من يقود إضرابات العمال في هذا الوطن
بقلم النقابي : محمد العرقاوي
في الـوقـت الـذي باتـت فيـه حاجتنـا للتعبـير عـن حقـوقنا النضاليـة والنقابيـة المشروعة نجد أنفسنا نقف على مفارق طرق متعددة وتائهة وطويلة ولا حدود لها. وفي الوقت الذي نحتاج فيه إلى أن تكون إضراباتنا النقابية هي الحراك الذي نطمح إليه في فلسطين وبين الأوساط النقابية الحقيقية منها والوهمية وما أكثر الأخيرة منها تطل علينا جحافل العمل النقابي المتمرسين بالتفاوض لحل هذه الإضرابات ، وما أكثر المتداخلين من هنا ومن هناك، وعلى سبيل المثال وليس للحصر نأتي إلى الإضراب الذي يخوضه إخوة لنا من عمال وموظفي الوكالة في الضفة الغربية وفي فلسطين ، هذا الإضراب الذي بات له أكثر من عشرين يوما تقريبا دون تحقيق أي مكسب ودون أي تقدم في المطالب ،والمفاوضات التي تتحدث عن هذه المطالب في الوقت الذي نتحدث كثيرا عن مبادرات نسمعها ممن له علاقة وممن لا علاقة له .
ولو سألنا أنفسنا عن السبب وراء عدم وجود أي تقدم لقلنا بكل صراحة إن موقف الوكالة المتصلب أو على العكس بان الاتحاد الخاص بهذه الفئة متعنت في مطالبه ولا يريد التجاوب مع إدارة الوكالة .
وأنا أقول بأنه محق من يقول هكذا لأن الإضراب له وسائله وأدواته، ولا يعتمد على الارتجالية وعدم الوضوح من قبل أي نقابة وفي نفس الوقت الإضراب له ما يبرره وله ما يبطل مفعولة بالحق من جانب الإدارة، لكنها على ما يبدو باتت متصلبة في موقفها ،والسبب بنظري واضح جدا هو تعدد المرجعيات النقابية التي دخلت على خط اتحاد العاملين بالوكالة .
وواضح جدا دخول من هب ودب على هذا الإضراب الذي لا يستحق كل هذه الزوبعة الفنجانية التي تحصل الآن ، ولا داعي لكل هذه التدخلات التي منها الكثير الذي لا يمت للعمل النقابي بأي صلة .
اختلط الحابل بالنابل واختلط العمل النقابي بالعمل السياسي ، ويحاول البعض تغليف الإضراب بثوب تنظيمي مطرّز بخيوط المصلحة الخاصة والأنا ومطرز بألوان الظهور والبروز الطائش، ومع ذلك فقد تدخل بعض من أصحاب المعالي ومجموعة من أصحاب السعادة وأعضاء مجلس …. وأعضاء اللجنة .. وغيرها وغيرها .
ولو عدنا وقمنا بالإشارة لكل هذه التدخلات لوجدنا اغلبها تأتي فقط في سياق التدخل الغير متخصص وغير المجدي كما لو نظرنا إلى طريقة التفاوض التي تتم في هذه الفترة لوجدنا أكثرها تتم بطريقة تلبية الرغبات وأخذ شانات وخواطر .
ولو نظرنا إلى التدخلات النقابية الحقيقية لوجدناها موجودة على استحياء ليس لأنها لا تريد التدخل بل تتدخل لكن الأبواب مغلقة أمامها وأصحاب الشأن لا يريدون إلا العمل من خلال قنوات لامعة وبراقة وهذا ما يضعفها حقاً كما هو الحال في إضعاف موقف الاتحاد العاملين بالوكالة ولا أحد يستطيع أن ينكر الحقيقة .
وإنني أقول هذا ليس من اجل الهجوم والاستخفاف بقدرات المتداخلين لأنها في معظمها تتصف بالكفاءة من أصحابها لكنها غير منظمة لأنها تأتي من قنوات منها ما يريد أن يظهر فقط ،ولا تريد أن تضع نفسها على المحك .
وعن التدخلات النقابية الحقيقية التي يجب أن تكون لا بد آن تتصف بالسرية التامة أولاً وبالاختصار التفاوضي وليس بالزخم العائلي ولا فزعات العربان ولا تع شوفوني يا ناس .
للإضراب محاذير خطيرة وحتى نبتعد عن هذه المحاذير لا بد من أن نعد للمليون قبل أن نخطو أي خطوة وعلينا أن نقوم بتنسيق المواقف الحقيقية والديمقراطية والنقابية الحقيقية وتحديد المطالب كما أن علينا أن نحدد الشرعيات المتدخلة بالتفاوض ،وإعطاء زمام المبادرة اولاً وأخيرا لأصحاب القضية أنفسهم والوقوف إلى جانبهم في مختلف المطالب المشروعة منها وغير المقنعة حتى نكون أوفياء لعمالنا وأهلنا ولا نكون تفاقيّن وأصحاب شعارات برّاقة تظهر فقط أمام وسائل الإعلام والميكروفونات لإلقاء الكلمات الغير منطقية ، والتي لا تأتي في سياقها المطلبي الحقيقي .
ومن المحتم علينا أن نقف الآن يدا واحدة من اجل فك هذا الإضراب لا من اجل تسليط القذائف وصواريخ الاتهامات ولا أن نسيّر أساطيل التعنت وتأنيب أنفسنا وتحميل المسؤوليات كل للطرف الآخر .
وعلينا أن لا نتناسى بأن الوكالة هي من أكبر المشغلين للعمال والموظفين الفلسطينيين ، وعلينا أيضاً حماية مواقع العمل ومؤسساتنا الوطنية لكي تعمل على استيعات طاقات كبيرة من أبنائنا وبناتنا العاملين في هذا الوطن الحبيب . وأخيرا علينا أن نوقف هدير الشعارات ونضع حدا لزجالي المتاجرة بالعمال ومستحقاتهم ولدينا والجميع يعلم بأنه لنا قنوات شرعية وواضحة فلا داعي لأن نحمّل أنفسنا أكثر من بطيخة .
علينا انو نتوجه ونشكل لجنة ثلاثية من أصحاب الشأن أنفسهم ومن وزارة العمل الفلسطينية التي تبذل جهود مضنية من اجل إنهاء هذا الإضراب بأقل الخسائر ، وإشراك الاتحاد العام لعمال فلسطين كممثل شرعي لعمال فلسطين، وأحد مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وصاحبة الوجود الحقيقي على الأرض ، هذا الاتحاد الذي يبادر من كونه ومن نفسه لحرصه على حقوق أبناء شعبنا ولا ينتظر الشكر والتقدير من احد ، هذا الاتحاد الذي يذهب إلى الدفاع عن المظلوم دون أن يأتي المظلوم اليه ، وهذه اللجنة هي التي تقوم فقط بوقت قصير وستتمكن وبأقل الخسائر من حسم الإضراب والعمل على إنهائه بأسرع وقت ممكن ، وفي حال تبني هذه اللجنة الثلاثية الوطنية سبل معالجة الإضراب الحقيقي بما ينسجم مع روح الدستور الأساسي لهذا الوطن وقانون العمل المعمول به ومصلحة المواطنين وتشغيلهم والتي ستكون فوق كل اعتبار .
بهذه الطريقة حتما سننتصر لهذا الاضراب والعمل النقابي الحقيقي سنبعد كل المشوشات عن ترتيبات العمل النقابي والتفاوضي الصحيح والمبني على أسس نقابية ديموقراطية . وعلينا أن نرفض كل وسائل التحريض التي تثار هنا وهناك ، والابتعاد عن كافة المؤثرات التي من شانها حلق البلبلة بين صفوف أطراف الإنتاج الفلسطينيين وإثارة القلاقل وزعزعة العمل النقابي ، بل بالعكس أن هذه التدخلات التي في غير محلها هي من تسيء لأقطاب الحركة النقابية الشرعيين وتحول أنظار العمال والكادحين عن ممثليهم نتيجة لهذا التخبط النقابي الذي أصبح واضحا وجلياً في هذا الوطن .
نائب الأمين العام للاتحاد العام لعمال فلسطين