تجارة الانفاق بين غزة و سيناء مال دون رأس .. و رأس دون مال

2013/02/02
Updated 2013/02/02 at 11:40 مساءً

Palestinians smoke cigarettes as they work inside a smuggling tunnel dug beneath the Egyptian-Gaza border in the southern Gaza Stripملخص ” أحد تحديات المصالحة بين حماس و السلطة هو إعادة إستيعاب 55000 موظف للسلطة الفلسطينية في غزة والذين طلب منهم الاستنكاف عن العمل مع حكومة حماس , هنالك تحد لا يقل أهمية هو كيفية دمج مئات الاثرياء الجدد الذي راكموا ثروات هائلة من التجارة غير الشرعية إلى النشاط الاقتصادي الشرعي و المسجل و في إعادة مئات آخرين خرجوا من النشاط الاقتصادي بسبب الحصار .

عن هذا المقالالانفاق ليست جديدة:-

حسب وزراة الدفاع الاسرائيلية أن الانفاق تحت الحدود الغزاوية السيناوية موجودة من منتصف الثمانيات .كان عددها في ذلك الوقت لا يزيد عن اصابع اليد الواحدة وقد كانت بدائية جدا و إستخدمت في تهريب ما هو ممنوع في ذلك الوقت مثل السلاح و المخدرات و الافراد الممنوعون من المرور عبر المعابر الشرعية .

اصبحت الانفاق ظاهرة مركزية و مؤثرة منذ فرض الحصار الاسرائيلي على قطاع في يونيو من العام 2007 على أثر سيطرة حماس على الحكم في قطاع غزة . فقد تضخم عددها حتى وصل إلى 1200 نفقا تمتد تحت الشريط الحدود الذي يتراوح طوله 12 كيلو متر و عرضه 700 متر . كذلك تغيرت وظيفتها حيث أصبحت مصدرا هاما لإدخال آلاف السلع اللازمة لحياة البشر و مصدرا هاما للإيرادات التي تجبيها حكومة حماس في غزة . إلا أن أهميتها و عددها قد تضاءلت في يونيو 2010 نتيجة تخفيف الحصار الذي إضطرت له الحكومة الاسرئيلية بسبب الضغط الدولي الذي انتج عندما هاجمت البحرية الاسرائيلية عددا من السفن , معظمها تركية كانت تحمل متضامنين دوليين, معظمهم أتراك في 31 مايو 2010 . الجدير بالذكر أن الهجوم الاسرائيلي أدى إلى مقتل عدد من الناشطين الاتراك و توتر العلاقة بين إسرائيل و تركيا.

نتائج في إتجاهات متعددة :

بالرغم من عدم شرعيتها , فقد ساهمت تجارة الانفاق في تخفيف تداعيات الحصار الاسرائيلي على سكان قطاع غزة , حيث وفرت الانفاق مئات السلع الاساسية مثل حليب الاطفال و المستلزمات المدرسية و كذلك مدخلات قطاع الانشاءات , لكنها أيضا خلقت ظواهر و سلوكيات سلبية سيحتاج المجتمع الفلسطيني إلى سنوات طويلة و مجهودات ضخمة لمعالجتها .

أثرياء جدد و أنماط إستثمار جديدة  أحد النتائج المباشرة لتجارة الانفاق هو تكون طبقة من الاثرياء الجدد الذين تمكنوا من مراكمة ثروات خيالية في وقت زمني قصير .

حيث تحدثت تقارير عديدة عن تكون طبقة جديدة من المليونيرات الجدد يزيد عددهم 1000 مليونير سبب ظهور هذه الطبقة في إحداث تغيير جوهري في انماط النشاط الاقتصادي في قطاع غزة و في تغيير منظومة القيم التي تحكم المجتمع . ونظرا إفتقار هذه الطبقة للخبرة اللازمة في إدارة الاعمال  فقد إتجهت إستثماراتهم في معظمها إلى الاشكال التقليدية في الاستثمار مثل شراء الاراضي و العقارات و إمتلاك السيارات الفارهة مما رفع اسعرها بشكل خيالي ، كذلك تمكنت هذه الطبقة تدريجيا من إمتلاك التأثير السياسي و الثقافي في مجتمع قطاع غزة . كما يحدث عادة في مثل هذا الظروف سعت هذه الطبقة للتشبيك مع السلطة من أجل الحصول على الحماية و التأثير .

