أيها الوطنيون توحدوا .. لأننا نرفض الانقسام..
بقلم :محمود التعمري
“دع مئة وردة تتفتح ودع مئة مدرسة فكرية تتصارع ، ففي النهاية سيبقى الأحسن والأفضل..”هذه إحدى كلمات القائد الثوري العظيم “ماوتسي تونغ” الذي قاد أكبر ثورة في التاريخ المعاصر وخاض الصراع مع أعداء وخصوم كثر واستطاع أن ينتصر فيها وينشئ دولة اشتراكية عظمى وصلت إلى مصاف عظمة الدول الكبرى الأخرى.
ما دعاني إلى ذكر هذا القول هو هذا الذي نشاهده ونسمعه ونعيشه هذه الأيام على ضوء اقتراب موعد إجراء الانتخابات البلدية في وطن هو بين محتل ومغتصب (الضفة الغربية دون قطاع غزة)، هذا المشهد الذي لا يأخذ في اعتباره أن هنالك بقايا وطن وازدحامات شعب هما بحاجة إلى أكثر من رؤيا وأكثر من وقفة حقيقية جادة تضع مصلحة العام فوق كل مصلحة،مصلحة لا تضيع بين مصالح فردية أنانية وذاتية وغير وطنية، ولا تضع نفسها في حجر هذا المختار أو هذا المنتفع أو تحت إقدام شيخ العشيرة أو رئيس القبيلة – هذا إن بقيت لدينا قبائل.
لقد تحدثت وكتبت أكثر من مرة عن الانتخابات البلدية واستحقاقات المرحلة وعن القوى والفصائل الفلسطينية ودورها في هذه الانتخابات باعتبار أن نتائج هذه الانتخابات ستكون بوصلة تشير إلى أشياء وقضايا كبيرة وكثيرة في مستقبل هذه القوى وعلاقاتها وارتباطاتها وتوجهاتها وطرائق عملها وفعلها في كل ما يتعلق بالعمل الوطني بشكل عام،لأن جملة التراكمات الكمية ستؤدي إلى تغيرات نوعية تظهر نتائجها عند الأفعال العملية.
إن المتتبع لكل ما يحدث من مواقف وانفعالات وأفعال وتناقضات وصراعات وتكتلات وانقسام خلايا وعودة للسلاطين والمتسلطين وأصحاب النفوذ والنقود وكل ما قد يخطر بالبال والذهن سيدرك مدى الخطورة التي قد تلحقها هذه المواقف بقوى الشعب الفلسطيني وتنظيماته المختلفة بشكل عام واخص بالذكر هنا حركة التحرير الوطني” فتح ” بشكل خاص ،وذلك لان هذه الحركة باتت تشكل العمود الفقري للفعل الفلسطيني وحامية أكيدة للمشروع الوطني بمقوماته ومتطلباته العديدة،في ظل الغياب المزري والمثير للشفقة لقوى فلسطينية أخرى كانت في يوم من الأيام ذات تأثير وموقع وقوة ،خاصة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والبعض غيرها ،واعتقد إنني لن أتجنى على الحقيقة إذا قلت أن وضعها بات يثير العديد من التساؤلات الخطيرة في الساحة الفلسطينية ،بعدما كنا نعتبرها القوة الحقيقية التي كانت تشكل قوة المنع والتصليب والتمتين والريادية…وحيث أننا ما فتئنا نعول عليها في تبني فكرة أن كل القوى الوطنية واليسارية ستخوض هذه الانتخابات تحت مظلة وقبة منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي لكل شعبنا الفلسطيني أينما كان وأينما وجد..خاصة وان الكل يدرك ويعلم خطورة الهجمة المسعورة والمحاولات المحمومة التي تقوم بها وتشارك بها أطراف فلسطينية وإقليمية من اجل تدمير منظمة التحرير وإنهاء دورها الوطني التاريخي.
