أفنان أحمد.. أبدعت تحويل الحيطان الصماء إلى ناطقة بالفكر

2017/02/02
Updated 2017/02/02 at 10:14 صباحًا


استراحة الحياة- نائل موسى- تضفي جدارية كبيرة فرغت فنانة تشكيلية فلسطينية شابة، من رسمها على الجدار الغربي لساحة مركز البيرة الثقافي، بعدا جماليا وفكريا لافتا، يزيد هذا الصرح الثقافي والمعماري المتميز في مركز المدينة أناقة تشد المارة وتستوقف الذواقة.
أمضت الرسامة التشكيلية الصاعدة 3 أيام طوالا وشاقة تتنقل بين الفرشاة والألوان وزخم الفكرة وتواجه تقلب الأحوال الجوية على منصة تحملها ومرسمها النقال المتواضع قبل أن يتسنى مهرها بخط أنيق بكلمة “أفنان أحمد”.
في مركز الجدارية تشمخ امرأة فلسطينية وتعلو قامتها على جدران وبيوت ريفية تقليدية الطراز والى يمينها نبات الصبار المعروف بشوكه وبصبره على العوامل الجوية وقدرته على طرح الثمار الحلوة رغم شح الماء والغذاء، وفي اليسار زهور جميلة تزيد المشهد رقة تاركة الساحة للزيتون وطيور الحمام رمز التجذر والسلام.
أفنان خريجة الفنون الجميلة حديثة العهد من كلية فلسطين التقنية للبنات في رام الله، ليست مستجدة متى تعلق الأمر بفن الجداريات التي تفخر بانجاز ست منها بعمل منفرد حتى الآن، جعلت الجدران والمساحات الصماء مكانا مريحا وممتعا للعين ومحفزا للعقل يؤمه الرواد ويشعرون انهم يستعون الى مداخل جندرية عميقة في حديقة غناء.
ويبدو من مكونات الجدارية ان الرسامة استحضرت أكثر الرموز الشعبية الدراجة وأقربها الى النفس وشكلتها ببراعة وبلغة والألوان العالمية لإيصال رسالة جميلة وقوية تنادي بأهمية ووجوب تعزيز مشاركة النساء في صناعة القرار السياسي عبر صندوق الاقتراع بالترشح أو الانتخاب.
جدارية تعزيز المشاركة السياسية للنساء هذه، وبعض مما سبقها للفنانة أفنان هي عمل فني تنفذه بالتعاون مع طاقم شؤون المرأة ضمن حملة “صوتها وصوتك وطن” بالشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، تحت اطار برنامج قفزة للنساء للأمام بدعم من الاتحاد الاوروبي.
الفنانة التشكيلية افنان، تقول أردت رسم لوحة الفنية، تعكس حق المرأة في المشاركة في المجتمع واتخاذ القرار، هذه ليست الأولى سبق أن أنجزت 5 جداريات ذات ممول سياسي واجتماعي يخدم هذا الهدف ويحطم القيود والمعوقات الذي أومن به وأسعى لإيصاله بقوة.
وتابعت تحقيق هذا الغرض في جدارية يلزم تضمين كم كبير من الأفكار وتزاحم في الدلالات والمركبات اللغوية التي قد تشتت المشاهد وتبعده عن العمل وبالتالي ضياع الرسالة وقررت الالتفات الى راحة الجمهور اكثر في العمل.
وتضيف هذه الفنانة الشابة: فكرت بالطريقة التي يمكن ان يخرج بها هذا العمل رتبت أفكاري وفرغتها عبر تصميم تجربي على الورق بقلم الرصاص، وفي مخيلتي وهاجسي الانتهاء بعمل قادر على جذب العين والعقل وسعيت لرسم لوحة تصور منظرا طبيعيا يزين المكان.
وتقول: بدا ان الجدارية أعجبت الجمهور وأوصلت الرسالة، وصاروا يطلبون مني ان ارسم مثلها” مشيرة الى ان خمسا من جداريتها تزين الجدران الداخلية لخمس مدارس وتسهم في تعليم التلاميذ بصمت عن المساواة بين الجنسين وحقوق المرأة باعتبارها نصف المجتمع ومربيته ولبنة بنائه وتقدمه.
