القدس / مع انطلاق العام الجديد 2011، ينطلق عملياً عام التراث الفلسطيني، الذي أعلنته لجنه احياء التراث الفلسطيني عبر موقعها الالكتروني، الذي يكرس للمساهمة في بلورة الهوية الثقافية الفلسطينية والاستفادة من التراكم الثقافي الحضاري للمجتمع الفلسطيني، والأهم من ذلك، الحفاظ على التراث الفلسطيني من السرقة والضياع، وترسيخه في وجدان الفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم.
وانطلاقا من رؤيتنا في “الفجر الساطع” لأهمية الحفاظ على تراث شعبنا، وهويتنا الفلسطينية، خاصة في ضوء محاولات إسرائيلية واضحة لتغييب الحضور الفلسطيني على معالم الوطن، ارتأينا المساهمة في ترسيخ تراثنا الفلسطيني في وجدان شعبنا الباقي والمتمسك بوطنه، هنا في الداخل، من خلال المساهمة في تنظيم سلسلة من النشاطات التي ترسخ الهوية والانتماء الفلسطينيين، بحيث تشمل تنظيم معارض للأشغال اليدوية والتحف التراثية، يرافقها إحياء أمسيات ثقافية فلسطينية، في مختلف أنحاء الوطن.
حيث أخذ رئيس تحرير “الفجر الساطع” الصحفي وليد ياسين، على عاتقه تنظيم هذه الحملة بالتعاون مع جمعية رعاية وخدمة الأسرة الفلسطينية، الناشطة في مدينة القدس الشرقية المحتلة.
وحول هذا الموضوع، ولإلقاء المزيد من الأضواء على نشاطات الجمعية ودورها في حماية تراثنا الفلسطيني، التقت “الفجر الساطع”، رئيسة الجمعية السيدة حنان صبيح- القاق، التي لا تذخر جهدا في سبيل ترسيخ تراثنا وحضارتنا في وجدان شعبنا، بل تعمل على توسيع رقعة نشاط الجمعية ومعروضاتها لتشمل الأقطار العربية، وقد تحقق هذا الهدف من خلال تنظيم عدة معارض خلال السنوات الماضية، كان آخرها المعرض الذي جرى تنظيمه في المركز الثقافي الملكي في الأردن في مطلع تشرين الأول الماضي.
الأهداف:
عن الأهداف التي تسعى الجمعية إلى تحقيقها من خلال هذه المعارض، تقول حنان: إنه وكما أن حضارة الشعوب كلها لا تقوم ولا تكتمل بدون الحفاظ على تراثها وتناقله من جيل إلى آخر، هكذا هو الأمر بالنسبة لتراثنا وحضارتنا الفلسطينية، فتراثنا هو المدماك الأساسي في الحفاظ على كيان وبقاء أمتنا واستمرارها بالرغم من العدوان الذي يستهدف شطب تراثنا وحضارتنا في إطار مخطط صهيوني متكامل لمحو أي أثر للفلسطينيين كأصحاب الأرض الشرعيين في هذه البلاد.
وتضيف حنان أن الجمعية وضعت منذ تأسيسها عدة أهداف تعمل على تحقيقها، من بينها نشر الوعي بأهمية المحافظة على التراث الفلسطيني وتعميمه، الاهتمام برعاية شؤون الطفل والمرأة الفلسطينيين، حيث قامت في هذا الإطار بإنشاء حضانة لأطفال الأمهات العاملات، كما عملت على تنظيم مخيمات صيفية للأطفال، إضافة إلى إحياء حفلات ثقافية.
التراث في خدمة الاسكان:
اما الهدف المركزي الذي تسعى الجمعية الى تحقيقه، فهو محاولة إقامة مشروع إسكان لحل الأزمات الإسكانية للعائلات الفلسطينية في مدينة القدس.
وتقول حنان: “كما نعرف فان مدينة القدس تتعرض لأشرس هجمة استيطانيه من قبل حكومة نتنياهو المتطرفة والعنصرية، والتي تعمل بتعاون وثيق مع بلدية القدس الغربية على تهويد احياء فلسطينية كاملة في القدس الشرقية المحتلة من خلال زرع بؤر استيطانية، وطرد عائلات فلسطينية من بيوتها وتوطين اليهود فيها، كما يحدث في سلوان، والشيخ جراح، وجبل المكبر وغيرها.
ونحن، بالإضافة إلى مشاركتنا في النضال ضد مخططات التهويد والطرد، فإننا نحاول توفير مساكن بديلة للعائلات المقدسية المهددة بالاخلاء والتشريد، وكذلك للعائلات المحتاجة.
ويتوج مشروعنا هذا وكل نشاطاتنا، المشروع الأساسي الذي يجمع عليه كل أبناء شعبنا الفلسطيني في مختلف أماكن تواجدهم، وهو الحفاظ على هوية القدس، كمدينة فلسطينية، عربية، وكعاصمة أبدية لشعبنا الفلسطيني، من خلال تثبيت الإنسان على أرضها.
وحول امكانيات تحقيق هذا الهدف في ظل الهجوم الاستيطاني على القدس الشرقية المحتلة، تقول حنان، “إن المشكلة الرئيسة التي تواجهنا في هذا الموضوع هي، عدم توفير أراض مرخصة من جانب. وعدم توفر التمويل، من جانب أخر، ونحن نهيب بشعبنا وبأمتنا العربية في الداخل الفلسطيني والضفة والقطاع والشتات، مساعدتنا على تمويل هذا المشروع الإسكاني.
أما بخصوص الفعاليات التي تنظمها الجمعية في إطار رعايتها للأسرة الفلسطينية، فإنها تشمل، حسب ما تقوله حنان، تنظيم محاضرات توعيه للنساء وإقامة دورات تعليمية مهنية، وغيرها من نشاطات تساهم بالارتقاء بواقع الأسرة الفلسطينية.
التمويل عطل الجمعية والتراث يحاول إحيائها:
لقد كان لانقطاع التمويل عن الجمعية، تأثيرا سالبا على استمرارية عملها وتطبيق مشاريعها، فقد تم إغلاق الجمعية، وتجميد عملها تقريبا، لكن الناشطات المتمسكات بهذه الجمعية ومشروعها، أبين التسليم بالأمر الواقع، وسعين إلى محاولة إحياء الجمعية وتفعيلها من خلال مشروع التراث الفلسطيني، من خلال تنظيم معارض للإشغال اليدوية والأزياء الفلسطينية وتسويقها، وكذلك من خلال المشاركة في إحياء مهرجانات فولكلورية، كتلك التي جرى تنظيمها في المسرح الوطني الفلسطيني، الحكواتي سابقا.
وتقول حنان: “إننا نعمل على تعميق التشبيك وتبادل الخبرات والنشاطات مع الأطر النسوية الأخرى في الساحة الفلسطينية، وتحديدا نحاول العمل بكل جهدنا وطاقتنا على مد الجسور مع إخوتنا وأخواتنا في الداخل الفلسطيني. وقد قمنا في هذا الإطار، بتنظيم معرض مشترك مع عدة جمعيات في الفندق الوطني، شمل كل الأشغال اليدوية الرائعة، مثل الجزادين والشالات والأثواب الفلسطينية، وكل ما يلزم البيت الفلسطيني. وقد تم تنظيم المعرض في مناسبة جميلة، هي عيد الأم وكان الإقبال رائعاً. أما المعرض الثاني فكان في نادي القدس، أيضا بمشاركة عدة جمعيات وكان ناجحا وترك انطباعا رائعا والحمد لله.
ثم انطلقنا في جولة من العروض في شمال فلسطين، بالتعاون مع العديد من الإخوة والفعاليات الثقافية في الداخل، حيث أقمنا معرضا في عروس الكرمل، حيفا، استضافه مسرح المجد ومديره الفنان إياد شيتي.
وأود التنويه أن المعرض كان احد أجمل المعارض التي نظمناها، حيث أضفى الديكور المميز رونقا خاصا، أبرز قوة تراثنا الفلسطيني، وترافق المعرض بعرض فني شارك فيه إياد الشيتي وسعيد سلامة وعازف العود خضر شاما، إضافة إلى فرقة شبان محليين قدموا مشاهد فنية مختلفة.
بعد ذلك تم تنظيم المعرض في إطار المهرجان الدولي السادس للتمثيل الصامت في شفاعمرو، حيث استقبلنا أحسن استقبال من قبل رئيس مؤسسة زيدان سلامة للثقافة والفنون الفنان سعيد سلامة، ومدير المهرجان الصحفي وليد ياسين، والفنان نعمة خازم وغيرهم من الأخوة والأخوات الذين نفخر بهم وبمساعدتهم لنا على تقديم عرض رائع لتراثنا في شفاعمرو.
وقد كان الإقبال رائعا من قبل الجمهور الشفاعمري على مدار أيام المهرجان، وهناك تعرفت على الأخ وليد ياسين، الذي تطوع مشكورا لمساعدتنا على إطلاق مشروع العروض في العام المقبل في مختلف مناطق الداخل الفلسطيني، ونحن ننتظر الآن استكمال الاتصالات لبدء إطلاق المشروع.
