الرفيق طالب في لقاء مع (الحياة الجديدة): الاحتلال يتحمل مسؤولية انهيار عملية السلام
حل السلطة انتحار سياسي ولا يخدم أهداف ومصالح وتطلعات شعبنا
الانقسام الفلسطيني شكّل نقطة سوداء في تاريخ نضال وكفاح شعبنا
طولكرم – الحياة الجديدة / حذر عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني حكم طالب من عودة العنف إلى المنطقة نظرا لإجراءات الاحتلال المنافية لكل أسس ومبادئ عملية السلام، داعيا الدول الكبرى والراعية لعملية السلام إلى التدخل فعليا لإنقاذ عملية السلام ووضع حد لاعتداءات الاحتلال الهمجية والتي كان آخرها جريمة إعدام المسن عمر القواسمي وهو نائم في فراشه في حي الشيخ بالخليل.
وكان طالب يتحدث خلال مقابلة مع «الحياة الجديدة» وكانت على النحو التالي:
الموقف السياسي الراهن وفي ظل تهرب حكومة الاحتلال من استحقاقات عملية السلام وفرض الأمر الواقع على الأرض، هل تتوقع انهيار عملية السلام في المنطقة؟
منذ تسلم حكومة نتنياهو لسدة الحكم في إسرائيل، سعت هذه الحكومة بكل الوسائل لحرف الأسس التي قامت عليها عملية السلام وضرب المرجعيات وذلك لطبيعتها العنصرية المتطرفة كونها تتشكل من اليمين المتطرف ومن غلاة المستوطنين وبرنامجها السياسي المستند إلى التنكر لحقوق الشعب الفلسطيني ومن خلال سنها للعديد من القوانين العنصرية، قانون الولاء لما يسمى بالدولة اليهودية وانتقاص حقوق أبناء شعبنا داخل الخط الأخضر، وقانون الاستفتاء وغيرها من القوانين التي تمس حقوق وانجازات شعبنا، عدا عن إجراءاتها المستمرة بالاستيطان وتهويد القدس ومصادرة الأراضي وإقامة جدار الفصل العنصري وتقطيع أوصال المدن والقرى الفلسطينية بالحواجز والكانتونات الاحتلالية وإطلاق العنان لعصابات المستوطنين للاعتداء على المواطنين وأراضيهم وممتلكاتهم، ضاربة عرض الحائط بقرارات الشرعية الدولية وتجاوزها للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وكذلك الانحياز الأميركي السافر من خلال الدعم المتواصل واللامحدود على كافة الأصعدة وتوفير الغطاء السياسي والدبلوماسي وإبطال العديد من التوجهات الرامية إلى إدانة إسرائيل في المحافل الدولية، وهذا يطلب تدخلا دوليا لإنقاذ العملية السلمية وإلزام إسرائيل بالامتثال لقرارات الشرعية الدولية والتعاطي جديا مع استحقاقات عملية السلام باعتبار إجراءات وممارسات الاحتلال تجسد تهديدا للمنطقة ويجب تحميل المسؤولية لدولة الاحتلال التي أفشلت الجهود الدولية باتجاه الاستقرار في المنطقة.
هنالك تنام في التعاطف الشعبي على المستويين العربي والدولي وهنالك حراك دولي لنصرة القضية الفلسطينية، هل يؤثر ذلك على موقف الحكومات الغربية تجاه دعم القضية الفلسطينية؟ هناك تعاطف شعبي ملحوظ سواء على الصعيد العربي والدولي تجاه القضية الفلسطينية لما يعانيه الشعب الفلسطيني من ويلات وإجراءات عدوانية متواصلة من قبل الاحتلال وما يقوم به من سياسات عنصرية تجاه الشعب الفلسطيني من مس بوجوده من خلال القتل والتدمير والتهجير وما يمارسه من قمع للمقاومة السلمية والاعتداء على حقوق وكرامة الإنسان الفلسطيني وتدنيس المقدسات الإسلامية والمسيحية والاعتداء على دور العبادة وما تتعرض له مدينة القدس من تهويد وأسرلة ومن خلال ما يفرضه الاحتلال من وقائع على الأرض لإخراج هذه المدينة من أية مفاوضات مستقبلية، وكذلك عربدات المستوطنين المدعومين من قبل قوات الاحتلال بقتل المواطنين بدم بارد والاعتداء على ممتلكاتهم ومزارعهم، وهذا الواقع خلق حالة من التضامن دوليا وعربيا وهذا ما تمثل بالعديد من الحملات ولجان التضامن الدولية بزيارة فلسطين والتفاعل مع المقاومة الشعبية فيها والمشاركة في العديد من الأنشطة والفعاليات في مواجهة الاستيطان والجدار وكسر الحصار عن قطاع غزة حيث كان واضحا المشاركة الدولية الواسعة والتي تجلت في أسطول الحرية والقرصنة الاحتلالية والجريمة البشعة التي تعرض لها هذا الأسطول في عرض البحر، في المياه الإقليمية، ونقل هذا الواقع إلى دولهم ومجتمعاتهم، وباعتقادي فان هذا الحضور المتميز عزز من مواقف الدول الصديقة لشعبنا إزاء دعم القضية الفلسطينية واسهم بشكل ملحوظ في تسليط الضوء والتركيز على دور ومكانة القضية الفلسطينية على المستوى الأممي، وكان لنا عدة لقاءات مع العديد من اللجان والنشطاء المتضامنين مع قضيتنا عربا ودوليين حيث وضعناهم بحقيقة الأوضاع وما تمارسه دولة الاحتلال من إرهاب منظم وتنكر لكافة المواثيق والاتفاقيات الدولية، وللحقيقة نقول ان ثمرة هذا النضال بدأت بالنضوج من خلال الرأي العام العالمي ومن خلال العديد من القرارات والتوصيات الدولية المساندة لقضية شعبنا وفي مقدمتها فتوى المحكمة الدولية في لاهاي، إلى جانب تقرير جولدستون حول جرائم الحرب في قطاع غزة، وكذلك الملاحقة الدولية من خلال محكمة الجنايات والعديد من المحاكم الأخرى لساسة وجنرالات الحرب الإسرائيليين، ومن هنا فإننا نطالب أصدقاءنا في العالم بتعزيز دورهم المساند لنضانا العادل.
