في ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا .. لا نسيان .. لا غفران
بقلم الرفيق : محمد نفاع
في مثل هذه الأيام من سنة 1982، وهي إحدى السنين الأثقل إجراما بعد النكبة وبعد حرب حزيران العدوانية حدثت مجزرة صبرا وشاتيلا ضمن الاجتياح الإسرائيلي للبنان ، وراح ضحيتها أكثر من ثلاثة آلاف ونصف من الفلسطينيين من الجنسين ومن كافة الأجيال ، قُتلوا بالبارود والسكاكين والبلطات ، كان ذلك زمن شارون وبيغن والمليشيات العميلة في لبنان.
الاحتلال الإسرائيلي هو الحارس على المليشيات بطائراته ودباباته وجنوده كما جاء في الصور الموثقة ، طيلة ثلاثة أيام وماكنة القتل الفاشية تقتل بأبشع الأساليب الوحشية الحاقدة ، والقوات الإسرائيلية تعيد الهاربين من جحيم الموت إلى الموت ، والحفارات تحفر القبور العميقة ، والسيارات تكدّس في صناديقها الجثث وتقلبها إلى القبور الأخوية ، جريمة من أبشع الجرائم ضد مدنيين عزّل طردوا من وطنهم ولوحقوا هناك ، سياسة إسرائيل والحركة الصهيونية قبلها عبارة عن مسيرة دموية إرهابية وحشية ، ويظل العالم الحر الحقير ينظر إلى إسرائيل كدولة ديمقراطية ومتمدنة وحضارية ذات سلاح طاهر كما يتشدق زبانية الحكم في البلاد.
تسامح ” العالم الحر ” مع هذه السياسة هو الجريمة ، وتسامح الرجعية العربية مع هذه الممارسات هو الجريمة ، منذ سنة 67 هدمت إسرائيل المحتلة أكثر من 18 ألف منزل واعتقلت ثلاثة أرباع المليون من الفلسطينيين ، وتبقى إسرائيل دولة ديمقراطية وواحة ، كنا يومها لا نزال في صفوف الشبيبة الشيوعية وأصدرنا قمصانا طبع عليها: صبرا وشاتيلا لن ننسى ولن نغفر، لا نسيان ولا غفران ، في نفس السنة تواجد منا وفد في مؤتمر السلام العالمي في براغ ، وأعطينا قميصا للسيد أبو ميزر الفلسطيني ، دخل إلى زاوية مظلمة وبدأ يشهق ويبكي وخرج بعيون دامعة محمرة يصافح ويعانق ويشير إلى شجاعة خطنا كحزب شيوعي وشبيبة شيوعية ، هذا بعد أن قامت المظاهرات الجماهيرية في الناصرة بشكل خاص بدعوة من الحزب الشيوعي والجبهة والشبيبة الشيوعية ، نذكّر هنا الأجيال الشابة خاصة ، والتي ولدت بعد المجزرة عن عيّنات من هذه السياسة الإجرامية لحكام إسرائيل ، ونذكّر الرجعية العربية الحقيرة والمتواطئة مع السيد الأمريكي وإسرائيل التي لم تغير سياستها بل هي في تصاعد ، ونذكّر أولئك الذين يرون في العالم الامبريالي عنوانا للحل ، وعنوانا للسلام.
المأساة بلغت الأوج ، والجريمة بلغت الأوج ، وعلى أنقاض هذه المجازر يجب الانتقال إلى المآثر ، مآثر الصمود والوحدة الكفاحية ، وتفجر الطاقات الشعبية الجبارة في وجه أعداء السلام ، هذا هو السلاح الوحيد الذي لم يجرب على نطاق العالم العربي ضد نظم الخنوع البدائية ومواقفها الخيانية ، وعدم احناء القامة والهامة أمام المتغطرسين المجرمين ، هذه الرجعية المتساوقة والمنساقة مع اكبر نظام إرهابي في العالم ، العالم الحر، أطنان من الورق تدين هذه الرجعية وأطنان من البصق على دورهم وسياستهم ، وهم مكلّحون بجلود قاسية كالنعال ، ودماء منتنة كدم البق وليس فقط أنهم لم يعتبروا ، بل هم يتعمقون أكثر في العمالة.
لم يعرف التاريخ رجعية أكثر نذالة من هؤلاء ، إن دور القوى التقدمية في المنطقة والعالم العربي له تأثيره على أنقاض هذا التشتت والعقد المزمنة والمقرفة والذاتيات والمزاودات التي يجب أن تكون في خبر كان من زمان ، لان الآتي من مخططات اخطر، إن الميليشيات العميلة في لبنان التي تحالفت مع عدوانية وإجرام إسرائيل ، لها بقايا ولها استمرارية ، على كل وطني وشريف ، وعلى كل إنسان عادي أن يضعها في مكانها الطبيعي ، في مزبلة التاريخ، وليس بتعاون مباشر وواضح ومبطن ، منطلقات ضيقة مقرفة فاسدة.
أمين عام الحزب الشيوعي الإسرائيلي