وقد كنا نتمنى أن تقف حركة حماس ومعها حليفتها حركة الجهاد الإسلامي وقفة وطنية مسئولة وتتخذان قرارا وطنيا شجاعا حيال الانتخابات البلدية المقبلة وان لا تفرضان على جماهير شعبنا حرمانا لا وطنيا ولا إنسانيا ولا فيه ذرة من رؤيا وحدوية أو وقفة شجاعة تشير إلى صدق نواياهما ..وهنا نتساءل هل ستجري حركتا حماس والجهاد الإسلامي انتخابات بلدية على مقاسهما في قطاع غزة المغتصب بعدما اتضحت الحقيقة التي تحمل في ثناياها براهين هزيمتهما في أية انتخابات قادمة…؟؟؟!!
وهنا أعود للحديث عن حركة فتح التي نقول لها إن شعبا لديه كل هذه التراكمات من الوعي والمعرفة والتجارب والتاريخ ،لن يستطيع التسامح مع أية تراجعات أو انتكاسات أو انفصام أو بُعدا عن القضية الأهم في تاريخنا ألا وهي قضية جماهير شعبنا ومطالبه اليومية مهما قال عنها بعض قصيري النظر بالثانوية وغير المهمة والتافهة كما يروق للبعض القول عنها ،حيث أن هذا البعض يعتبر أن الأهم له أن يحوز على مقعد في مجلس بلدي أو يُختار ابن العائلة أو ابن الحمولة أو العشيرة في قائمة الانتخابات لهذا المجلس أو ذاك ،دون الالتفات إلى مستوى هذا الفرد من حيث الوعي والمعرفة والأصالة والسلوك والتاريخ والوطنية والانضباط والاستعداد للعطاء دون النظر لراتب شهري أو عدة شواقل تُعطى له عن كل جلسة قد يجلسها المجلس البلدي الذي هو عضو به إذا ما فاز بذلك.
إن حركة فتح مدعوة لأن تأخذ في يدها زمام مبادرة وطنية على صعيدين أساسيين هما، الأول: أن تضع حدا لكل المهاترات والخزعبلات والصراعات والانقسامات التي لا تبشر بخير إن بقيت هذه الحالة على ما هي عليه ألان، وتتجه نحو غربلة حقيقية لكل الأسماء المطروحة في كثير من المناطق،دون الالتفات إلى مصالح فردية ضيقة تُسئ إلى سمعة الحركة في أذهان جماهير فتح، لأن مصلحة جماهير شعبنا فوق كل مصالح مهما كانت صفة القائمين عليها..
والثاني: هو أن تتبنى حركة فتح موقفا وطنيا صُلبا أساسه..لتتوحد كل القوى الوطنية في إطار منظمة التحرير الفلسطيني وتحت اسمها ورايتها وبرنامجها الوطني..دون النظر إلى مصلحة صغيرة هنا أو هناك،ولتكن كل قوائم الانتخابات البلدية تحت اسم منظمة التحرير حتى لو لم يكن إلا فصيل واحد دون غيره في قرية أو بلدة أو مدينة…لان ذلك يُعتبر أساسا لتجسيد قناعة الجميع بوحدانية المنظمة كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني..ولكي يكون هذا الموقف عصا في دولاب ذوي النيات السيئة الذين يتربصون للانقضاض على منظمة التحرير الفلسطينية..
وأنا أرى أن موقفا كهذا تتخذه حركة فتح سيضع الجميع أمام مسئولياتهم الوطنية من جهة ، ومن جهة أخرى يُظهر من هي تلك القوى التي تمارس دورا سلبيا مُدمرا في الساحة الفلسطينية..وأرجو أن لا توجد مثل هذه القوى في ساحتنا الوطنية.
إن فصائل منظمة التحرير الفلسطينية مطالبة ودون استثناء بالتوحد تحت اسم المنظمة لان في توحدها قوة لكل فصيل مهما كان حجمه ودوره وفاعليته..ونحن أدرى بشعاب فلسطين وليس مكة لأننا أصحاب فلسطين ونعرف شعابها جيدا…!!!؟؟
إن يوم 17 تموز ليس ببعيد ، وهو اليوم الذي ستتوجه فيه جماهير شعبنا في الضفة الغربية إلى صناديق الاقتراع لتعلن من خلال ذلك عن إعطاء جوائزها لمن يستحقها دون مواربة أو غش أو خداع ،حيث أنها ستكون حكما نزيها في ذلك وهذا ما سنراه جميعنا على الملأ وأمام العالم من خلال صندوق الاقتراع .