مؤتمر «الرياض ـ 2»… إنعاش للثورة السورية أم وأد لما بقي منها؟

2017/11/20
Updated 2017/11/20 at 9:10 صباحًا


دمشق – «القدس العربي»: تسود حالة من التوتر ازاء المخرجات التي قد تنتج عن مؤتمر «الرياض 2» الامر الذي يضع المعارضة السورية أمام تحد كبير، في الحفاظ على مبادئ الثورة، والحيلولة دون تعويم الأسد، فيما يرى الكثيرون ان مؤتمر «الرياض2» هو تمهيد وتدريب عملي لمؤتمر «سوتشي» الذي سيحضره من تبقى من حلفاء الأسد الداخليين، فيما راح آخرون للاعتقاد بأن المملكة العربية السعودية تستعد لمقايضة الملف السوري بملفات أكثر أهمية لها داخلياً وخارجياً.
مصدر مسؤول فاعل في مؤتمر الرياض فضل حجب هويته، قال لـ «القدس العربي»: ما قد بدأت به روسيا ضمن مساعيها الحثيثة في حرف مسار الثورة السورية بدءاً من مؤتمر أستانة وصولاً الى سوتشي، سوف تسلمه اليوم عبر يافطة مؤتمر الرياض، الى المملكة العربية السعودية، للاستمرار بهذا النهج تحت اسم بلد عربي اسلامي يحمل رمزية خاصة.
وأضاف، «بما ان المؤتمر سيتضمن توسعة هيئة المفاوضات فإنه عملياً سيضمن إعطاء الحصة الأكبر من القرار التفاوضي للمخابرات المصرية ولضباط قاعدة حميميم الروس. وكلا الطرفين يتماهيان مع النظام جملة وتفصيلاً، أي أن النظام سيفاوض نفسه في جنيف القادم وهو مطمئن أن الأسد سيبقى جاثماً على صدور السوريين».
وبحسب ما ذكره المصدر، فإن مؤتمر الرياض 2، ستكون غالبية المقاعد فيه للمنصة السياسية المحسوبة على روسيا، والمقربة من النظام السوري، ومنصة القاهرة، حيث أن هذه المنصات التي تعتبر الأقرب للقبول ببقاء الأسد قد حظيت بـ 31 مقعداً، بينما حصل الائتلاف السوري على 23 مقعداً.
من جانبها، حصلت المعارضة السورية المسلحة، على 21 مقعداً، أما المجالس المحلية، والشخصيات المستقلة والنساء، كان عدد مقاعدهم 75 مقعداً في مؤتمر الرياض2.
ومن أبرز الشخصيات المستقلة المدعوة للمؤتمر، يحيى قضماني، خالد محاميد، عبد القادر السنكري، يحيى العريضي، سميرة المسالمة، بسمة قضماني، مرح البقاعي، فرح الأتاسي.
بالإضافة إلى، ثابت عبارة، احمد طعمة، ابراهيم الجباوي، احمد رحال، ايمن العاسمي، سامر الحريري، رائد الصالح، عارف دليلة، عيسى ابراهيم العلي، فؤاد علوش، عبدالجبار العكيدي، عوض العلي، سليمان عبيد، جمال النمري، مطيع البطين، حسن الدغيم، أحمد البري، طارق الكردي، خالد شهاب الدين، أياد شمسي، أحمد خليل، اسعد الزعبي وغيرهم الكثير.
وبحسب المصدر، فإن «خالد المحاميد» هو المتسلم لملف الشخصيات المستقلة، حيث أن الشخصيات المستقلة التي تم اختيارها من قبل محاميد، تُعرف بميولها لمنصتي القاهرة وموسكو، وفي المقابل، فإن الكتل التي تعتبر مناهضة لبقاء الأسد بأي شكل من الأشكال ستكون هي الأقل عدداً في الاجتماع، وبالتالي ستكون عاجزة عن رفض أي مشروع قرار يحمل في طياته بقاء النظام السوري وعلى رأسه «بشار الأسد».
وسوف يمثل المعارضة المسلحة في مؤتمر الرياض2، كل من احمد عثمان، هيثم رحمة، خالد الزامل، مصطفى هاشم، خليل الأغا، بشار الزعبي، تيسير علوش، احمد جباوي، عبداللطيف الحوراني، احمد العودة، زياد الحريري، بشار فارس، فهد القاضي، محمد علوش. كما اشار المصدر، الى ان بعض الشخصيات المعارضة التي تم اختيارها لحضور المؤتمر، سيكون وجودها مقتصراً على «شرف المشاركة» حيث أن عدداً لا يستهان به من تلك الشخصيات هي شخصيات لا علاقة لها بالحراك السياسي، وغير حاملة لأي رؤية واضحة، ولن يكون لها أي تأثير، وتمثيلها سيكون مجرد ورقة بيد الشخصية التي قامت بدعوتها إلى المؤتمر، أي «وجودها سيكون لزيادة الأعداد لكسب رأي معين فقط».
