة دعاة الكراهية وأصحاب الفتاوى المسيئة..
لقد تصرفت إسرائيل بحسب أصلها العدواني وطبيعتها الإجرامية ،والحري بنا أن نعود إلى موروثنا الحضاري ومنه الفلسطيني ،لننهل من منابعه حسن التقدير واحترام مشاعر أصدقاء فلسطين وإخوتها في الإنسانية ،ونبعد الخطاب الديني الشوفيني المتطرف، عن هذا المشهد الإنساني التضامني الذي صنعته فلسطين بمؤازرة أصدقائها الوافدين من كل جهات العالم ،على اختلاف عقائدهم الدينية ومشاربهم السياسية،والذين لا هدف لهم سوى دعم أهالي غزة خاصة ومناصرة قضية الشعب الفلسطيني عامة .
وإذا كان لا بدّ من قول كلمة في هذا الصدد ،فلا مفر من أن تكون، دعوة صادقة لكل أطراف فتنة الانقسام والتشرذم الفلسطيني ،لأن يعودوا إلى رشدهم ،يهدئوا من فورة أطماعهم الشخصية والحزبية وطموحاتهم السياسية الاستبدادية ،ولهم بعد ذلك أن يربطوا مصالحهم المشروعة وغير المشروعة بأية مستثمرة مربحة ،على أن تكون بعيدة كل البعد عن القضية الفلسطينية العادلة وعن الرغبة في توظيفها بشكل مخجل ،مزر و مغرض معا.