الفجــــر يولــــد مــــن جديــــــد ..بقلم :نبيل عودة

2017/11/18
Updated 2017/11/18 at 9:00 صباحًا


نكبت حارتنا بامرأة حل لطف الله عليها، تخرج كل ليلة صارخة شاتمة متوعدة وأهل الحارة في نومهم العميق .. لا تبقى ولا توفر احدا، توجه اقذع الشتائم وتقذف التهديدات بأن “تفعل وتترك” بنساء الحارة ورجالها، يتطاير الزبد من شفتيها في نوباتها الليلية العصبية .. وكثيرا ما تلوح بسكين مطبخها متوعدة مزمجرة، مما ترك توجسا في نفوسنا بان ترتكب حماقة على حين غفلة.
الحق يقال ، ان اهل حارتنا يؤذيهم حالها البائس ويريدون للطف الله ان يطولها مرة اخرى بمؤسسة ترعاها، علها تعود الى كامل وعيها وتصبح واحدة منا وفينا، تغرق مثلنا في النوم حين يحين زمنة السلطاني، تستيقظ ليومها الجديد بنشاط وأمل، تبادلنا ونبادلها التحيات والاحاديث والعلاقات الطيبة المرجوة بين الجيران وسننسى ايامها السوداء التي أطارت النوم من عيوننا وعيون اطفالنا بصراخها المؤذي وبشتائمها المدوية في سكون الليل وبعربدتها المنفلتة على رجال الحارة ونسائها، لانهم يتنفسون نفس الهواء الذي يصلها ويلاطفهم نفس النسيم الذي يرطب قيظ الصيف في بيوت الجميع، او يرى الله بها امره رحمة لها ولنا، فهو الرحيم وهو السميع .
تلك المرأة والمتلطف بها، كما يفكر البعض .. ولا اقول هذا على ذمتي او مسؤوليتي ، حتى لا اتحمل وزر الخطيئة، انما انقل ما يدور وليس في ذلك ما يدل على اشتراكي بما يفكرون .. بان الله يحمل اثم تصرفاتها المنفلتة، اذ اختصها بلطفة وبتنا عاجزين عن فهم وتعليل ألطافة التي كثرت واتسعت مع تزايد شتائم جارتنا وصرخاتها المدوية في منتصف الليل. فهمنا انها تتهمنا بتنظيم اعتداء عليها، واننا نجمع القمامة ونفرغها امام منزلها، واننا نصطاد الذباب والهسهس ونجمعه ونطلقه في محيط بيتها، واننا نمارس السحر لتبقى الدنيا سوداء في وجهها، ونتآمر لنسرق الورود التي لا تألو جهدا، رغم لطف الله بها .. على رعايتها بحنو واكثارها .
كثيرا ما اصابتنا الحيرة من عقلها الشائط في علاقاته مع اهل الحارة والجيران الاقربين خاصة .. وقدرتها العجيبة في رعاية الورود، تخصيبها واكثارها .
الحقيقة، لولا عقلها المصاب بلطفة، دام مجدة في عليائه، لما تردد احد في التقرب والتعلم والاستفادة من خبرة جارتنا في تنمية الورود، بل ودعوتها اهلا وعلى الرحب والسعة في بيوتنا، بعد ان يعود عقلها الى مخدعه ويتستر لسانها بمأمنه.
للتاريخ اقول ان جارتنا نزلت علينا في يوم غائم … لا يدري احد كيف تم هبوطها ومن اين مصادرها لامتلاك بيتها الكبير ذي الساحات والمشارف والاحواض، قارن البعض هبوطها بالهبوط الناجح على القمر .. غير ان هبوط القمر له مصمموه ومطلقو آلاته، اما هبوطها فلم يعرف اصلة ووسائله، لا مبتدأه ولا خبره، انما اضحى حقيقة نعايشها بقبول وتوجس بالا تكون وراء جارتنا سيرة لا تطمئن البال ولا تضيف لبيوت الحارة كرامة وصونا للشرف.
كان واضحا ان هبوطها في حارتنا هو شوكة تزداد انغراسا مع الايام، رغم الورود المنماة في الاحواض والشرفات، الا ان الاحساس يحمل توجسا لا تفسير ظاهر له وقلقا من آت مجهول، قد لا يتناسب مع حارتنا واخلاقنا وقيمنا وحسن سيرتنا، قد تواصل ازعاجها وزعيقها المؤذي وحرماننا من النوم الهانئ واقلاق راحة بالنا.
ما لفت انتباهنا وحيرتنا مثولها امامنا ببشاعة لم ينتظرها أحد من الخالق في خلقة، الذي قيل لنا في صغرنا بان صناعته في منتهى الكمال والجمال والاتقان، فهل كانوا يكذبون علينا؟! ماذا يستفيدون من اخفاء الحقيقة ؟! او هي محاولة لتجربتنا في ايماننا بقدرته ومشيئته سبحانه في عليائه؟! كيف نرى الجمال في كل ما نرى؟ هل ابقت جارتنا شيئا من دلالات جمالها؟! ترى ما الذي يمسخ سحنتها في عز الليل ويحيلها شرسة تزعج راحتنا ونومنا الهنيء، تصليه على نار كلماتها النابية والمؤذية؟
كنا نتأمل ونتعجب ونناشده سبحانه .. ان يحل بنا مزيدا من الصبر والتقوى وان لا يجربنا بجارتنا، أقمنا له الدعوات ان يبرد غيظها غير المبرر، يطفئ حدتها الملتهبة، يخفف انذاراتها لنا بالثبور والدمار، ان يسقط الغشاء عن عينيها علها تبصر نوايانا الطيبة ويرتد لها عقلها ، ان يطمئن بالها ويزول كربها وزعيقها فننعم بغفوة آمنة اشتقنا لها وافتقدناها منذ ابتلينا بها .
سبحانك في علاك، لا يتم امر الا بمشيئتك، لا يرى النور انس او جان الا بإذنك ، رحمتك يا قدير ، حنانك يا غفور .
طال انتظارنا للطف آخر يضاف على لطف الخالق الاول الذي انعم به على جارتنا، فيعدل ما بار في خلقها، حتى تزول حيرتنا من حديث بعض ضعاف النفوس وقليلي الا

Share this Article