فعاليات أيام الترجمة والأدب العالمي تحقق “العودة في الثقافة”

2017/10/01
Updated 2017/10/01 at 8:12 صباحًا

الايام – يوسف الشايب:سألوني على الحدود هل سبق وأن زرت فلسطين، فأخبرتهم إنها المرة الثانية، حيث كانت الأولى عندما ولدت في حيفا العام 1945، وهذه هي المرة الثانية” .. تحشرجت الكلمات في حنجرة المترجم والكاتب الفلسطيني المغترب برهان القلق، وهو يتحدث عن عودته للوطن بعد قرابة السبعين عاماً من الغياب القسري، عبر بوابة مشاركته في فعاليات أيام الترجمة والأدب العالمي، والتي تنظمها وزارة الثقافة ومنشورات المتوسط في إيطاليا، بالتعاون مع عديد الجامعات.
وأضاف: كثيراً ما كان يسألني أبنائي لماذا لا تحتفل بعيد ميلادك، ولماذا لا تفرح بالأعياد، وتغيب عنك ملامح البهجة، فأجيبهم أن الفرح بالنسبة لي، والعيد الحقيقي يباغتني فجأة، وليس له موعد مسبق، وها هو يباغتني ويفترش قلبي وأنا هنا في فلسطين، وهو ما يعني اقتناص حق العودة، ولو لأيام، عبر بوابة الثقافة، ما اصطلح عليه وزير الثقافة د. إيهاب بسيسو “العودة في الثقافة”.
وتحت شعار “فلسطين: الحضارة وتواصل المعرفة”، أطلقت وزارة الثقافة، مساء أول من أمس، في متحف ياسر عرفات فعاليات أيام الترجمة والأدب، بالتعاون مع منشورات المتوسط في إيطاليا، لمناسبة يوم الترجمة العالمي، الذي صادف الثلاثين من أيلول، بمشاركة عدد من الأدباء العالميين والمترجمين العرب المعروفين بأعمالهم التي رفدوا بها المكتبة العربية بالعديد من الإبداعات الغربية في مجالات عدة، بالتعاون مع جامعات بيرزيت، وبيت لحم، والنجاح الوطنية.
وقال د. إيهاب بسيسو وزير الثقافة: إن هذا الفعالية تأتي كجزء من الانحياز إلى فعل الثقافة على أرض فلسطين، الذي فيه انحياز لمقاومة سياسات الاحتلال الرامية لعزل روايتنا الفلسطينية ونشاطنا الثقافي عن عمقنا العربي والإنساني، ولمقاومة سياسات القمع والملاحقة التي يحاول من خلالها الاحتلال الإسرائيلي تكميم أفواه الإبداع الفلسطيني والمبدعين الفلسطينيين.
رمزيات أيام الترجمة
وشدد بسيسو على رمزيات عدة تأتي في سياق فعاليات أيام الترجمة والأدب العالمي، وإطلاقها من مبنى متحف الرئيس الشهيد ياسر عرفات، مستلهماً من سيرة ومسيرة الرئيس الشهيد روح التحدي الفلسطينية، والذي جسد أسطورة بصموده تحت حصار إسرائيلي تجاوز الستة والثلاثين شهراً .. وقال: نحن لسنا بعيدين، لا مكاناً، ولا زماناً، ولا فلسفة عما قدمه ياسر عرفات .. أراد الاحتلال قبل خمسة عشر عاماً أن يهدم كل شيء، فحوصرت الضفة الغربية وأعلن الاجتياح، لكنهم فشلوا، ونحن نرى أن الثقافة هي امتداد للمسيرة الوطنية، ونستمد هذه الروح من كل ما قدمه الشهداء والمناضلون، ولا يزالون، مشدداً على أهمية الثقافة كمكوّن أساسي في روايتنا الوطنية، وفي مسيرتنا النضالية.
وعبر بسيسو عن سعادته بأن تنتظم هذه الفعالية بالشراكة والتعاون مع منشورات المتوسط في إيطاليا لصاحبها الفلسطيني الشاعر والناشر خالد الناصري، ذات الإسهامات الواضحة في مجالي النشر والترجمة، مشدداً على أهمية التعاون والإرادة والعمل المشترك، انطلاقاً من القناعة الراسخة بأن الثقافة فعل مقاومة، و”يمكننا أن نحقق هذا المفهوم على أرض فلسطين”، واصفاً التعاون مع دار المتوسط بـ”قصة نجاح لصالح الثقافة الفلسطينية”، حيث تتجسد حالة العودة في الثقافة عبر الناصري ابن العائلة المهجرة من الناصرة، والذي عاش في سورية لاجئاً، ومن ثم في إيطاليا التي أسس فيها مشروعه الثقافي المهم عبر دار المتوسط، ومن ثم عبر مشروع “الأدب أقوى” بتخصيص طبعات خاصة من منشورات الدار في فلسطين بالتعاون مع دار الرقمية في رام الله.
العالم في فلسطين
ويشارك في الفعاليات الباحث والمترجم عن التشيكية برهان القلق، والناقد والشاعر والمترجم حسام الدين محمد، والروائي البرتغالي أفوستو كروش، والباحث والمترجم التونسي عبد الجليل العربي، فيما تعذرت مشاركة المترجم والشاعر والروائي التونسي أيمن حسن بسبب رفض سياسات الاحتلال منح تصاريح الدخول إلى فلسطين، وكذلك تعذر مشاركة الشاعر والكاتب الفرنسي فنسنت كالفي.
من جانبه، شدد الشاعر والناشر خالد الناصري، مؤسس ومدير منشورات المتوسط، على أهمية هذه الفعالية على أرض فلسطين، حيث يتحقق ولو جزئياً تواجد عالمي عربي لكتاب وروائيين ومترجمين في فلسطين، فمن بوابة الترجمة والأدب العالمي يأتي العالم إلى فلسطين ليتعرف عليها عن كثب.
وأعلن الناصري عن إطلاق كتابين جديدين عن منشورات المتوسط لهذه المناسبة، أولهما “أحلام وطن: عن السينما الفلسطينية” من إعداد وتحرير حميد دباشي، وتقديم إدوارد سعيد، والثاني “معجم المصطلحات الأساسية في الترجمة الأدبية” لمحمود عبد الغني، لافتاً إلى سعي الدار “الإيطالية من أصل فلسطيني” للترخيص في فلسطين كدار نشر فلسطينية، موجهاً الشكر لكل من لبى دعوة الدار في المشاركة بهذه الفعالية، خاصة بعد أن تملكته دهشة الرفض والتحفظ للعديد ممن يعتبرون من أنصار القضية الفلسطينية، ومن رموز اليسار في العالم، من المشاركة في فلسطين لأسباب سياسية، أو اقتصادية، أو غيرها.
وفي اختتام حفل افتتاح فعاليات أيام الترجمة والأدب العالمي، ويتواصل حتى الثالث من تشرين الأول المقبل، قام بسيسو بتكريم المشاركين، الذين سبق أن استهلوا زيارتهم، أول من أمس، إلى فلسطين بوضع إكليل من الزهور عند ضريح الرئيس الشهيد ياسر عرفات، برفقة وزير الثقافة ووفد من الوزارة، قبل القيام بجولتين إحداهما في متحف ياسر عرفات، والثانية في مقر المكتبة الوطنية الفلسطينية في سردا، حيث استمعوا من بسيسو إلى شرح مفصل حول المكتبة وأهميتها الوطنية والثقافية والرمزية على أكثر من صعيد.

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً