كان عام 2012 ملطّـــخاً بالأحمر الـــقاني المتدفق من أجساد الصحافيين. وكأن «مهنة البحث عن المتاعب» أصبحــت هذا العام «مهنة البــــحث عن الموت»، خصوصاً في دول «الربيع العربي»، وفي مقدمها سورية التي نالت «حصة الأسد» في كمية الدماء المسفوكة… حتى باتت «سورية 2012» بمثابة «مصاص دماء» ذي شهية مفتوحة على الصحافيين كما على البشر عموماً.
وهذا ما دفع منظمة «مراسلون بلا حدود» الدولية إلى وصف سورية بأنها كانت هذا العام «مقبرة للعاملين في الإعلام»، معتبرة أن «العنف الأقصى الذي يواجهه الصحافيون والمواطنون الصحافيين، مصحوباً بالعقبات التقنية المعروفة، يجعل من مهمة جمع المعلومات ونشرها عملية صعبة للغاية في هذا البلد».
يرحل عام 2012 مع نعوش 88 صحافياً قتلوا في العالم خلال قيامهم بعملهم، وهو أعلى رقم تقدمه «مراسلون بلا حدود» منذ بدء عملها عام 1992. وسُجل في سورية وحدها العدد الأكبر من الصحافيين القتلى (28، أي نحو ثلث عددهم في العالم)، وبفارق كبير، وفق «لجنة حماية الصحافيين» الدولية. ولم يتردد كريستوف ديلوار، الأمين العام لمنظمة «مراسلون بلا حدود»، في القول إن «الرقم المرتفع للقتلى من الصحافيين عام 2012 يعود في شكل أساس إلى النزاع في سورية، فضلاً عن الفوضى القائمة في الصومال (18 صحافياً قتيلاً) وعنف «طالبان» في باكستان (10). أما تركيا، البلد المجاور لـ «ثورات الربيع العربي»، فاستحقت عن جدارة لقب «أكبر سجن للصحافيين في العالم»، إذ يقبع في سجونها 72 صحافياً، بينهم 42 بسبب عملهم الصحافي. وغالباً ما تحصل الاعتقالات بحجة «مكافحة الإرهاب»، وهي الشمّاعة ذاتها التي تعلق عليها رؤوس الغالبية الساحقة من الضحايا المدنيين في «جارتها اللدود»: سورية.
الحياة اللندنية.