عن المجلس الاعلى للشباب..
بقلم: كمال هماش
كأننا في كوكب اخر ولا نرى ما يدور حولنا …..فالنظام المصري البائد وقرينه التونسي… وغيرهما ممن على محطة انتظار السقوط…استندا كليا إلى الرعب وترهيب المواطن لتحقيق استقرار الشريحة الحاكمة…وضمان هدوء كاذب في شوارعها…. فالمؤسسة الأمنية تسيطر على أنشطة الدولة والمجتمع..وفي بعض منها ,أهم من الجيش…
وما يهمنا هنا هو تجربة تغلغل أبناء المؤسسة الأمنية والقوات المسلحة في النشاط الاجتماعي المدني ومؤسساته… بدءاً من تخصيص وظيفة المحافظ أو الوالي.. وصولاً إلى رئاسة أندية رياضية محترفة، لقادة الجيش المتقاعدين..أو رجال الأجهزة الأمنية..بذريعة الأهمية القصوى لهذه المؤسسات كرموز وطنية..وحقيقة الامر تنم عن استغلال اهميتها ورياديتها في المجتمع.لبسط اليد على أكثر القطاعات السكانية فعاليةً وتأثيراً.
وما جرى ويجري في فلسطين لا يختلف كثيراً، عن المنظومة العربية الذاهبة للانهيار…إلا في دخول بعض العناصر المدنية والنسوية لمواقع قيادية في بعض محافظات الوطن، إلا أن الشأن الشبابي والرياضي والاولمبي…لم يتحرر بعد من هده التجربة.. على الرغم من النقلة النوعية التي حققتها الرياضة الفلسطينية في السنوات القليلة الماضية …
وقد جاء ت تشكيلة المجلس الأعلى للشباب مؤخراً… مع التقدير العالي لرئيسه وأعضائه تجسيداً لاغتراب التوصية بهذه التشكيلة عن واقعها ..او لامر في نفس من أوحوا بها….وبما يكرس عدم قابلية هده المؤسسة للانفتاح على الفعاليات الشبابية بغير المنظور الفوقي….واستبعاد..
وفي الوقت الذي لا يمكن فيه لوم من يجترحون قصائد المديح بشخصيات المجلس الرئيسة قبل توجيه نقدهم المهدب جدا ومطالبهمّ، باعادة هدا التشكيل على اسس اكثر قربا من رسالة المؤسسة الشبابية وأهدافها …ورؤيتها المستقبلية التي نأمل أن يمد الله في عمر بعض أعضاء المجلس لرؤيتها والفرح بها…فإن النقد يجب أن يكون أكثر تلامساً ونجاعة مع حجم المسألة.
فرجال المال والأعمال ومنذ الشروع بخطط الإصلاح الفلسطينية- التي نحترمها- أصبحت لهم صولة وجولة وقرار مؤثر في السياسات الكلية والجزئية، ووصل تدخلهم إلى تعيينات للموظف والمدير والمدير العام والوكيل …مع قناعتنا بدور لهم في تزكية الوزراء،مما يجعل لهم رهبة التأثير في النفوس… وهو مشابه تماماً في فعاليته لدور بعض رموز المؤسسة الأمنية وتدخلاتهم في النشاط المؤسسي المدني.. بدايات السلطة.
كما أن لواءً أمنياً وعضواً قيادياً في الحركة الوطنية،يمتلك في ذات الوقت من شبكة النفود والغطاء السياسي ما قد يمنع أي شاب أو مؤسسة شبابية من توجيه نقد جدي له ،ليس لأنه دكتاتور ….بل ربما بسبب الموروث الثقافي تجاه الرجال المتنفدين،فصائليا وأمنيا وسياسياً ،وليس في فلسطين فحسب وإنما في تجارب النظم التقليدية ..وخاصة تلك التي تؤول عربيا إلى الاندثار.
إن رئاسة المجلس والتي يجسدها رجل ذو باع طويل في خدمة المجتمع الفلسطيني وتنميته من موقعه كأحد أهم رجال المال والأعمال، إلى جانب لواء أمني متقاعد، لعب دوراً مهماً في النضال الوطني وفي صفوف الحركة الاسيرة ،وبناء مؤسسة أمنية مهمة … لا يمكن رؤية هده الرئاسة بغير ائتلاف لنفود المال وهيبة القوة ،وما يترتب على اجتماعهما من عناصر سطوة في الذهن، بما يجعل مجرد فكرة الاختلاف معها ، غير واردة ومحسومة ادراكيا، بعدم الحول والقوة ..لدى الناقد مواطنا أو شابا أو حتى مؤسسة شبابية .
ومن هنا فإن غياب النقاش مع القواعد الشبابية في مدن ومخيمات وقرى فلسطين، وغياب المشاركة الواسعة في ورشة التحضير لاطلاق المجلس الأعلى للشباب وكأنه سر من الأسرار، يترك الباب مفتوحاً أمام صيغ جديدة للمؤسسات الشبابية التي شعرت بالتهميش وهما أو حقيقة..
وعليه فإن التداعيات الأساسية لردود الفعل الناقدة للتشكيل لا يمكن التغافل عنها وإنما تتطلب قيام منظمة التحرير الفلسطينية بقيادتها الجماعية ، برعاية مؤتمر عمل شبابي يغطي الوان الطيف السياسي والاجتماعي والمؤسساتي ،بحيث تكون مهمة هذا المؤتمر منحصرة في وضع ضوابط ومواصفات هذا المجلس من حيث الهيكلية ، وعضوية قيادته بعيداً عن توجهات التنفد وتكريس الاشخاص ،بغض النظر عن اهليتهم لشروط حيازة المنصب.