وتتابع: استخدم في اعمالي الوانا قاتمة، لكن الالوان الزاهية التي تشيع الفرح تبقى هي الابرز، وهذا يؤدي الى توليد شعور بالراحة للمشاهد يساعده على التفحص والتذوق فترة اطول ويسعده.
وقالت: التأمل وفهم رسالة الجدارية امر ضروري للنساء لتزداد قناعتهن صلابة ويترسخ نضالهم لتجسيد حق المشاركة، دون تمييز على اساس الجنس، وللرجال لزيادة عدد المناصرين منهم لقضايا وحقوق المرأة وللمساواة والشراكة.
وأضافت: الجدراية تعكس حق المرأة في المشاركة في صناعة القرار المجتمعي والسياسي والمستقبل وهذه القضية حاضرة في جميع أعمال الفنانة افنان خلال مسيرتها التشكيلية الغنية رغم قصيرها.
وتجسد الجدارية مشاركة المرأة في النضال الوطني التحرري والاجتماعي، وتواجدها في مختلف مراحل ومحطات النضال فهي الخط الأول، شريكة كاملة ما يتطلب ان تكون شريكة فاعلة ايضا في صنع واتخاذ وتنفيذ القرار السياسي.
وتستخدم أفنان “املشن خطاطين” الذي يستخدم لإعمال الخطاطين على القماش، الجدران، الورق، وهو املشن مبني على أساس من المبلمرات، والمواد الملونة ذات الجودة العالية، شديد الالتصاق مع السطح، ومقاوم للعوامل الجوية المختلفة من رطوبة وأشعة الشمس، ما يجعله أكثر ملاءمة لجدارياتها هذه.
ويتوفر هذا الصنف بأربعة ألوان أساس هي الأسود، الأحمر، الأخضر، والأصفر، وقد يأتي جاهزا بالأزرق.
وتتولى افنان ومساعدتها وشقيقتها إيمان الفنانة الصغيرة الهاوي مزج هذه الألوان للحصول على الألوان المطلوبة بحرفية من مختلف الدرجات وهو ما يستهلك وقتا إضافيا
تعيش أفنان في قرية الساوية بمحافظة نابلس على الشارع الرئيس المؤدي الى رام الله ضمن اسرة مربٍّ ومدير المدرسة عدنان احمد وهي اسرة موهوبة تهوى الفن التشكيلي خصوصا وتحول المنزل إلى ما يشبه لوحة.
ومثل أفنان التي رسمت اول لوحة حقيقية وهي في العاشرة، حصلت شقيقتها الاصغر نور الطالبة في الثانوية العامة على جوائز خمس مسابقات رسم، فيما إيمان ابنة الستة عشر ربيعا على الدرب تتبع خطاهما، وهي منافسة قوية ضمن مسابقتي رسم تخوض غمارها لأول مرة، فيما يبرع شقيقهن الاصغر في الاشغال اليدوية والرسم على الاواني.
ولا يتوقف إبداع أفنان عند حدود الجداريات فلها الكثير من اللوحات وكانت على وشك تنظيم معرض مشترك مع فنانتين أخريين لكن تردد الصديقات أحبط الحلم الذي تأمل أفنان ان تحققه قريبا بإقامة معرض شخصي وربما مع شقيقتيها الهاويتين.
وتضيف افنان: والداي اللذان فازا بمبادرة الهام فلسطين هما اصحاب الفضل الأول بعون الله، وأبي من شجعني على تطوير موهبتي التي انعسكت على جميع افراد الأسرة.
ولا تقتصر موهبة افنان صاحبة الخط الجميل على الرسم والالوان، فقد سبق أن احرزت المركز الاول بمسابقة مدرسية في الخط العربي حين كانت طالبة في الثانوية العامة.
وتابعت: استمتع كثيرا برسم الجداربات واللوحات وحققت قدرا وانا امضي على الطريق اذ أعجبت جهة بريطانية بلوحات لي عن التراث الفلسطيني وتم طبع لوحة منها تتناول الانتهاكات التي تتعرض لها المدارس على كتيب “معلمون بمهمة”.
وخلصت للقول: أتمنى ان أرى اهتماما وطنيا اكثر بالمواهب الشابة وتساعد أصحابها على تمنيتها وصقلها وتحقيق الانتشار، فانا مثلا أواجه صعوبة في عرض لوحاتي وأعمالي للجمهور أتمنى ان تتبنى مراكز ومؤسسات تنظيم معارض خاصة.

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً