كتب حسني /بعد هزيمة حزيران عام 1967، وجد الشعب الفلسطيني نفسه داخل الأرض المحتلة وجها لوجه مع عدوه وعلى أرضه ، وكان من الطبيعي أن يهب لمقاومة الاحتلال رغم هول الهزيمة وملابساتها المريرة فجاءت انطلاقة جبهة النضال الشعبي الفلسطيني في 15-7-1967م، ومن مدينة القدس.
وجبهة النضال الشعبي الفلسطيني واحدة من أقدم القوى السياسية والعسكرية الفدائية التي تشكلت في سياق النهوض الوطني الفلسطيني الكبير في الثورة المعاصرة، فقد تأسست في مدينة القدس ، على يد رعيل من المناضلين الفلسطينيين وفي المقدمة منهم : الدكتور صبحي غوشة، الشهيد سفيان خليل سفيان (أبو الحكم)، مصطفى وزوز، إبراهيم فتياني (أبو النايف)، خالد الخروف، والدكتور رفعت عودة ، والدكتور سمير غوشة والشهيد نبيل القبلاني والشهيد خالد العزة ،وآخرون .
وصدر بيان تأسيسها الأول في مدينة القدس في تموز / يوليو 1967، حيث دعت إلى المقاومة الشعبية العارمة في وجه الاحتلال واعتماد كل الأساليب الممكنة على ضوء الإمكانيات المتوافرة وحرضت على القيام بالإضرابات والمظاهرات ومقاطعة العدو، في الوقت الذي كانت فيه الجبهة تعمل على تدريب أعضائها على المقاومة المسلحة، وتحث الخطى باتجاه مباشرة العمل المسلح.
نفذت جبهة النضال الشعبي الفلسطيني العملية الفدائية الأولى يوم 24/12/1967 وذلك بنسف الإرسال الإذاعي والتلفزيوني الإسرائيلي في مدينة بيت لحم، وصدر البيان العسكري الأول لها باسم منظمة النضال الشعبي الفلسطيني ، ثم توالت عملياتها الفدائية حتى شملت مناطق فلسطين المحتلة عام 1948، تطبيقاً لمبادئها وإستراتيجيتها في الكفاح المسلح وحرب التحرير الشعبية، في بداية عام 1968 بدأت بتشكيل خلايا ومراكز تدريب في الأردن وبزيادة نموها أصبح لها قواعد عسكرية ومراكز للتدريب وميليشيات شعبية في مخيمات اللاجئين والمدن الأردنية وعددا من الأقطار العربية.
تميزت علاقة جبهة النضال الشعبي الفلسطيني مع قيادة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وعملت مجموعات منها على حماية الرادار المصري في منطقة الشوبك الأردنية قرب مدينة الكرك، وهو الرادار الذي كان يؤمن تغطية للطيران المصري أثناء عملياته فوق شمال شرق سيناء وجنوب فلسطين، حيث شكلت الجبهة ، طوقاً من الحماية الأرضية المحيطة بالرادار تحسباً من إنزالات إسرائيلية متوقعة. وعبر علاقة التنسيق بين الجبهة والطرف المصري ممثلاً بـ إبراهيم دخاخنة (سامي) السفير المصري في عمان، وضابط الارتباط المصري مع القوى الفلسطينية الحليفة لمصر عبد الناصر، لعبت جبهة النضال ومنظمة فلسطين العربية دوراً فاعلاً في تنفيذ عملية تدمير السفينة الإسرائيلية إيلات عام 1969 عندما عملت على توفير عمليات الاستطلاع الدائم عبر مجموعات تابعة لها، وفي تأمين الإقامة لمجموعة الضفادع البشرية المصرية في إحدى قواعدها جنوب الأردن، وفي المرحلة التالية بإيصال أعضاء المجموعة حتى شاطئ الازدلاف في خليج العقبة، بقيادة الفدائي أحمد أبو لبن من جبهة النضال، قدمت حتى العام 2011 مئات من الشهداء والأسرى والجرحى.
