الجزائر: كتب حمدان الجعيدي / إذا استثنينا حركة “حماس” ،الحريصة على غنيمتها الكبرى ممثلة في إمارة غزة ،فإن القول بإجماع العالم على الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني ،لا يعتريه أدنى شكَ ،وليس أدل على ذلك من استعداد دول العالم لدعم مبادرة المنظمة في الجمعية العامة للأمم المتحدة والاعتراف بفلسطين دولة وشعبا ،تمهيدا لإحالة القضية برمتها على لجنة تصفية الاستعمار ،ومنح الشرعية الكاملة لمنظمة التحرير ودعمها في انتهاج كل السبل الكفيلة باستعادة استقلال فلسطين وافتكاك حرية الشعب الفلسطيني من نير الاحتلال الإسرائيلي البغيض.
وإذا كانت عداوة أمريكا للمشروع الفلسطيني ومبادرة منظمة التحرير لنيل الاعتراف من المجتمع الدولي، قد اقتصرت على التهديد باستخدام حق النقض “الفيتو” ،في مجلس الأمن الدولي لإجهاض المبادرة ومنع تمريرها عبر المجلس لتصبح واقعا مؤرقا لإسرائيل وحلفائها ،فان الأمر لا يقف عند هذا الحد بالنسبة لحركة “حماس” الانقلابية ،بل يتعداه إلى التهديد بإحداث مزيد من التفتت والانقسام في الجسد الفلسطيني ،وبما يؤول إلى حالة حرب مفضوحة ،لا غاية من ورائها سوى تأمين المشروع الأصولي في غزة وحمايته من خطر اندثاره أمام المد الوطني الفلسطيني وإرادة القوى الوطنية الفلسطينية في تكريس وحدة الشعب والقضاء على تفانين الفرقة والتشتت.
لقد ملَ الشعب الفلسطيني من عنتريات أبطال الفتن الداخلية والحروب الأهلية التي اختصت الملل والنحل بحرفية في إثارتها ،وبات كل فلسطيني يطمح إلى فرصته المستحقة التي تمكنه من مواجهة أعدائه في مواقع النضال المختلفة . وهو لذلك لم يعد يأبه لأبواق حماس الإعلامية ،التي مافتئت تردد ما طاب لها من بهتان وأكاذيب ودعاوى مخجلة تريد بها إحباط كل مسعى لا يصب نتاجه في بوتقة مشروعها الطوباوي القائم على اغتصاب قطاع غزة ،اختطاف أهله ،وتحويله إلى إمارة إخوانية مشبوهة.
وحماس يدعمها في كل ذلك رهط واسع من أصحاب الأقلام الدعائية المسمومة، الذين لا يجرؤ الحياء والخجل من دخول ساحتهم أو الاقتراب من ميادين افتراءاتهم السخيفة المغرضة بحق هذا أو ذاك من المناضلين الفلسطينيين ،بمن فيهم رئيس منظمة التحرير والسلطة الوطنية.
الرئيس الفلسطيني في نيويورك ،مكلف بمهمة معينة من طرف شعبه، وهو بالتأكيد لن يدَعي لنفسه أو لفريقه السياسي إعادة اكتشاف البارود ،ولا السعي لمسك الثعلب من ذيله ،فالمسالك واضحة والأساليب لعبورها محددة بدقة وبمعايير ليس للرجل أو لأقرانه العرب، أو حيلة لإقرارها ،وعلى هذا فإن محاولة جر الجمهور العربي إلى شكل من أشكال الأوهام غير وارد على الإطلاق ،وكل ما هنالك أن المبادرة الفلسطينية تحمل في طياتها رغبة في معالجة القضية الفلسطينية بطريقة سلمية ،الأمر الذي ستستجيب له أمم العالم في غالبيتها ،فيما تستعد أمريكا لإجهاضه بحقها في النقض ،وبذلك تظهر صراحة ومن جديد وجهها البشع أمام كل العالم،وبعدها سيكون لكل حادث من صنع الأقوياء، حديث بلغة المستضعفين والضعفاء.