أفريقيا تصفع نتنياهو ..بقلم :عمر حلمي الغول

2017/09/14
Updated 2017/09/14 at 8:12 صباحًا


في أثر سفر بنيامين نتنياهو إلى الأرجنتين وكولومبيا والمكسيك في اول زيارة لرئيس وزراء إسرائيلي للقارة الأميركية اللاتينية يوم الأحد الماضي، وخشية إنعكاس الصفعة التي وجهت له من القارة الأفريقية عشية سفره على إدعاءاته المغالية والمتطيرة في حجم الإنجازات التي حققها والمتوقعة في المستقبل. لاسيما وان زعيم الإئتلاف الحاكم مهد لزيارته بحملة دعاوية تشير إلى نجاحاته في إحداث إختراقات على أكثر من مستوى وصعيد وفي القارات الخمس بما في ذلك الوطن العربي. لكن تواتر أخبار المواقع العبرية عن إلغاء توغو القمة الأفريقية الإسرائيلية المقرر عقدها في الثلث الأخير من إكتوبر/ تشرين أول القادم صباح يوم الإثنين التالي لسفر رجل إسرائيل الأول والملاحق بقضايا وفضائح الفساد، كشفت بؤس وتلاشي نتائج الحملة الإعلامية للباحث عن ملاذ يستر به عوراته الفضائحية التي تلاحقه بالمعنى الآني، وتحول دون سقوطه عن عرش الحكم المتآكل، وحرصه على إقرار الإسرائيليين بمجد ما يضعه في مقام زعماء إسرائيل التاريخيين أمثال بن غوريون او بيغن.

إبلاغ الرئيس التوغوي “فورغناسينغبي” رئيس الحكومة الإسرائيلية، نتنياهو تأجيل القمة الأفريقية الإسرائيلية إلى أجل غير مسمى. جاء نتاج الظروف غير المهيأة لإكثر من سبب، منها اولا المظاهرات المجتاحة لبلادة بتنظيم من المعارضة، ورفضا للقمة؛ ثانيا تراجع بعض الدول الأفريقية عن المشاركة بالقمة، والذي تلازم مع ضغوط قوية من قبل جنوب أفريقيا على توغو ورئيسها؛ ثالثا الضغوط الفعالة التي مارستها قيادة منظمة التحرير بالتعاون مع الأشقاء العرب. مما أَسقط في يد زعيم الإئتلاف اليميني المتطرف الحاكم في تل ابيب، وكأنه بإبلاغه نبأ التأجيل صب عليه ماء بارد. لإن التأجيل اسقط كل مقولاته التي رددها قبل ايام عن “الفتوحات العظيمة” لسياسته. وتجاهل الحاكم الإسرائيلي المستعمر أن لجوء قادة الدول للقناة الإسرائيلية إنما جاء بإيعاز من ممثلي الولايات المتحدة ومسؤولي البنك وصندوق النقد الدولي وجماعات الضغط الصهيونية، وليس حبا في إسرائيل، ولا رغبة في إقامة علاقات ديبلوماسية معها. وبالتالي مصالح الدول وحكوماتها تملي عليها السير في دروب وعرة لا تتمناها، وليس نتاج براعة القيادة الإسرائيلية.

كما حمل تأجيل القمة الأفريقية الإسرائيلية في طياته مجموعة من الدروس والعبّر المهمة، التي يفترض على نتنياهو وأقرانه في الإئتلاف ان شاؤوا الإستفادة من تجاربهم، أن يتعلموها ويضعوها حلق في آذانهم حتى لا ينسوها، منها اولا قوة ثقل النفوذ الفلسطيني في القارة السوداء. رغم التراجع الموضوعي الذي حصل خلال العقود الأخيرة؛ ثانيا حضور القضية الفلسطينية في اوساط الرأي العام الأفريقي، كقضية تحرر وطني. مما يكسبها ويمنحها حضور مؤثر في اوساط النخب السياسية الأفريقية في الموالاة والمعارضة على حد سواء؛ ثالثا التأثير الرسمي العربي مازال حاضرا في القارة الأفريقية، وهو ما أكده الحدث المثار هنا على القادة الأفارقة. رغم كل التراجع النوعي في الثقل العربي في افريقيا لإسباب تتعلق باهل النظام السياسي العربي، غير ان النفوذ العربي يستطيع تأكيد حضوره متى شاء، إن أحسن التعامل مع الدول الأفريقية. وبالتالي ما ذهب إليه رئيس الحكومة الإسرائيلية من إفتراضات “واعدة” لإنجازاته، ذهبت مع ادراج الرياح، التي حملتها عملية التأجيل. وأكدت له، ان إنحناءة العرب الرسميين لإملاءات أميركا وحليفتها الإستراتجية إسرائيل من فوق الطاولة او تحتها، لا تعني تخليهم عن الشعب الفلسطيني وقضيته. ولديهم الإستعداد لإستخدام بعض ما في ايديهم من اوراق لصالح القضية القومية، اّذا لم تتصادم مع المصالح الأميركية الحيوية.

واي كانت العوامل الإيجابية، التي أسهمت في موقف توغو ورئيسها، فإن التأجيل يعتبر خطوة هامة في مواجهة التعنت والغطرسة الإسرائيلية. وأكدت على مسألة حيوية حاول نتنياهو الإدعاء انها “باتت من الماضي، وهي المسألة الفلسطينية.” فجاء التأجيل ليوجه له ولإئتلافه صفعة قوية وصادمة، وليؤكد لهم جميعا، ان القضية الفلسطينية وتسويتها وإحلال السلام والأمن والتعايش في المنطقة والإقليم، لها الأولوية. ومازالت حاضرة في المنابر العربية والأفريقية والأسيوية واللآتينية والأوروبية وحتى الأميركية والأممية عموما، لكنها بحاجة إلى جهد ومثابرة فلسطينية وعربية في القارات المختلفة. وبالمحصلة شكرا توغو وشكرا افريقيا لوفائك وتضامنك مع فلسطين وقضيتها.

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً