منهجية فكر وثوابت تحكمني
بقلم : فادي أبو صاع
تفكيرٌ يؤلمني و يدغدغ أوجاعي الراقدة في الجسد و التراب, إلى أن أرى كتبَ التاريخ و معالم الحضارات تتوّج أفكاري المعاصرة في معاهد التجديد و مدارس التنقية و الخلاص من وحلِ المستنقعات الفكرية, و بين كل هذا و هذا تجد نفسك مخنوقاً من ألمِ الفلسفة في نظام التشريع العقلي واسع المدى, فالعقل المتحجّر لا يقبل بالقسمة و الطرح, كالعقل العربي الذي انحصر تفكيره في قراءة القصص البوليسية و روايات خرافية عن العشق و الهوى, نعم هذه هي حقيقة المرء فلا يصحّ إلا الصحيح, لا ينطق عقله إلا بما دار في قلبه من هوى, تؤلمني ظروفي و تتعبني أفكاري الخاطئة و المُزوِّرة لحقيقتها في داخلي, قد ملّت الروح من ألم الخوف و عدم القدرة المطلقة على التطلّع في رسم نظرة مشرقة صوب المستقبل المعلوم المجهول, و أنا أيضاً هكذا لا أختلف كثيراً عن تردد الموجة الجيبية, لأجد نفسي أحياناً إيجابي التفكير راضية الروح عني, إلى أن يدور اليوم نفسه لأجد نفسي, قابعاً خلف قضبان مقيّدة بسلبية الواقع الذي يخفي عني حقيقة النفس العالقة بين العابد و المعبود.
كل شيء أصبح يُصنَّف في القائمة الخاطئة, و هذا يقع على عاتق الكائن البشري الذي رفض أن يؤدي دوره على أكمل وجه, مُتداعياً أن النفس ستبقى قابعة في صومعة العجز الفكري و القدرة الحسيّة, فلو كانت المعادلة هكذا, فما بال الأمة التي تقدمت بفكرها ؟!
إن العلم و المنطق خطان متوازيان أبداً لا يلتقيان, و زمن المعجزات قد ولّى و غاب, إذا ليكن المنطق فكر عقلي يناقش أمور دنيوية عالقة بين الحقوق و الواجبات التي خصّت حياة المرء و من يحكمه فقط في هذا الزمان ضمن الواقع المحتوم علينا, وضمن عولمة فكرية حريتها لا تعتدي على مفاهيم عقيدة واسعة طهّرت روح المرء من نوايا الفكر الفاسد و البالي, لأني ضائعٌ بين التشريع العقلي الموجّه فيما أهواه أنا, و تشريع عقلي خاطب فطرتي فوجّهني بأسس ٍ علمية أبدع بها واجد الكون و منقّي الهوى, فلا فلسفة به و لا مفاهيم فوضوية تُقلِق أرواحنا, فخوفي و ضعفي أعطاني قدرة عاجزة على ضبط تخبّط هواجسي و تردد أفكاري, و أيضاً يجعلني عاجزاً عن فهم ما يجول في خاطر من يُلهمني, فقد اشتقتُ لهذا المرء و لتفاصيل روحه المستوطنة في كياني, لأني لستُ رهينة تفكيري حتماً سأجد حبل الروح عالق بين هوى العابد و المعبود, فلما أعلنتُ اشتياقي لم يكنْ لرسم منحنى جديد في حياتي الشخصية, لكن عيني رأت صورة جميلة للخالق بوجه المخلوق, كما أنها استحضرت صوراً بريئة في تفكيرٍ لا محدود قد يقع كاهله على مفهوم المحرمات, فلن أرهِق هذا القلب في البحث عن حقيقة أُخفيت معالمها في موجودات الكون, حتماً سأنهض من هذا الكابوس الذي دنّس فراشي و أبكى قصائد جسدي, و لن أحاسب من باح بأسرار أخطائي, فـ إلى متى سأبقى انتهج لنفسي دولة فكرية معالمها فقط مرسومة على خريطة ورقية تُباع و تُشترى, و أنا لا أختلف عمّن يحكم على غيره بدستور العرب, فهذا الطفل بريء و هو أيضاً يريد أن يبتدع, فلماذا نُتعِب أنفسنا بمعاتبة الروح و خيانة الضمير؟
و الله ما عدتُ قادراً على فهم خرائط الكون, و حتى خرائط النفس البشرية في تشريع فكرٍ لا يقبل بمنهجية و لا مادة دستورية تقوّم أهدافه و مخططاته المستقبلية في مدارك العقل و خطوط القلب, فالطبيعة و العمل و الأخلاق, دوائر التقدّم البشري و الفكري, لنبقَ ضمن هذه المماسات الثلاثة باحثين عن الحقيقة, و أسرار النفس المتألمة من قهر الظروف و منطقية حياة اليوم الخائنة, فأنا عاجز عن إعادة ترتيب الطبيعة, أنظر الشمس فقط من عقدة المشنقة.