ومن هنا أناشد كل الأخوة والأخوات في الداخل، بالاتصال مع الأخ وليد لترتيب العروض في بلداتهم.
بالإضافة إلى حيفا وشفاعمرو تم تنظيم معرض في مدينة الناصرة، حيث دعينا من قبل مدير كلية الفنون، السيد كريم شداد، لتنظيم المعرض في إطار مهرجان لغة الفن، وكنا سعداء جدا بهذا اللقاء الجميل والمشاركة الأجمل والاستقبال النصراوي الرائع للمعرض.
وقد أسعدتنا خلال ذلك المعرض المشاركة إلى جانب العديد من الجمعيات الفاعلة في الداخل، ومنها جمعية السوار، وجمعية نساء ضد العنف وغيرها.
نحو العالم العربي:
السيدة حنان صبيح تسعى إلى ترسيخ التراث الفلسطيني ونقل صورته المشرقة، إلى العالم العربي، أيضا، وكان من الطبيعي أن يكون الأردن، المحطة الأولى بفعل التشابه والترابط الكبير بين التراث الفلسطيني والأردني، هذا الترابط الذي اشتق منه عنوان المعرض “تراث ضفتين” والذي أقيم في تشرين الأول الماضي في المركز الثقافي الملكي برعاية رسمية.
وتقول حنان صبيح إنّ المعرض الذي استمر ثلاثة أيام عرّف الجمهور على التراث الأردني والفلسطيني ونقل التشارك الكبير بينهما، مع لمسات خفيفة تدل على منطقة هذا التراث.
وتضيف صبيح أنّ المعرض تضمن أشغالاً يدوية وأثواباً مطرّزة ومعلّقات، وقد جمعت له 15 ثوباً مثّلت كل فلسطين من بئر السبع ورام الله والخليل والقدس وأريحا. وأشارت إلى نوعيات مهمة للثوب الفلسطيني، ذاكرةً الثوب الغباني المقصّب الذي ينقل أصالةً وتاريخاً، ويدل على تراث الأجداد والأيام الماضية.
وترى صبيح في المعرض تجسيدا للأخوة الأردنية الفلسطينية وكان فرصة ليتعرف الجمهور على الهوية الواحدة، مبينة أن جمعيتها تهتم بتأكيد تراثها وتعتني بتفاصيل التراث والهوية الفلسطينية.
نحو المعرض المتجول في الداخل الفلسطيني :
رئيس تحرير “الفجر الساطع” الزميل وليد ياسين، المبادر إلى تنظيم المعرض المتجول خلال العام المقبل في الداخل الفلسطيني، يقول إن الفكرة نشأت خلال محادثات مع حنان في أعقاب النجاح الكبير الذي حققته العروض السابقة في الداخل.
ويضيف: تراثنا الفلسطيني يتعرض إلى عمليات نهب متعمدة من قبل الإسرائيليين، والأمر لا يتوقف على محاولات شطب حضارتنا الفلسطينية من الوجود، بل يتعداه إلى مأكولاتنا الشعبية، وحتى المقتنيات الأثرية والمصنوعات اليدوية والأزياء التي باتت تزيف في مصانع إسرائيلية وتسوق بأسعار تحط من القيمة الحقيقية للزي الفلسطيني.
ويتابع ولذلك ارتأينا تنظيم هذه الجولة كي يتعرف شعبنا، خاصة الأجيال الشابة، على تراثنا الأصيل والأزياء الأصيلة وغير ذلك من منتجات فلسطينية حرفية أبدعتها نساء القدس.
ونحن إذ نساهم من خلال هذه الجولة بدعم الجمعية ومن خلالها النساء المقدسيات على تسويق هذه المنتجات، فإننا نأمل أن يعيد هذا المعرض الحياة إلى جمعية رعاية وخدمة الأسرة الفلسطينية، علنا نساهم بالتالي بتحقيق مشاريعها الأساسية، خدمة لشعبنا الفلسطيني في القدس، الذي تنتهك حقوقه يوميا من قبل سلطات الاحتلال.
الجولة، يقول ياسين، ستنطلق كما نأمل في آذار القادم، وقد حصلنا حتى الآن على موافقة بلدية طمرة لاستضافة المعرض، وبقي علينا إنهاء التحضيرات، كما لدينا اتصالات مع أخوة من عكا ودير حنا وأماكن أخرى، نعتقد أنها ستثمر عن تنظيم معارض هناك. وأنا أضم صوتي إلى صوت حنان وأدعو أهلنا في الداخل، في كل مدينة وقرية عربية إلى تبني المعرض ومن خلاله المساهمة بترسيخ تراثنا في وجدان كل الفلسطينيين.
نقلاً عن موقع الفجر الساطع – شفاعمرو