الحلم النبيل و.. الوهم البديل
بقلم :حمدان الجعدي
من قال أن منظمة التحرير تسعى وراء السراب من خلال تقديم طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأسرة الدولية ،وكأنما الأحلام المشروعة للشعوب التواقة للحرية والانعتاق ،محكوم عليها سلفا بإن تتحول إلى أوهام لمجرد إن “الفيتو” الأمريكي يقف لها بالمرصاد؟
ثم من قال أن جعبة القيادة الفلسطينية ،لا تحتوي على أكثر من خرطوشة “طلب الاعتراف بدولة فلسطين” وقبول انضمامها الكامل إلى الهيئة الأممية ،لكي يقال بعد ذلك أن معارضة حماس ورفض إسرائيل وتهديد أمريكا ،وبقية العراقيل المعادية الأخرى الخفية منها والمعلنة ،سيكون من شانها وضع حد للوهم الفلسطيني ،وإحالته على قائمة الموت حسرة وغيظا ؟.
لقد حان الحين لكي ينتقل القلق والحيرة إلى المعسكر المعادي للحلم الفلسطيني ،فإمَا قبول لطلب منظمة التحرير ،ليصار إلى التعامل مع القضية الفلسطينية باعتبارها قضية احتلال لأراضي دولة عضو في منظمة الأمم المتحدة ،وإمَا إسقاط الطلب باستخدام المحدلة الأمريكية في مجلس الأمن بإخراج ورقة الفيتو ،الأمر الذي يجعل منظمة التحرير في حلَ من التزاماتها بالسعي لتسوية القضية بطرق سلمية ،وعندها سيكون من الواجب الانتقال إلى الخطة الجاهزة والإيعاز للسلطة الوطنية بحل نفسها وإعادة الأمانة إلى الهيئات المسؤولة في منظمة التحرير، وبذلك تعفي السلطة نفسها من تحمَل أوزار التعنت الصهيوني والعبث الأمريكي ،وكل السخافات الأخرى بما فيها الانتهازية الأصولية وجناحها الانقلابي في حركة “حماس” الاخوانية.
بقرار السلطة الوطنية حل نفسها ،تكون منظمة التحرير الفلسطينية قد وضعت حدا لأوهام ابتزازها ،عبر الضغط على هيأتها المكلفة بتصريف أعمال الشعب الفلسطيني وإدارة شؤونه اليومية ،وأسقطت مطامع الخصوم والأعداء في الضرب على وتر العرقلة الأمنية ،أو الاقتصادية ،أو القانونية، ولن تجد بعدها الأطراف المتسلطة والمتسلَقة ،ما يبرر أوهامها في تركيع م.ت.ف ،بالتهديد والوعيد ،كما تحاول حماس من خلال جهازها الانقلابي ،أو إسرائيل عبر اخطبوطها الأمني أو أمريكا باستخدام معزوفة قطع المساعدات المالية التي كثيرا ما تلجأ إلى تضخيمها لأجل استغلالها بالأسلوب الأكثر انحطاطا وبذاءة.
لا وقت ولا مجال لقبول وتمرير إنصاف الحلول ،والرئيس الفلسطيني مكلف بتقديم طلب عضوية كاملة للدولة الفلسطينية في الهيئة الدولية، ،وليس الرضوخ لتهديد “الفيتو” الأمريكي أو القبول بالخدعة الفرنسية والاكتفاء بمقعد دولة مراقبة لا فعل ولا تأثير ولا صوت لها، بل مجرد مقعد جانبي على هامش الصرح الاممي .
لقد سقط القناع عن الوجه الأمريكي البشع ،ولم يعد يغنيه سواد بشرة أوباما أو أصوله الإفريقية ولا عقيدة جدوده الإسلامية ،ولا عادت كلماته المعسولة قادرة على خداع الشعب الفلسطيني ،فإمَا اعتراف كامل بالدولة الفلسطينية ،وإمَا “فيتو ” الغدر والحقد ،الذي سيكون دافعا كافيا ومبررا وافيا ليلقي الفلسطيني بكل الأوهام الواهية على رؤوس المروجين والأدعياء ، ويتلقى من جديد مصيره بيده وينطلق في ثورته باستخدام كل وسائل النضال لتحرير وطنه المغتصب.