ماذا بعد؟؟؟
بقلم : خالد فرحانه
بألم وقلق نتابع مجريات الأحداث على الساحة المصرية ، تلك الأحداث التي فجرها شباب غاضب وحراك شعبي وجماهيري رافعين شعار التغيير والإصلاح.
شعارات لاقت قبولا وتأييدا على صعيد مصر وخارج حدودها مما خلق حالة من التضامن العربي والدولي ومطالبة واسعة بضرورة التغيير.
كان الهدف منذ البداية إصلاحا وتغيير وإقالة بعض رموز الفساد في حكومة مبارك ومحاسبتهم على كل التجاوزات بالإضافة لمطالب أخرى شرعية وقانونية.
انطلقت المسيرات والاعتصام والاحتجاجات طوال فترة العشرة أيام السابقة من أجل ذلك برغم كل ما صاحبها من تجاوزات لتنجح أخيرا وتحقق الهدف المنشود بخروج الرئيس حسني مبارك ملقيا خطابه المقتضب معلنا عن إقالة الحكومة وتشكيل حكومة جديدة موجها دعوة للحوار البناء مؤكدا على العمل من أجل تغيير مواد الدستور وانه لن يرشح نفسه لولاية أخرى وبشموخ وإباء رفض الخروج والهروب تاركا مصر بفراغ دستوري ومسرحا لحرب أهلية.
هذا الخطاب لاقى تجاوبا وقبولا عاليا لدى الكثيرين من الشرفاء في مصر وهذا ما عكسته مواقف الكثيرين من المفكرين والسياسيين والنشطاء المصريين أمثال مصطفى بكري والذي قال على إحدى شاشات التلفزة المصرية الوطنية ” إن هذا ما كنا نريد وعلينا الآن إعطاء الريس فرصة حتى لا يكون هناك فراغ دستوري وعلى الجماهير المحتشدة في ميدان التحرير مغادرته فورا “.
هذا هو صوت العقل ، صوت الحريصين على مصر وارض مصر وشعب مصر.
هذا هو صوت الحكمة لتجنيب مصر حمام الدم الذي يسعى إليه المتربصون بمصر.
هذا هو الصوت المتزن بين المقبول والمعقول وبين محاولات البعض إغراق مصر في المجهول.
إن عملية التخريب الممنهج الذي تتعرض له مصر العظيمة لهو جزء من مخطط تآمري بدأت تظهر ملامحه بعد انكشاف الوجه البشع لبعض الطامعين الانتهازيين المتسلقين على أكتاف الشباب والفقراء الحالمين بغد أفضل ليدوسوا عليهم بعد ذلك وعلى أحلامهم وكل القيم العظيمة من اجل تحقيق مكاسبهم ومصالحهم الذاتية والشخصية وتحقيق مصالح أسيادهم مستخدمين بذلك مختلف الأدوات بدءا بقدرتهم على الحديث والإقناع بثقافة واسعة يستغلون بها البسطاء يساعدهم بذلك بعض الفضائيات العربية وعلى رأسها قناة الجزيرة التي تلعب دورا غاية بالسوء بالدعاية السلبية والتحريض والدعوة للفتنة النائمة استجابة وتنفيذا لمخطط أسيادهم الأقزام ، تلك الفضائية التي تنقل وبفرح عارم مواقف دول غربية ومواقف رؤسائها الداعين إلى استمرار الاحتجاجات مطالبين مبارك بالرحيل بتدخل سافر سافل وكأنهم وصايا على الشعوب العربية بعد أن أوصلوا هذه الشعوب إلى هذا الوضع.
لقد كان حري بالجزيرة نقل وبث مواقف هؤلاء وهم يطالبون إسرائيل بإنهاء احتلالها ورحيلها عن الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عقود.
كان حري بها أن تنقل دعوة هؤلاء الحريصين على الديمقراطية وحرية الشعوب حين يطالبون بإنهاء احتلال العراق وأفغانستان ورحيل الجيوش الأمريكية منها
كان حري بها أن تنقل دعواتهم وهم يطالبون برحيل القواعد الأمريكية وأساطيلها وخروجهم من دشاديش أمراء الخليج.
لقد لعبت الجزيرة دورا أقل ما يمكن القول عنه ” قذرا” في أحداث مصر وما زالت برغم الدعوات للتهدئة والحوار إلا أن الجزيرة مصرة وبشكل يثير الشك والريبة على استمرار الأحداث من خلال نقل مواقف المعارضة والمحتجين والمتآمرين فقط من أصحاب العمائم واللحى تارة ومن المتنورين التقدميين تارة ومن المرتمين في أحضان الحنونة أمريكا تارة أخرى.
لقد نزلت الجماهير المصرية أول من أمس وبعد خطاب الرئيس حسني مبارك تجوب شوارع مصر بمسيرات ضخمة تأييدا ومبايعة لمبارك وتطالبه بالبقاء مع ضرورة الإصلاح والسؤال هنا لماذا لم تقوم الجزيرة ببث ونقل هذه المسيرات ؟؟؟ ولماذا لم تأتي على ذكرها ؟؟؟ولماذا تنتقي ضيوفها ومعلقيها من المعارضة والمعارضة السلبية فقط؟؟؟
نعم ، فلقد تم كشف المستور على رأي الجزيرة وبانت خيوط المؤامرة والمتآمرين الذين زجوا بالشباب المحبط الباحث عن العدالة والمساواة إلى أتون معركة لتتسارع بعدها أحزابا وقوى سياسية وشخصيات نزولا عن جبلها وعليائها لتجمع غنائم حرب لم تشارك بها وتقطف ثمار ثورة فجرها وخاض غمارها شبابا وفقراء شجعان.
لقد جاء خطاب الرئيس مبارك ملبيا لمطالب الجماهير المحتجة والمعتصمة ليسحب بذلك البساط من تحت أقدام البعض وقطع الطريق أمام معارضة مغرضة أصبحت خياراتها محدودة فإما الجلوس على طاولة الحوار البناء وإما العودة لمنازلهم والتزام جانب الصمت ومراقبة خطوات عملية الإصلاح والتغيير،إلا أن البعض اختار خيارا آخر من شأنه تأجيج الوضع ورفع وتيرة العنف والخلاف وصولا إلى الاقتتال الذي كان هدفا لمصر منذ البداية.
بعض المصادر الصحفية والمراقبة تقول أن هناك مبالغ مادية ضخمة تضخ في ميدان التحرير ولبعض الشخصيات السياسية المعارضة وجزء من هذه الأموال يتم تقديمها لمن يسمونهم بالبلطجية الذين تدعي المعارضة بأنهم زلم النظام ورجال الحكومة هؤلاء البلطجية القتلة والمجرمون الخارجون عن القانون الذين أخرجتهم الجماهير الغاضبة من سجون الحكومة ليلجأ لهم البعض في محاولة يائسة لتلويث نضال الشباب تارة واتهام الحكومة تارة أخرى لتعرضهم الجزيرة على شاشتها باكين نادمين حاملين بطاقات حكومية وبطاقات رجال الأمن !!!
هؤلاء البلطجية يمثلون الآن الورقة الأخيرة في اللعبة وبيد اللاعبين والمتآمرين لإثارة وإشعال نار الفتنة والفعل ورد الفعل لبقاء الأجواء مشحونة.
لقد حقق حراككم السياسي واحتجاجاتكم ما أردتم وما عليكم الآن إلا الانتظار ومشاهدة ملامح التغيير التي انتم حركتم رياحها حقنا للدم المصري الطاهر ولتفويت الفرصة على كل المتربصين بمصر ومصالحنا العربية.