تحول الثقل الاقتصادي من المركز للمحيط :

كانت مدينة غزة التي يسكنها ثلث سكان القطاع هي مركز النشاط الاقتصادي سواء التقليدي أو الحديث . تحول هذه الثقل بسبب الانفاق الموجودة تحت الشريط الحدودي بين مدينتي رفح الفلسطينية و مثيلتها المصرية إلى تحول النشاط الاقتصادي و تراكم رأس المال من غزة المدينة إلى رفح في أقصى جنوب قطاع غزة . في المقابل و في محاولة منها لتحقيق الارباح , إنتقلت رؤؤس أموال ضخمة من العائلات التقليدية التي تسكن في مدينة غزة و محيطها إلى منطقة رفح حيث حدثت شراكات بين طبقة الاعمال التي تمتلك الخبرة و المعرفة بالنشاط الاقتصادي مع طبقة جديدة تمتلك الخبرة في حفر الانفاق و التجارة إضافة لروابطها العائلية مع قبائل سيناء و هي شروط هامة جدا للعمل في تجارة الانفاق . في المقابل حدث إنتقال ملحوظ لطبقة الاثرياء الجدد من المحيط إلى المركز في بحثهم عن فرص لتوظيف ثرواتهم الهائلة أو في بحثهم عن مواطن التأثير و السيطرة . و أصحبت مدينة رفح الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة من أكثر مناطق فلسطين ثراء بعد أن صنفتها تقارير التنمية البشرية على أنها أكثر مناطق فلسطين فقرا .

خسائر بشرية و تغيير في القيم و المفاهيم :-

لقد أحدثت الانفاق تغييرا جوهريا في النسيج الاجتماعي و الطبقي و في منظومة القيم التي تحكم المجتمع  فقد ساهمت تجارة الانفاق في نشر قيم الثراء السريع بين الشباب و رجال الاعمال مما دفع بآلاف المدخرين الصغار و رجال الاعمال للانخراط في هذا المجال إضافة لعشرات الالاف من العمال الذين لم يكن أماهم فرص عمل أخرى سوى العمل في هذا المجال الخطر جدا  إن الثراء السريع من تجارة الانفاق أعطى مثالا إضافيا لإختلال العلاقة بين الجهد و المردود .. حيث تجد شابا في العقد الثالث من عمره يقود سيارة فارهة جدا .. سيكون على دكتور الجامعة العمل عشرين عاما كي يتمكن من إقتنائها .

مال دون رأس .. و رأس دون مال :-

تشترط الحكومة الاسرائيلية لرفع الحصار عن قطاع غزة , والذي يعني إنتهاء تجارة الانفاق و عودة التجارة بين قطاع غزة و إسرائيل كما كانت في السابق أن تعترف حكومة حماس بشروط الرباعية أو عودة السلطة الفلسطينية المعترف بها إسرائيليا و دوليا للحكم في قطاع غزة . قد تنتهي الانفاق بتحقق أي من هذين الشرطين, لكن ستبقى آثارها لسنوات طويلة و سيكون المجتمع الفلسطيني بحاجة إلى برامج و مجهوداتها عظيمة لمعالجتها . أحد أهم هذه النتائج هو كيفية التعامل مع هؤلاء الاثرياء الذي تعودوا على العمل تحت الارض و لا يؤمنون بالتسجيل في الغرفة التجارية و المؤسسات الرسمية أو كيفية التعامل مع البنوك أو الدخول في شراكات أعمال على المستوى الدولي . كذلك سيكون الاقتصاد الفلسطيني بحاجة لهذه الاموال الهائلة التي يحتفظ بها اصحابها خارج إطار النظام المصرفي من ناحية . و كيفية العمل على إعادة طبقة الاعمال التي تمتلك الخبرة في مجال الاعمال لكنها تفتقر لرأس المال من ناحية أخرى . إن أحد التحديات المتوقعة هو كيف يمكن جمع المال برأسه كي يساهم في إعادة إعمار قطاع غزة ة و تفعيل النشاط الاقتصادي ومعالجة التشوه الذي اصاب النسيج الاجتماعي .

عمر شعبان Palestine Pulse.

Read more: http://www.al-monitor.com/pulse/ar/contents/articles/opinion/2013/01/gaza-tunnel-millionaires.html#ixzz2JmOPmkG9

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً