حتى نفهم أسباب الهجوم على الدكتور مجدلاني .. بقلم: د. يوسف حمدان
تعرض الدكتور أحمد مجدلاني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، و الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، و وزير العمل الفلسطيني، خلال الأيام الماضية لحملة مسعورة أعدت مسبقاً لاستهدافه، استكمالاً لمخطط يقوده زمرة من المتنفذين في السلطة و بعض الذين يسعون للهيمنة على حركة فتح و سرقة قرارها، بهدف الاستفراد بدولة “الضفة الغربية” حيث أن غزة و أهلها لم تعد في حساباتهم، بل بالعكس يقفون حجر عثرة في وجه كل الجهود المخلصة التي يبذلها الشرفاء من فلسطين و خارجها، من أجل ردم فجوة الإنقسام و تحقيق المصالحة و الوحدة الوطنية، و ذلك خدمة لأهدافهم الخاصة و مصالحهم الشخصية و خدمة لأجندات أسيادهم الذي لا يتمنون الخير لشعبنا.
تلك الزمرة التي تواطأت مع الاحتلال ضد المناضلين و المقاومين، و تستثمر الأموال في مشاريع الاستيطان الصهيونية، و تضع أرصدتها المالية المنهوبة من فقراء فلسطين، و المسروقة من ضحايا الحصار، و المسلوبة من مستحقات الشهداء و الأسرى، في بنوك كيان الاحتلال الإسرائيلي، وكل ذلك فقط لاسترضاء الاحتلال و الاستحواذ على مؤسسات السلطة وسرقتها، وإشباع غريزتهم في الإستوزار، و الهيمنة على حركة فتح، و مصادرة دورها الوطني الذي كان يعتز به كل الشرفاء و الأحرار في العالم، و تفريغها من المناضلين و الشرفاء و محاربة كل فصائل منظمة التحرير الفلسطينية و رموز العمل الوطني.
و قد استهدفت تلك الشرذمة ومخططاتها المشبوهة الكثيرين قبل استهدافهم الدكتور مجدلاني، وأول ضحاياهم هو الوطن و الشعب و القضية، و أوضاعنا الفلسطينية الداخلية غنية عن الشرح و التوضيح، و الكثير من الأسئلة بانتظار إجابات عنها و منها على سبيل الذكر لا الحصر: من الذي قام بتسميم الشهيد القائد الرمز ياسر عرفات في المقاطعة؟، و كيف تمكن الاحتلال من اعتقال القائد أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في أريحا؟، و كيف تم اعتقال مروان البرغوثي و لمصلحة من؟ و بنصائح من تم استبعاده من صفقة شاليط؟، و لماذا وصلت الأمور إلى حد فصل القيادي محمد دحلان و لمصلحة من؟ لماذا تم شن حملة على الوزيرة ماجدة المصري القيادية في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، و لماذا الآن استهداف الوزير الدكتور أحمد مجدلاني الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني؟؟
و قبل الخوض في تفاصيل تداعيات الحملة المسعورة التي شنت على الدكتور أحمد مجدلاني و التي جاءت إثر زلة لسان غير مقصودة قام بالاعتذار عنها، نتساءل لماذا الآن؟ و لمصلحة من؟!! و هل هذا الرجل لهذه الدرجة من السوء ليتم توظيف زعارنة للإساءة له و التشهير به؟ أم أن السبب رفضه للإبتزاز السياسي، و رفضه للتستر على الفاسدين و المزورين، الذين يبحثون عن الامتيازات الوظيفية، و لتصديه لبعض الذين يعتقدون أن مؤسسات السلطة إقطاعيات لهم، ولرفضه التمييز بين الموظفين و تطبيق العدل و المساواة مما أغضب الذين يعتقدون أن السلطة مشروع استثماري، فواجههم وكشف فسادهم و طالب بمحاسبتهم أمام القضاء الفلسطيني.
و للإنصاف و للأمانة الوطنية فإن الدكتور أحمد مجدلاني مشهود له بالكفاءة العلمية و العملية، ويتصف بالنزاهة و الشفافية، و معروف عنه محاربة الفاسدين و المزورين، و محاربة كل المتاجرين بمعاناة شعبنا، و تقديراً لتلك الكفاءة تم تكليفه للقيام بأعمال وزير الزراعة إلى جانب وزارة العمل. نعم لقد زل لسان الرجل و اعتذر بكل شجاعة أدبية و شخصية، وقد قدم استقالته احتجاجاً على الأسلوب الخسيس، والتوظيف المشبوه للزعارنة وأسياده لتلك الزلة.
و لكن السؤال المطروح الآن في أوساط الجماهير الفلسطينية، لماذا ثار وهاج الزعارنة و من خلفه على النعت و الوصف الذي تلفظ به المجدلاني ضد المزورين و لصوص المال العام، و لم يثوروا لمعرفة من هم المزورين و لصوص المال العام؟ !! إلا إذا كانوا يعرفونهم مسبقاً؟!!. إن الشعب و الموظفين يناشدون الدكتور مجدلاني الآن بالكشف عن المزورين و لصوص المال العام، الذين قامت الدنيا و لم تقعد من أجلهم، و ثارت حمية الزعارنة حفاظاً على مشاعرهم، مع العلم أن الشعب يعرفهم جيداً.
هذا من جهة و من جهة أخرى لماذا لم تنظم الاعتصامات و المظاهرات و تعطل المدارس و تستنفر الماكينات الإعلامية للكشف عن قتلة الشهيد القائد الرمز أبو عمار و محاسبتهم؟ وضد من يفرط بحقوق الشعب الفلسطيني و يتنازل عنها و الذي كشفتهم وثائق ويكليكس؟ وضد قضايا الفساد الذي أثارها ضابط الأمن الفلسطيني فهمي شبانة و تم شراء ثمن سكاته؟ وضد الذين ينهبون المال العام واستثماره مع أفراد أسرهم في الأردن و غيرها من البلدان؟ وضد الوزير الذي اتهم بالاعتداء على قاصرات؟ وضد وزير الصحة و وزير الزراعة و الاقتصاد اللذين قررت هيئة مكافحة الفساد التحقيق معهم؟ وضد تجار الأسمنت الذين يوردونه لبناء جدار الفصل العنصري؟وضد المستثمرين في المستوطنات؟ وضد أصحاب الأرصدة في بنوك الاحتلال؟؟؟. هل عرفت أيها المواطن الفلسطيني لماذا؟؟!! لا يحتاج الأمر إلى عمق تفكير، إنهم من (علية) القوم، ومن الذين تسري في عروقهم الدماء (النبيلة)!!!.
إن حماية المشروع الوطني من أمثال تلك الفئة الضالة الفاسدة أصبح ضرورة وطنية، فأين هي فصائل منظمة التحرير الفلسطينية مما يحدث، أين هي حركة فتح، و أين هي من شركائها في العمل الوطني، أين هي جبهة النضال الشعبي من استهدافها و محاولة إقصائها و النيل من دورها الوطني و الكفاحي، أين هي الشعبية و الديمقراطية و حزب الشعب ، التحرير الفلسطينية، و التحرير العربية، و فدا ، و العربية الفلسطينية، لماذا الانتظار، حان وقت الحقيقة، و زال اللثام عن اللئام، و حان الوقت لتصويب المسيرة، و حان الوقت للإعداد للمستقبل، قبل أن يقول الجميع أُوكلت يوم أُكل الثور الأبيض.
مدير مركز وطن للدراسات و التوثيق