المصالحة الفلسطينية مزعجة لنتنياهو وليبرمان

2017/10/03
Updated 2017/10/03 at 8:09 صباحًا


تعكس الاتصالات المتقدمة حول المصالحة بين السلطة الفلسطينية و”حماس”، اولاً وقبل كل شيء، الازمة الاستراتيجية التي علقت فيها “حماس” في السنة الأخيرة. إذا وافقت “حماس” على أن توقع أخيرا على تسوية جديدة لتقاسم القوة مع السلطة، فسيشهد الامر على أن استراتيجية استخدام الضغط التي انتهجها رئيس السلطة محمود عباس (ابو مازن) تجاه قطاع غزة تعطي أخيراً أُكلها. وفي الوقت ذاته ستكون هذه نتيجة مساعي الوساطة التي اتخذتها مصر. من ناحية اسرائيل يحتمل أن تكون هنا امكانية كامنة لتحقيق تهدئة على مدى طويل نسبيا على حدود القطاع، وان كانت علامات الاستفهام لا تزال كثيرة.
توجهت حكومة السلطة من رام الله إلى غزة، وستبدأ محادثات بين الموظفين من الطرفين، بوساطة مصرية. الخطوة الاولى، التي وافقت عليها “حماس”، تتعلق بإخراج “العنزة” التي أدخلتها المنظمة قبل نحو سنة – حل اللجنة الادارية للقطاع، والتي أغضبت عباس.
من 2007 وحتى 2016، رغم ان “حماس” أقامت حكومة في القطاع وسيطرت عليه عمليا وافقت السلطة بشكل عام على مواصلة المساعدة في تمويل النشاط المدني في غزة. وكان تشكيل اللجنة تنكرا مطلقاً من “حماس” للعلاقة مع السلطة، فرد عباس عليها بتقليص دفعات الرواتب لموظفي السلطة في القطاع وبتقليل تمويل الكهرباء، والذي جعل حياة المواطنين في القطاع تكاد لا تطاق.
في العام 2014، عندما حدثت أزمة مشابهة جدا مع السلطة، اختارت “حماس” الخروج من الحصار من خلال التصعيد العسكري مع إسرائيل والذي كانت نهايته (كنتيجة لسلسلة تفسيرات مغلوطة من الطرفين أيضا) صداما واسعا في حملة “الجرف الصامد”. هذه المرة يخيل ان الزعيم الجديد بالذات، يحيى السنوار، “المخرب” الذي قضى أكثر من 20 سنة في السجن الاسرائيلي، توصل الى الاستنتاجات المعاكسة. فـ “حماس” تؤشر الى أنها مستعدة لنقديم التنازلات تجاه السلطة، مقابل تخفيف الضغط الاقتصادي عنها.
يحتمل أن تكون المنظمة لا تزال تنتعش من أـضرار الحرب قبل ثلاث سنوات، ويبدو أن قادتها يفهمون بانه من الصعب ايضا الخروج الى حرب حين تبقي مصر على تحالف مصالح مع اسرائيل، بينما قطر، السيدة المحتملة الأخرى، مشغولة البال بمشاكلها الخاصة مع السعودية والخليج. ومع أن المساعدة الايرانية للذراع العسكرية استؤنفت إلا أنه من المشكوك فيه أن يكون في هذا ما يضمن طول نفس لـ “حماس”.
تفاصيل كثيرة في الاتفاق المتحقق لا تزال غير واضحة. فإحدى المسائل الأهم تتعلق بـ “سلاح المقاومة”، ترسانة السلاح الكبيرة التي لدى الذراع العسكرية لـ “حماس”. من الرسائل التي تنقلها قيادة المنظمة في الايام الاخيرة، يبدو أن ليس لها اي نية لاخضاع مسلحيها لإمرة السلطة، وان اذرع الأمن الوحيدة التي ستنتقل الى سيطرة عباس ستكون منظومة الدفاع المدني والشرطة “الزرقاء”. ثمة مسألة ثانية تتعلق بمستقبل معابر الحدود.
في مراحل سابقة من المفاوضات جرى الحديث عن امكانية اعطاء الاذن لتواجد أجهزة السلطة في المعابر التي بين غزة ومصر واسرائيل. وفي اسرائيل يثور الاشتباه بأن “حماس” تسعى الى محاكاة نموذج “حزب الله”: مثل “حزب الله” في لبنان ستشارك في الحكومة الحاكمة، ولكن قوات الامن الخاصة بها ستبقى بعيدة عن سيطرة السلطة.
علامة استفهام ثالثة تتعلق بدور محمد دحلان. فقط بسط الجنرالات المصريون رعايتهم على دحلان قبل بضع سنوات، ويسعون لمنحه مكانة متجددة في القطاع. ويبدو أن “حماس” مستعدة للتفكير في ذلك، ولكن في نظر عباس كل تواجد لدحلان ورجاله هو علم أحمر ومن شأنه ان يفشل الاتفاق.
من ناحية اسرائيل، في تسوية ذات مدى بعيد نسبيا يعاد فيها للسلطة دور في قطاع غزة توجد إيجابيات لانها قد تفرض لجاما معينا على سلوك “حماس”. اما السلبيات المحتملة فتكمن في مسألة الرقابة على ذراعها العسكرية وسلاحها وكذا في ما من شأنه ان يحصل في الضفة الغربية. في السنوات الاخيرة، بما في ذلك تخوف عباس من محاولة “حماس” الانقلاب عليه، اتخذ يداً قاسية تجاهها في الضفة واعتقل المئات من رجالها. وتخفيف الضغط عن خلايا المنظمة في الضفة من شأنه ايضا أن يسهل عليها تنفيذ عمليات “ارهابية”.
يوجد تحفظ آخر، يحتمل الا يكون مريحا لاسرائيل ان تعبر عنه علنا: فان رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الدفاع ليبرمان يفضلان على ما يبدو الانفصال بين السلطة و”حماس”، وذلك ايضا كي لا يتمكن عباس من الادعاء بانه أعاد توحيد الصفوف الفلسطينية، وبالتالي يمكن العودة الى التقدم في المسيرة السياسية.
يبدو أنه من زاوية نظرهما، فان مفاوضات فلسطينية داخلية طويلة بالذات مفضلة على اتفاق قد يفرض على اسرائيل خطوات خاصة من جانبها.
عن “هآرتس”

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً