ثلاث سنوات على غياب القائد والمفكر الفذ الدكتور سمير غوشة ، هذا المناضل الكبير المتسلح بالإرادة الوطنية والحكمة والفكر الثاقب في مجرى الصراع الذي أسس لمرحلة مفعمة بالنضال والبناء والعطاء ، على صعيد جبهة النضال الشعبي التي أسسها وقادها فحسب ، بل على مستوى الحركة الوطنية وحركة التحرر العربية والأممية .
سنفتقدك دائما كما نحن الآن وفي كل آن ، نستذكر سجاياك ومواقفك وإرشادك ، نتذكر حرصك ومتابعتك لأوضاع وهموم الرفيقات والرفاق ، سؤالك الدائم عنهم في خضم هذه المسيرة النضالية الطويلة والشاقة .
ذكريات لا حصر لها من رجل من أغلى واصلب الرجال ، جسد مقولاته بأفعاله ، فكان نبراسا وهاديا وملهما لنا في جبهة النضال الشعبي وفي عموم الحركة الوطنية ، وها نحن الآن وبعد ثلاث سنوات من هذا الغياب القاهر ما زلنا على العهد ، ماضون بالطريق التي رسمتها بكل ثقة ، نستلهم تجاربك ونضالاتك وأفكارك السياسية والاجتماعية والنضالية ، فكم في مقولاتك الحكم والمآثر والدلالات .
أنه كان مدرسة فكرية ونضالية وعندما نتحدث عن حياة القائد المؤسس التي تميزت بالعطاء والمصداقية والإخلاص والتفاعل الحي والحريص مع كافة القوى الوطنية ، فقد كان الدكتور غوشة جسرا للحوار بين أطراف الحركة الوطنية الفلسطينية ولم يعتقد أن التباين والاجتهاد في وجهات النظر تؤدي إلى انقطاعا بل تكاملا في الأدوار والمسؤولية والمهمات الوطنية تجاه قضية شعبنا ومصالحه الوطنية .
في ذكرى الدكتور سمير غوشة فأننا نستخلص العبر والدروس من تجربة هذا المناضل الوحدوي الأصيل في هذه الفترة الصعبة التي تمر بها قضية شعبنا ، فلنحافظ على وحدانية تمثيل منظمة التحرير لشعبنا ولنحافظ على القرار الوطني المستقل ، فكم كان حكيمنا الراحل متمسكا وحدانية التمثيل والقرار المستقلة باعتبارهما البوصلة والضمانة للحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية ، وحينما نتحدث عن د. غوشة فهو رجل الحوار والقرار الفلسطيني المستقل الذي كان دائما يتناول الوضع الفلسطيني ، فكانت فلسطين وقضيتها محور اهتمامه وفكره في كل الأوقات وأصعب المنعطفات.
د. غوشة حالة وطنية نادرة فقد خرج عن تنظيمه جبهة النضال ليكون لكل فلسطين ، وحدوياً صلبا مبدئيا قائدا ومناضلا ، وكان جسر تواصل ومحبة وعكس روح المناضلين والثوار ، وكان حريصا على منظمة التحرير فكان يصفها بعقل وشرف الشعب الفلسطيني.
رفيقنا وقائدنا وحكيمنا ، أيها الحبيب الغالي : كم وهو مؤلم هذا الفراق ، ولكن هذه هي الحياة ، فقد رحلت ولكنك ما زلت فينا وبيننا ومعنا ، لا يمر يوم دون أن نلتقي بك أو تلتقي بنا لنكمل هذه المسيرة ، مسيرة النضال على ذات الخطى والرؤى والبرامج النضالية وعلى قاعدة ” أن التناقض الرئيسي مع الاحتلال وان التناقضات الثانوية تحل عبر الحوار الوطني الديمقراطي ” كما كنت تردد دائما يا حميد الخصال ورمز النضال .