د. مجدلاني لـ”الخبر” الجزائرية ”قوى في غزة لا تريد الوحدة لأنها تهدد مصالحها” ”سنسلم حماس الحكم في حال فوزها في الانتخابات”
”الخلافات في حماس بدأت قبل الحديث عن المصالحة”
تحدث الدكتور أحمد المجدلاني لـ”الخبر” بصفته وزيرا للزراعة الفلسطيني عن تحديات الزراعة في فلسطين، وقضية سرقة إسرائيل المياه الجوفية، كما تحدث عن الوضع السياسي الداخلي بصفته أمينا عاما لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، كاشفا عن بعض النقاط الخلافية المتعلقة بمسار المصالحة الفلسطينية.
نبدأ من آخر تقرير أعدته لجنة الخارجية في البرلمان الفرنسي والذي يدين سياسة ما أسمته سياسة ”أبارتيد الماء” الممارس من طرف إسرائيل، ما تعليقكم؟
– صحيح، وهذا التقرير مهم على أكثر من صعيد، أولا لأنه لم يقتصر على الحديث عن المياه المستعملة في الزراعة وإنما المياه المخصصة لحياة الفلسطينيين اليومية، فقد كشفت الممارسات الإسرائيلية العنصرية ما يجب أن تدركوه أن مصادر المياه شحيحة، إذ لا وجود للأنهار وإنما بعض الينابيع وثلاثة أحواض تتعرض لسطو إسرائيلي، فقد أقاموا مستوطنات في مناطق تواجد الأحواض لتسهيل السيطرة على مصادر المياه، ويكفي أن نعرف أن معدل استهلاك الفرد الإسرائيلي يفوق معدل استهلاك الفرد الفلسطيني بـ13 مرة لمياه الشرب فقط. السياسة الإسرائيلية تصادر المياه وتفرض تراخيص لحفر الآبار، وهناك طيران مرتين في اليوم يقوم بعملية مسح لكشف محاولات حفر الآبار أو الترميم أو أي عملية استخراج المياه، الحال أشبه بمن يسرق منك ويأتي ليفاوضك على ما سرقه منك، ومع ذلك نعتبر أن الوضع في غزة أسوأ بكثير من الضفة لأن إسرائيل تسرق المياه وتعيد بيعها لنا، موضوع المياه من المواضيع الرئيسية، وعليه نسعى بما نملك من إمكانيات وخبرات لاستغلال أمثل للموارد القليلة.
وما الذي تقوم به وزارتكم للحد من هذه المشكلة؟
– فيما يتعلق بوضع الزراعة في غزة يكفي التذكير بأن الشريط الحدودي العازل الذي تفرضه إسرائيل والذي حرم القطاع من أهم الأراضي الزراعية بمجموع 22 بالمائة من مساحة القطاع، الإسرائيليون عملوا على ضرب الزراعة، اليوم لا يمكن الحديث عن الزراعة في غزة والأمر يختلف في الضفة الغربية، هنــــاك معــــركة حقيقـــية على الأراضي الزراعية، على سبيل المثال تم إعلان منطقة الأغوار من طرف إسرائيل منطقة عسكرية مع العلم أنها أفضل الأراضي الزراعية في الضفة، هذه المنطقة لمن لا يعرفها هي السلة الغذائية لفلسطين لأنها تتوفر على قدرات زراعية على مدار السنة. في مقابل هذه السياسة الإسرائيلية طورنا آليات لاستغلال أمثل للمياه وأساليب الزراعة الحديثة لزيادة المردودية في مساحة صغيرة. الأهم أننا نعتقد أن مسألة الزراعة في فلسطين هي أيضا وسيلة من وسائل الصمود الاقتصادي والحفاظ على الأرض، لأن الزراعة تمكن المواطن من البقاء على أرضه ومواجهة سياسة مصادرة الأراضي وتهويدها، نحن ننظر للزراعة من منطلق الحفاظ على هوية الأرض. بالنسبة لنا وزارة الزراعة هي وزارة الدفاع، ليس لدينا جيش، فجيشنا الفلاح الفلسطيني وسلاحه البقاء على الأرض.
بصفتكم عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير والأمين العام لجبهة النضال الشعبي، كيف تنظرون للمصالحة الفلسطينية؟
– من حيث المبدأ أنا ممن يعتبرون أن الأمر لا يتعلق بخصام بين حماس وحركة فتح، وإنما هو خلاف بين التيار الوطني والتيار الإسلامي، فتح هي جزء من منظمة التحرير التي تضم العديد من التيارات، ومشكلة حماس مع المنظمة وليس مع فتح. المصالحة بالنسبة لنا في منظمة التحرير ليست خيارا من بين خيارات وإنما شرط أساسي لدحر الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية، في سبيل المصالحة نحن مستعدون لتقديم كل التنازلات الممكنة، نريد أن نصل لمرحلة إقامة انتخابات شفافة نحتكم فيها إلى الشعب الفلسطيني ليقرر، لا نريد لا عنف ولا انقسام.
حماس تعتبر أنها احتكمت للانتخابات، ماذا لو تكرر السيناريو وفازت مرة ثانية.. هل تسلمونها الحكم في الضفة؟
– نعم، وقد سلمنا حماس مقاليد الحكم، وفي حال تكرر السيناريو وفازوا بالانتخابات سنسلمهم السلطة، نحن مقتنعون بالمسار الديمقراطي، لكن يبدو أن الإخوة يؤمنون بمنطق الإقصاء، وإلا كيف يمكن تفسير الانقلاب الأسود الذي قاموا به، لا بأس أن أذكر في هذا المقام أن الأحزاب والتيارات لطالما اختلفت على مواقف سياسية، لكن لم يحدث أن أراد أي تيار إقصاء غيره أو إلى تقسيم الشعب الفلسطيني، أعتقد أن الاختلاف السياسي أمر والتخوين والتكفير شيء آخر، ومع ذلك نرغب في طي هذه الصفحة وسنقدم كل تنازل ممكن لإنهاء هذا الانقسام، بودنا أن نصل لانتخابات ونحن جاهزون لتشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة بعيد عن الصراعات السياسية، مهمتها التحضير للانتخابات، وإعادة إعمار غزة وتوحيد المؤسسات تقوم بهذه المهام في أجل زمني محدد.
وكيف تقيّمون جولات المصالحة إلى الآن؟
– اتخذنا قرارات مهمة لكنها تبقى غير كافية، تساعد على خلق مناخ للمصالحة، لكنها لا تؤدي للمصالحة، نحن نعتقد أن استمرار وجود حكومتين يعني استمرار الانقسام ولا بد من توحيد الحكومة وتوحيد المؤسسات والأمن وأن يكون هناك سلاح أمن واحد، لكن ما يحدث بعيد عن هذا الهدف، لا أفهم مثلا لماذا يحتاج مواطن فلسطيني تراخيص من حماس ليدخل إلى غزة، كيف يمكن الحديث عن المصالحة وحماس تمنع فتح من إقامة احتفالية في غزة للقائد عرفات، نحن ندرك أن هناك قوى اجتماعية واقتصادية في غزة لا تريد المصالحة لأنها تهدد مصالحها ولذلك تعيق المصالحة.
هناك حديث عن خلافات أو تباين في وجهات النظر في حماس بخصوص المصالحة؟
– مع أن الأمر يخص الحركة، إلا أنه لارتباطه بالشأن الفلسطيني العام، يمكن القول أن الانقسام في حركة حماس لا علاقة له بالمصالحة، وقد بدأ حول مركز صنع القرار هل في غزة أو في دمشق، وهذا ما تؤكده تصريحات قادة حماس أنفسهم، نحن نريد أن نتعامل مع قيادة حركة حماس واحدة، نحن لا نسعى لأن يكون هذا الانقسام كل همنا كيف نصل إلى توحيد الصف الفلسطيني.
لكن المتتبع للأوضاع يدرك أن هناك تطورا حدث على خلفية الربيع العربي، على اعتبار أن حماس جزء من تنظيم الإخوان المسلمين، والحركة أعادت ترتيب أوراقها في ظل التطورات الإقليمية، فالإخوان استعادوا تحالفهم التاريخي مع الولايات المتحدة وصعدوا للحكم في العديد من الدول، هذا الوضع فتح الباب أمام التفكير في أن تستلم الحركة الإخوانية مقاليد الحكم في فلسطين، ونحن نعلم أن حركة حماس انفصلت مؤخرا عن تنظيم الإخوان المسلمين في الأردن واستقلت بذاتها لتصبح تنظيم الأخوان في فلسطين وبالتالي يجب أن يكون هناك مراقب عام للإخوان في فلسطين، مثلما هو الحال في كل من سوريا ومصر أو غيرهما، المراقب العام يجب ألاّ يكون نفس الشخص على رأس حماس، وعليه فإن التغيير في قيادة حماس يبدأ من هنا، لكن يبقى المهم بالنسبة لنا أن نتعامل مع إطار سياسي وتيار موجود بالمجتمع أيا كانت تسميته، لنبني شراكة وطنية معه في إطار أولوية مواجهة الاحتلال، وعليه نحن نقول فليحلوا مشكلاتهم ليتسنى لنا التعامل مع طرف سياسي لتوحيد الصف الفلسطيني.