جاهل من يعتقد بأن العمل الصحافي مجرد “بريستيج ” ، لا يحتاج إلى امتلاك المعرفة والدراية الكاملة والمتابعة الجلية لمجريات الأحداث والتطورات والتغيرات التي تحصل في المجالات كافة سواء على الصعيد المحلي أو العالمي. لدرجة باتت فيه الصحافة ” مهنة من لا مهنة له” دون أدنى امتلاك للثقافة العامة وفنون الكتابة الإبداعية ومهارات وأخلاقيات العمل الصحافي والوعي بأهمية المادة الإعلامية المطروحة وطرق تحليلها واستقراؤها.
والغريب ” في بلادنا ” أن أي من السواد الأعظم قد يتحول إلى صحافيا ” متميزا ” وبقدرة قادر” ، وليس ضروريا أن يمتلك فكرا أو رأيا أو حتى موقفا لتدعيم رسالته الإعلامية وإحداث التغيير المطلوب ، وإنما يكفى أن يتحول ـ ذلك الدخيل ـ إلى بوق يردد ما يقوله الآخرين لتلميع صورته ورفع أسهمه وتذليل الصعاب أمامه في مواجهة مهامه المتعثرة مستقبلا حتى وإن لم تكن لغة الضاد لديه على ما يرام .
وبحكم متابعاتي اليومية لصناع الصحافة في طولكرم …أجزم بأن هنالك من يستحقون الاحترام والتقدير على جهودهم المبذولة للوصول للحقيقة والدفاع عنها وهم قلة لا يتجاوزون عدد أصابع اليد ” الخمسة ” وبعضهم لا يمتلك الشهادة الأكاديمية في الصحافة وأعتقد بأنه ـ لا ضير في ذلك ـ لكن الأهم هو تطوير الذات وإثراء المهارات والالتزام بأخلاقيات المهنة وقبول الآخر حتى ولو كان ذلك الشخص “فراشا ” ويمتلك رسالة ، وعلى النقيض من ذلك هنالك من يحمل صفة ” الإعلامي ” و ” الصحافي ” ويفتقر للإرادة والمواصفات الصحافية وهم كثر .
ما أود الإشارة إليه هنا ، أن لا أحد يستطيع أن ينكر أن واقع الصحافيين في مدينة طولكرم محزن ويعاني الترهل ويدعو إلى الإشفاق لأسباب وعوامل عدة يعرفها الصحافيون أنفسهم .
لكن يبق السؤال لماذا هذا التراشق الإعلامي بحق بعضنا البعض ؟ والى متى سنبقى نخوض معركة التلاسن ومقارعة هذا الصحافي أو ذاك بعيدا عن المنافسة الشريفة والتميز والإبداع في الحقل المهني ودون أدني ممارسة لواجباتنا ومسؤولياتنا ؟ ولماذا ندعي دائما الكمال ولا نعطي الفرصة لكل جديد ” إذا كان يستحق ” لإثبات الذات على الساحة الإعلامية وإن لم يستطع مواصلة مسيرته فمصيره الرحيل والنقد اللاذع .
لم أمسك القلم لكي أتحيز مع فلان وأدافع عن آخر ولكن لأتحدث عن واقع مأساوي يعيشه الجسم الصحفي برمته،وأعبر عن حالة الاستياء والإحباط والمشهد الهزيل والمضحك الذي يعاني منه الصحافيون في ” مدينة طولكرم ” على الأقل علنا نحاول النهوض بواقعنا الإعلامي وتطوير الكفاءات المهنية لدينا من أجل نشر رسالة المدينة المحاصرة بكل صدق وموضوعية .
في هذا المقام لست أدعي المعرفة الكاملة وامتلاكي للمواصفات المثالية للصحافي الجريء أو المتميز ، وقد أكون صحافية ” وليدة ” في مجال العمل الصحافي إذا ما قورنت بغيري ، لكن يحذوني الأمل بأن يترفع الصحافيين كافة عن صغائر الأمور والمهاترات وينظرون إلى حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم وعدم إتباع سياسة “هز الرأس ” ” والابتسامة الصفراء ” والتصفيق ” ” والتمجيق ” في اجتماعاتهم كافة وكأنهم يعلمون أو لا يعلمون شيئا موافقين أو غير موافقين ، لأنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح وتبق الساحة الإعلامية للأقوى والأفضل .