هل تتوقع اعتراف المزيد من الدول الغربية بدولة فلسطين على حدود ألـ 67 وما هو السبب بنظرك إحجام الدول العربية عن الاعتراف بحدود الـ 67 ؟
– باعتقادي أن سلسلة الاعترافات بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967 ورغم أهميتها وتأثيراتها الايجابية دعما ومساندة لحقوق الشعب الفلسطيني، إلا أن ذلك يرجع إلى الدور البارز الذي لعبته وتلعبه القيادة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية من خلال الحركة السياسية والدبلوماسية في حشد التأييد والدعم للموقف الفلسطيني الصريح والواضح والمستند إلى الشرعية الدولية والقانون الدولي ومبادرة السلام العربية بالسعي لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وكاملة السيادة ورفض فكرة الدولة ذات الحدود المؤقتة، ومن جانب آخر تعرية وفضح الموقف الإسرائيلي الذي يضرب قرارات الشرعية الدولية عرض الحائط ويتنكر للاتفاقيات والالتزامات ويمارس أبشع المجازر بحق الشعب الفلسطيني، وإتباع كافة السبل لمحاكمة مجرمي الحرب ضمن إطار نزع الشرعية عن دولة الاحتلال، هذه القضايا باعتقادي تؤسس لمزيد من الاعترافات على غرار البرازيل والإكوادور والأرجنتين وبوليفيا ومشاريع الاعتراف المقبلة قريبا من عدة دول في أميركا الجنوبية ودول في الاتحاد الأوروبي وبتصوري أن هذا الاعتراف يخدم ويدعم القضية الفلسطينية، وإننا في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة التي تمر بها القضية الفلسطينية فإننا نطمح لموقف عربي موحد وأكثر تطورا يسهم في تعزيز وتصليب الموقف الفلسطيني واحترام استقلالية القرار الوطني الفلسطيني والابتعاد عن لعبة التجاذبات في الساحة الفلسطينية ويرتقي إلى مستوى التحديات، والتأكيد على مركزية القضية الفلسطينية كأولوية عربية واستعادة قيمة العمل العربي المشترك والموحد، والاستخدام الأمثل للإمكانات العربية وتوجيهها الوجهة الصحيحة لتعزيز الصمود في مواجهة مختلف التحديات.
بخصوص قضية الأسرى وقلة عدد المشاركين في الاعتصام التضامني مع الأسرى ما رأيك في ذلك؟
إن قضية الأسرى من القضايا المهمة والرئيسية التي يجب توجيه كل الاهتمام والدعم لها وتسليط الضوء على معاناة الأسرى والمعتقلين داخل سجون الاحتلال وما يمارس بحقهم من انتهاكات وتنكيل وقمع وإهمال طبي وعزل انفرادي وحرمان الأسرى من زيارة ذويهم ومنعهم من لقاء محاميهم، هناك العشرات من الأطفال والنساء والأسرى القدامى وكبار السن مرضى دون توفير الحد الأدنى من العلاج المطلوب، وهناك جثامين الشهداء الأسرى المحتجزة في مقابر الأرقام وهناك أكثر من مئتي أسير فلسطيني استشهدوا في سجون الاحتلال سواء كان أثناء التحقيق وممارسة كل أشكال التعذيب والاضطهاد بحقهم لكسر معنوياتهم والنيل من صمودهم وإرادتهم الوطنية أو من خلال الإهمال الطبي المتعمد، وكذلك لا بد من الإشارة إلى ما يسمى بالاعتقال الإداري وما يفرض على المعتقلين من أحكام تعسفية وغرامات مالية والتهديد بالإبعاد إلى جانب المحاكم العسكرية التي لا تنسجم ومعايير القوانين والأعراف الدولية واتفاقية جنيف الرابعة، وأمام هذا الواقع المرير وممارسات الاحتلال ووفاء وتقديرا للأسرى والأسيرات البواسل وتضحياتهم وعذاباتهم فان المطلوب التوجه نحو حراك دولي وعربي وتدويل قضية الأسرى وحمل هذا الملف إلى كافة المؤسسات الدولية وفضح ممارسات الاحتلال بحق الأسرى، وشاركنا في المؤتمر الأخير الذي عقد في الجزائر لنصرة الأسرى حيث كانت هناك العديد من القرارات والتوصيات التي تستحق الاحترام والتقدير، وكذلك التحضيرات الجارية لعقد مؤتمر دولي لدعم الأسرى في المغرب خلال الشهر الجاري، وكل ذك لا يعفينا من ضرورة المشاركة الشعبية والجماهيرية لدعم الأسرى في سجون الاحتلال، وما تشهده محافظة طولكرم من اعتصامات أسبوعية أمام الصليب الأحمر ورغم أهمية هذه المحطة الأسبوعية فان المطلوب تفعيل هذا النشاط وتوسيع دائرة المشاركة من كافة أبناء وجماهير شعبنا وبشكل خاص مشاركة القوى والفصائل والمؤسسات الرسمية والشعبية لما لذلك من آثار ايجابية في رفع معنويات الأسرى وذويهم.
بخصوص ملف الانقسام والآثار الناجمة عنه من المستفيد الأول والأخير منه؟
إن الانقسام الفلسطيني شكّل نقطة سوداء في تاريخ نضال وكفاح شعبنا لما نتج عنه من تراجع في مكانة القضية الوطنية لشعبنا على المستويات كافة، ومس واضح بالانجازات والتضحيات التي قدمها شعبنا، والمستفيد الوحيد من استمرار هذا الانقسام وإفرازاته هو الاحتلال، وعقد العديد من جولات الحوار لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة ولكن وللأسف الشديد فان هناك عقبات ومصالح لدى البعض تحول دون التوصل إلى انجاز اتفاق المصالحة وتغليب المصالح الحزبية والفئوية على المصلحة الوطنية العليا لشعبنا، وآن الأوان لحركة حماس ان تبادر فورا للتوقيع على الوثيقة المصرية لطي هذه الصفحة من تاريخ شعبنا وتغليب التناقض الرئيس مع الاحتلال ومشاريعه الاستيطانية والتوسعية والزج بكل طاقات شعبنا وشرائحه الاجتماعية في معركة التحرر الوطني.
ما هي خيارات « جبهة النضال الشعبي الفلسطيني» البديلة في حال انهارت مفاوضات السلام؟
أمام هذا الواقع والتحديات التي تواجه شعبنا وقضيتنا وأمام جمود العملية السياسية واستحقاقات عملية السلام وإصرار حكومة الاحتلال على المضي في سياساتها الاستيطانية وفرض الوقائع على الأرض والرغبة في استمرار المفاوضات من اجل المفاوضات، فان موقف جبهة النضال الشعبي الفلسطيني واضح ومنذ البداية أن لا مفاوضات في ظل الاستيطان وبمرجعيات دولية واضحة وعلى أساس قرارات الشرعية الدولية وبما يؤدى إلى إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ولا بد من البحث عن خيارات وطنية أخرى من خلال منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا وتبدأ أولا بالعمل لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية وتعزيز صمود شعبنا على أرضه وتوفير كافة مقومات الصمود وتفعيل كافة أشكال وأساليب النضال الشعبي والجماهيري في وجه المخططات الاحتلالية والاستيطانية ومواصلة الحملة السياسية والدبلوماسية لتجنيد المواقف الدولية الداعمة والمساندة لحقوق شعبنا وفرض العزلة الدولية على دولة الاحتلال وفرض العقوبات عليها وسحب الاستثمارات منها وتعزيز المقاطعة الدولية لدولة الاحتلال ومستوطناتها، والتوجه للهيئات الدولية وعلى رأسها الجمعية العامة للأمم المتحدة للعمل على تفعيل القرار الاممي 377 الاتحاد من اجل السلام لاتخاذ خطوات نحو إنهاء الاحتلال والاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران وتفعيل فتوى لاهاي بخصوص عدم شرعية وقانونية الجدار والاستيطان ومتابعة توصيات جولدستون، والتوجه إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار بخصوص الاعتراف بحدود الدولة الفلسطينية، أما بخصوص ما يطرح حول حل السلطة فإننا نعتبر ذلك انتحارا سياسيا ولا يخدم أهداف ومصالح شعبنا، ونحن نطالب بضرورة العودة إلى مؤسساتنا الوطنية وتطويرها باعتبار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد والمرجعية السياسية العليا لشعبنا، الأمر الذي يتطلب الإعداد لعقد دورة المجلس المركزي الفلسطيني لتقييم الأوضاع وتحديد الخيارات السياسية.