وعلى سبيل المثال، أحد المدعوين إلى مؤتمر الرياض 2، يدعى العميد «عبد الله الحريري»، ويتحدر من محافظة درعا جنوبي سوريا، وكان مسؤول مطار «رفيق الحريري» في بيروت في وقت سابق، كما شغل منصب النائب لـ «رستم غزالي» لعقود طويلة، وتحت ظرف ما خرج من سوريا عام 2013، دون أي بيان انشقاق عن النظام السوري، ودون أي مشاركة في الثورة السورية، ومواقفه لا تزال أكثر ميولاً لمواقف النظام السوري والرؤية الروسية.
وأشار المصدر، إلى وجود العديد من الشخصيات المدعوة للمؤتمر، التي تتبنى منهج العميد «عبد الله الحريري»، أي هي شخصيات تم تصنيفها على أنها شخصيات معارضة، دون أي مواقف معارضة لها.
السوريون الذين قبلوا ان يحضروا «مؤتمر الرياض2 « فهم على اكثر من محور، بعضهم سيقبل من اجل اغراءات الاسم او الشهرة او السمعة او المكاسب مادية كانت هي الحافز له بالذهاب الى الرياض، والبعض الآخر هم من السوريين الثوريين المحافظين على مبادئ الثورة فهم من يعول عليهم الشعب السوري بالتمسك بتبني موقف الشعب السوري بإزاحة بشار الاسد واركان احكمه والانتقال عبر هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحية، وهي النقطة التي تحاول السعودية وامركيا وروسيا ان تلغيها وذلك من خلال هذه المؤتمرات واخرها مؤتمر الرياض، بهدف الوصول الى حكومة اصلاحية بمرجعية بشار الاسد ونظام حكمه.
هل «الرياض-2» معبر لـ «سوتشي»؟
وترى مصادر سياسية متطابقة في المعارضة السورية، بان مؤتمر الرياض2، لن يكون فيه أي دور مؤثر للسوريين، خاصة في ظل التوازنات التي شهدتها المرحلة التحضيرية له.
حيث سيكون المؤتمر بداية وبوابة عبور لنقل الملف السوري بشكل كامل إلى روسيا، التي تتجهز لمؤتمر سوتشي، وبالتالي قلب توازنات المعارضة السورية، بحيث تصبح الكتلة الأكبر للمعارضة الظاهرة دولياً، هي الكتلة التي لم تعد ترى برحيل الأسد شرطاً أساسياً في سوريا، خاصة مع وجود منصتي القاهرة وموسكو.
المحلل السياسي محمد العطار ذهب الى ان مؤتمر «رياض 2» وسيلة لتمرير المخطط الروسي في حرف الثورة بإيادي عربية إسلامية، وأضاف «هذا المخطط نفسه يخدم المخطط الامريكي الكبير في المنطقة، فامريكا التي ما زالت تدعم الحشد الشيعي في العرق وتدعم قسد في سوريا الى الآن هي نفسها من تصعد إعلاميا ضد ايران، فكيف يستقيم الامر بالتصعيد الاعلامي ضد ايران ودعم عسكري حقيقي لايران ومواقفها الفعلية.
وقال في اتصال مع «القدس العربي» ان القيادة السعودية ترغب «عبر مؤتمر الرياض في تثبيت اركان حكمها واعطاء صورة جديدة لها تتماشى مع مصالح الغرب، المهام الموكلة لها كدولة مركزية دينية في المنطقة، فالسعودية تمضي بالمشروع الأمريكي للوصول الى أهدافها، ومن ضمن المشروع الامريكي المزاوجة بين المشروع الأمريكي والمشروع الروسي، وكسب تأييد موسكو بهدف تثبيت اركان حكم الملك الجديد» بحسب رأيه.
فيما قال الخبير الاستراتيجي «سليمان جدعان» ان مؤتمر الرياض 2 «سيقصي المعارضة النزيهة ولا استبعد ان يكون منهم الدكتور رياض حجاب، الذي حافظ على الحد الأدنى من ماء وجه المعارضة ورفض بقاء الأسد في مستقبل سوريا، وسيستبدله بممثلين وتجار وصيارفة وقادة كرتونيين، فيما تفرض المقايضة السعودية على جميع من سيحضر أن يقول (نعم) لبشار الأسد رئيساً مؤبداً لسوريا، فسوريا في المعادلة السعودية الروسية الآن هي مجرد تفصيل صغير في صفقة تجارية كبيرة، وعلى السوريين الأحرار أن يرفعوا أصواتهم برفض الصفقات المشبوهة، الكبيرة والصغيرة».

Share this Article