الجبهة منذ انطلاقتها خاضت إلى جانب فصائل الحركة الوطنية الفلسطينية في الوطن والشتات جميع معارك تجسيد الكيانية السياسية والدفاع عن الثورة والشعب وأسهمت بجهودها المخلصة في تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية من خلال المشاركة في الصيغ الوحدوية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية والدفاع عن وحدة الثورة والشعب، وتابعت الجبهة تحمل مسؤولياتها الكفاحية من خلال مشاركتها في السلطة الوطنية الفلسطينية باعتبارها تجسيدا للكيانيه الوطنية على الأرض الفلسطينية وخطوة على طريق إقامة الدولة الفلسطينية دولة الشعب الفلسطيني أينما تواجد .
إدراكا من جبهة النضال الشعبي الفلسطيني لطبيعة المرحلة التي تمر بها القضية الفلسطينية باعتبارها مرحلة تتداخل فيها مهام التحرر الوطني والنضال من أجل الحرية والاستقلال حيث تصطف الغالبية العظمى من أبناء الشعب الفلسطيني بمختلف طبقاته الاجتماعية خلف شعار إنهاء الاحتلال وتحقيق الاستقلال السياسي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، مع النضال الاجتماعيوالديمقراطي وبناء أسس الدولة الفلسطينية المستقلة.
فيما يتعلق بالدولة الفلسطينية المستقلة فإن الجبهة ترى أن الصيغة السياسية المنسجمة مع التجربة الكفاحية للحركة الوطنية الفلسطينية والتي تستجيب لطموحات الشعب الفلسطيني ، هي قيام نظام سياسي برلماني يقوم على أساس التعددية السياسية والحزبية وانتقال السلطة والتداول عليها بشكل سلمي وديمقراطي ومع مبدأ الفصل ما بين السلطات الثلاث التشريعية، والقضائية، والتنفيذية وضمان حقوق جميع المواطنين التي يكفلها الدستور بما فيها حرية التعبير والتجمع والتنظيم السياسي والنقابي ، بصرف النظر عن العرق أو الجنس أو الدين، والعمل على إقامة مجتمع فلسطيني تسوده مبادئ العدالة والمساواة على أسس اشتراكية ديمقراطية منسجمة مع الواقع الاقتصادي والحضاري التاريخي الموروث لشعبنا.
عضو اللجنة المركزية لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني
ترى الجبهة استنادا إلى الخبرات التي أفرزها الصراع العربي والفلسطيني الإسرائيلي على مدار قرابة أكثر من ستون عاما، وإدراكا منها لطبيعة موازين القوى الإقليمية والدولية التي شهدت تحولات جذرية في السنوات القليلة الماضية، وإن الأهداف التي تصدت الحركة الوطنية الفلسطينية لإنجازها منذ وعد بلفور والمتمثلة في تحقيق الكيانية الفلسطينية وتحرير فلسطين من الغزوة الصهيونية الاستيطانية وإقامة الدولة الديمقراطية على كامل التراب الوطني الفلسطيني شكلت النبراس الهادي للوطنيين الفلسطينيين في كفاحهم، والبوصلة التي أرشدت خطاهم في المنعطفات الاضطرارية، لتمكينهم في ظل هذه التحولات من النضال بكافة الوسائل المشروعة والداعية للحفاظ على الحقوق الوطنية المشروعة بالعودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.ونفذت الجبهة عملية خطف طائرة أولمبيك اليونانية عام 1969 من أجل إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين من الجبهة الشعبية، ومجموعة من جبهة النضال نفذت عملية تفجير مكتب شركة العال الإسرائيلية في أثينا، حيث تكللت العملية بالنجاح وأطلق سراح الجميع ، وتكمن المجموعة التي نفذت العملية من العودة بالطائرة إلى القاهرة حيث أطلق سراح الجميع بمن فيهم المجموعة الفدائية.