وحدة الحركة النقابية العربية الفلسطينية …. لا عذر لمن يقف أمامها !!
بقلم : رجب معتوق
منذ مدة ليست بالقصيرة ، تجري محاولات لانجاز وحدة الحركة النقابية العمالية الفلسطينية ، لاسيما بين المركزيتين النقابيتين الأساسيتين ، الاتحاد العام لعمال فلسطين بقيادة النقابي حيدر إبراهيم ، والاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين بقيادة النقابي شاهر سعد .وقد سعت الأمانة العامة للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب بجدية لتحقيق هذا الهدف ، لقناعتها بأهميته لمصلحة عمال فلسطين والحركة النقابية العمالية الفلسطينية ، والعمال العرب جميعاً ولصالح القضية الفلسطينية برمتها .فالحركة النقابية العمالية الفلسطينية ، حركة كفاحية مناضلة، لها بصماتها في التاريخ الوطني الفلسطيني ، ولها دورها في مقاومة الاحتلال الصهيوني البغيض لأرض فلسطين، كما كانت لها المبادرة الأولى في وحدة العمال العرب ، ومن المؤسسين للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب .
وبالنظر إلى ما تواجهه القضية الفلسطينية ، القضية المركزية ، وقضية العرب الأولى اليوم من تحديات كبرى ، ومن تعنت وصلف صهيوني رافض لكل قرارات الشرعية الدولية ، ومن تمادي الصهاينة في محاولاتهم لتهويد المدينة المقدسة ، القدس الشريف ، ومواصلة مشروعهم لإقامة الدولة اليهودية الخالية من العرب ، ومحاولاتهم طرد فلسطينيي الـ 48 ، وطرح مشروع الوطن البديل مع ما يشكله ذلك من مخاطر على البلدان العربية المجاورة لفلسطين ومن رفض لمناقشة قضية اللاجئين الفلسطينيين ومحاولات توطينهم أينما وجدوا وإغراءهم بالتعويضات المالية وفقاً لبعض تفسيرات القرارات الدولية المتعلقة بذلك
.وفي سياق متصل مازالت إسرائيل تشرع في بناء المستوطنات ، وتعلنها جهارا رفضها إيقاف بناء المستوطنات وتفكيكها، أو حتى مجرد تجميد البناء فيها ، بل وتمعن في سرقة المزيد من الأرض الفلسطينية ، وتأكيدهم بأن كامل فلسطين هي ارض اليهود كما يزعمون وحسب ما تنص عليه وثائقهم المزيفة والمزورة ، ناهيك عن الآثار المدمرة لجدار الفصل العنصري ، إلى جانب الدعم اللامحدود الذي يلاقونه من القوى الكبرى لاسيما من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوربية والرأسمالية الصهيونية العالمية ، وما يقابل ذلك من تراجع للدور العربي لأسباب عديدة ليس مجال بحثها هنا ، بالإضافة إلى الانقسام الفلسطيني – الفلسطيني ، الذي افقد القضية بريقها وصار من خلاله رفاق كفاح الأمس ، أعداء اليوم، والآثار المسيئة والمشينة التي أحدثها هذا الانقسام للقضية، والنظر إليه على انه صراع على سلطة غير موجودة على الأرض .
كل هذا الواقع وغيره كثير وضع العمال الفلسطينيين في حالة معاناة دائمة، وجعلهم يعيشون شظف العيش وقسوة الحياة، حتى تصوروا أن الآفاق صارت مسدودة أمامهم ، وتحول اهتمام العالم تجاههم وتجاه الشعب الفلسطيني قاطبة ، من اهتمام بقضية شعب سرق وطنه واغتصب، إلى قضية شعب ينتظر حملات الإغاثة والمساعدات الإنسانية! هذا الواقع أضاع حقوق العمال الفلسطينيين في الحياة الحرة الكريمة ، أضاع حقوقهم في نيل وطن حر مستقل مثل بقية شعوب العالم ، افقدهم فرص العمل اللائق، ومجالات العمل الشريف ، رغم كل جهود المنظمات الدولية المعنية بقضايا العمل والعمال وفي مقدمتها منظمة العمل الدولية ومنظمة العمل العربية .
إن الوضع الصعب الذي يواجهه العمال الفلسطينيون يستحضر كم هي الحاجة ملحة الآن أكثر من أي وقت مضى لتضافر الجهود من اجل الإسراع بتوحيد الحركة النقابية العمالية الفلسطينية لتضم كل عمال فلسطين على اختلاف انتماءاتهم السياسية والتنظيمية.
إن إنجاح مثل هذه الوحدة على أرضية الثوابت الفلسطينية والقومية وعلى أرضية مراعاة المصالح العليا للقضية الفلسطينية ومصالح العمال الفلسطينيين كشريحة واسعة من الشعب الفلسطيني من شأنه أن يجعل العمال الفلسطينيين قوة عمل نافذة وقوية وفاعلة من اجل المضي في رفع راية المقاومة والانتصار للقضية العادلة والدفاع عنها في كافة المحافل بصوت واحد جهوري وواضح وقوي لاغاية ولا غرض له إلا السعي إلى تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني في استقلال وطنه وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وفق خياراته التي يحددها بنفسه.
إننا نرى أن الخطوات التي جرت من اجل الوصول هدف تحقيق وحدة الحركة النقابية العمالية الفلسطينية ليست بالهينة ، والنيات بدت واضحة في التعالي على المصالح الفردية والأنانية الضيقة ، والحرص أصبح أكثر حضوراً وبمسؤولية كبيرة وجادة ، إلا أن ما بقى ، يحتاج إلى تصميم أكثر ، والى وعي بمخاطر التراجع أو التردد ، والى استعارة الحماس وعدم فتوره ، والى قطع الطريق أمام كل من يفكر في ضرب هذه الجهود الخيرة ، تحت أي سبب لأنه ما من ذريعة تساق اليوم للنكوص عن الوصول إلى الهدف وبأقصى سرعة ممكنة .
كل النقاط الخلافية يمكن أن تعالج ، ويمكن أن يتم إيجاد حلول ويمكن العمل على تجاوزها . كل العقبات ينبغي أن لا تقف حجر عثرة أمام تحقيق مثل هذا الانجاز الكبير ، حلم الشرفاء والصادقين من عمال فلسطين وقياداتهم الوطنية ، بل وحلم كل العمال العرب من المحيط إلى الخليج.
إننا بحاجة إلى أن نقفز على كل ما مضى ، بحاجة إلى أن نضع اليد باليد، بحاجة إلى أن نحترم دماء الشهداء الذين قضوا من اجل هذه القضية ، بحاجة إلى أن نكون نحن أصحاب القضية وان لا نسمح بأي مجال للاتجار بها.فهل تظهر لنا الأيام القليلة القادمة ما نحلم به؟ وهل نكون على مستوى المسؤولية التاريخية أمام عمالنا وحركتنا النقابية العمالية فلسطينياً وعربياً ؟ أن ذلك ما نأمله ، وان لا يبقى مجرد أضغاث أحلام .
* الأمين العام للاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب