نعم للمصالحة الوطنية، لا للمحاصصة الحزبية
بقلم أنور جمعة
منذ ما يزيد عن الأربع سنوات، و نحن نستمع إلى أحاديث المصالحة، و حكايات الوحدة و إنهاء الإنقسام في الساحة الفلسطينية، و قد شعرنا بالتفاؤل مرات عديدة، بدون موعد تحقيق المصالحة و الوحدة، و لكن سرعان ما تتبدد الآمال و الأحلام، لتدخل الساحة الفلسطينية في كل مرة من جديد في نفق مظلم، من المناكفات السياسية و التحريض الحزبي، مما يعيدنا دائماً إلى المربع الأول، حيث الواقع المؤلم للشعب، الذي يدفع فاتورة الفرقة و الإنقسام، من قوته و حرياته و أمنه، و مستقبل قضيته الوطنية.
إن المعضلة الحقيقية وراء استمرار الإنقسام الأسود طيلة الحقبة المظلمة، التي ما زال شعبنا يكتوي بنارها، يكمن في أن البحث كان يدور عن اتفاقات محاصصة حزبية، و ليس عن مصالحة وطنية، عن محاصصة حزبية تقوم على أسس فئوية و انتخابية، محاصصة حزبية تقوم على التقاسم الوظيفي، محاصصة حزبية تقوم على الاحتكار للقرار السياسي، فهيهات لمثل تلك الاتفاقيات أن ترى النور، لأنها تحمل في طياتها عوامل فنائها و انهيارها،و خير شاهد على ذلك اتفاق مكة عام 2007 ، و ما تلاه من اتفاقيات ثنائية فشلت و انهارت قبل أن يجف الحبر الذي كتبت فيه.
نحن لسنا بحاجة إلى استنساخ اتفاق مكة جديد، ولسنا بحاجة إلى اتفاق بين نظريات و أيدولوجيات مختلفة، و لسنا بحاجة إلى اتفاقيات لإدارة الإنقسام بدلاً من إنهائه، و لسنا بحاجة إلى اتفاقيات قائمة على المصالح الفئوية و الحزبية الضيقة، نحن بحاجة إلى اتفاق وطني شامل يحقق المصالحة الوطنية، يعيد للقضية الوطنية حيويتها، و يعيد للشعب اعتباره كمصدر أساسي لكل السلطات، و كمانح للشرعية لكل نظام و سلطة، نحن بحاجة إلى اتفاق يعيد الوحدة و اللحمة للوطن، و يقوي النسيج الاجتماعي، اتفاق يحشد كل طاقات و إمكانيات شعبنا لمواجهة التحديات الجسام التي تواجهه، اتفاق يعزز مكانة و دور النضال الوطني الفلسطيني، اتفاق يوجه بوصلة النضال الوطني نحو الهموم الحقيقة لشعبنا في كافة الميادين، اتفاق يرسم استراتيجية وطنية و برنامج عمل موحد، قادر على التصدي لمخططات و سياسات الاحتلال الإسرائيلي العدوانية التي تستهدف كل ما هو فلسطيني، اتفاق يوحد الجهود لمواجهة سياسات القتل و الاعتقال، و نهب الأرض و الاستيطان، و الحصار و تهويد القدس، اتفاق وطني يعيد الأمل للفقراء و الكادحين و اللاجئين بأن فجر الحرية قادم، و أن الاحتلال زائل، اتفاق يشكل رافعة للعمل الوطني من أجل تحقيق الأهداف التي ضحى في سبيلها الشهداء و الأسرى، وفي مقدمتها حق العودة والدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة و عاصمتها القدس.
إن الجميع مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بتحمل مسئؤلياته الوطنية كل في موقعه و مكانه، و السعي الجاد لوضع حد لحالة الإنقسام الذي نعيشه، و الإستفادة من تجارب الماضي، و أخذ العبرة بما يدور في المنطقة من أحداث، فالتاريخ لن ينسى، و الشعوب لن ترحم، إن الفرصة سانحة اليوم لاستدراك ما مضى، ولفتح صفحة جديدة في العلاقات الفلسطينية الداخلية، و هذا يتطلب اغتنام تلك الفرصة، و الشروع الفوري في تنفيذ ما توافق عليه الكل الوطني، خلال جلسات الحوار الوطني الشامل، التي شاركت فيها كافة القوى و الفصائل الفلسطينية، و توجت بورقة صاغها الأشقاء في مصر شملت كل ما اتفق عليه، و تضمنت القواسم المشتركة، التي يمكن أن تؤسس لمرحلة جديدة من الوفاق الاتفاق، وقد وقعت عليها كافة الفصائل في القاهرة شهر أيار/مايو الماضي، فمصلحة شعبنا و قضيته تتطلب البدء الفوري بتطبيق بنود الاتفاق بمشاركة كافة الفصائل الموقعة رغم الإدراك بوجود بعض الملاحظات هنا و هناك، و لكن تظل مصلحة الشعب و الوطن و القضية هي الأهم.
عضو اللجنة المركزية لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني
Contents
نعم للمصالحة الوطنية، لا للمحاصصة الحزبية بقلم أنور جمعة منذ ما يزيد عن الأربع سنوات، و نحن نستمع إلى أحاديث المصالحة، و حكايات الوحدة و إنهاء الإنقسام في الساحة الفلسطينية، و قد شعرنا بالتفاؤل مرات عديدة، بدون موعد تحقيق المصالحة و الوحدة، و لكن سرعان ما تتبدد الآمال و الأحلام، لتدخل الساحة الفلسطينية في كل مرة من جديد في نفق مظلم، من المناكفات السياسية و التحريض الحزبي، مما يعيدنا دائماً إلى المربع الأول، حيث الواقع المؤلم للشعب، الذي يدفع فاتورة الفرقة و الإنقسام، من قوته و حرياته و أمنه، و مستقبل قضيته الوطنية. إن المعضلة الحقيقية وراء استمرار الإنقسام الأسود طيلة الحقبة المظلمة، التي ما زال شعبنا يكتوي بنارها، يكمن في أن البحث كان يدور عن اتفاقات محاصصة حزبية، و ليس عن مصالحة وطنية، عن محاصصة حزبية تقوم على أسس فئوية و انتخابية، محاصصة حزبية تقوم على التقاسم الوظيفي، محاصصة حزبية تقوم على الاحتكار للقرار السياسي، فهيهات لمثل تلك الاتفاقيات أن ترى النور، لأنها تحمل في طياتها عوامل فنائها و انهيارها،و خير شاهد على ذلك اتفاق مكة عام 2007 ، و ما تلاه من اتفاقيات ثنائية فشلت و انهارت قبل أن يجف الحبر الذي كتبت فيه. نحن لسنا بحاجة إلى استنساخ اتفاق مكة جديد، ولسنا بحاجة إلى اتفاق بين نظريات و أيدولوجيات مختلفة، و لسنا بحاجة إلى اتفاقيات لإدارة الإنقسام بدلاً من إنهائه، و لسنا بحاجة إلى اتفاقيات قائمة على المصالح الفئوية و الحزبية الضيقة، نحن بحاجة إلى اتفاق وطني شامل يحقق المصالحة الوطنية، يعيد للقضية الوطنية حيويتها، و يعيد للشعب اعتباره كمصدر أساسي لكل السلطات، و كمانح للشرعية لكل نظام و سلطة، نحن بحاجة إلى اتفاق يعيد الوحدة و اللحمة للوطن، و يقوي النسيج الاجتماعي، اتفاق يحشد كل طاقات و إمكانيات شعبنا لمواجهة التحديات الجسام التي تواجهه، اتفاق يعزز مكانة و دور النضال الوطني الفلسطيني، اتفاق يوجه بوصلة النضال الوطني نحو الهموم الحقيقة لشعبنا في كافة الميادين، اتفاق يرسم استراتيجية وطنية و برنامج عمل موحد، قادر على التصدي لمخططات و سياسات الاحتلال الإسرائيلي العدوانية التي تستهدف كل ما هو فلسطيني، اتفاق يوحد الجهود لمواجهة سياسات القتل و الاعتقال، و نهب الأرض و الاستيطان، و الحصار و تهويد القدس، اتفاق وطني يعيد الأمل للفقراء و الكادحين و اللاجئين بأن فجر الحرية قادم، و أن الاحتلال زائل، اتفاق يشكل رافعة للعمل الوطني من أجل تحقيق الأهداف التي ضحى في سبيلها الشهداء و الأسرى، وفي مقدمتها حق العودة والدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة و عاصمتها القدس. إن الجميع مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بتحمل مسئؤلياته الوطنية كل في موقعه و مكانه، و السعي الجاد لوضع حد لحالة الإنقسام الذي نعيشه، و الإستفادة من تجارب الماضي، و أخذ العبرة بما يدور في المنطقة من أحداث، فالتاريخ لن ينسى، و الشعوب لن ترحم، إن الفرصة سانحة اليوم لاستدراك ما مضى، ولفتح صفحة جديدة في العلاقات الفلسطينية الداخلية، و هذا يتطلب اغتنام تلك الفرصة، و الشروع الفوري في تنفيذ ما توافق عليه الكل الوطني، خلال جلسات الحوار الوطني الشامل، التي شاركت فيها كافة القوى و الفصائل الفلسطينية، و توجت بورقة صاغها الأشقاء في مصر شملت كل ما اتفق عليه، و تضمنت القواسم المشتركة، التي يمكن أن تؤسس لمرحلة جديدة من الوفاق الاتفاق، وقد وقعت عليها كافة الفصائل في القاهرة شهر أيار/مايو الماضي، فمصلحة شعبنا و قضيته تتطلب البدء الفوري بتطبيق بنود الاتفاق بمشاركة كافة الفصائل الموقعة رغم الإدراك بوجود بعض الملاحظات هنا و هناك، و لكن تظل مصلحة الشعب و الوطن و القضية هي الأهم. عضو اللجنة المركزية لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني