المجتمع المدني يتصدّر يوم الأرض ومسيرة العودةبقلم :صادق الشافعي

2018/03/31
Updated 2018/03/31 at 8:38 صباحًا


تصدّر المجتمع المدني فعالية يوم الأرض في ذكراها الثانية والأربعين، وتصدر تطويرها الى حراك على شكل «مسيرات العودة» تنطلق من اكثر من موقع ومنطقة وارض في أرجاء الوطن وارض الشتات، مؤكدة على سلميتها وسلمية مسارها وفعالياتها.
ليس مهما في هذا الأمر الجدل حول دور التنظيمات الفلسطينية، هل كان دوراً مباركاً ومشاركاً تحت راية وفي خلفية حركة المجتمع المدني، ام ان المجتمع المدني اندفع مبادرا الى صدارة المشهد.
دولة الاحتلال أخذت هذا الحراك بأعلى درجات الجدية مقرونة بالتخوف وأخذ الاحتياطات الأمنية والبدائل الأنسب للتصدي له، إضافة الى إطلاق التهديدات التي طالت المشاركين ووصلت الى شركات الباصات الناقلة لهم. وآخر الاحتياطات كانت طلب جيش الاحتلال من سكان مستوطنات ما يسمى «غلاف غزة» حمل السلاح ابتداء من يوم الجمعة، ونشره اكثر من مئة قناص. وتحولت التهديدات الى اعتداءات سقط فيها شهداء وجرحى.
المهم ان الحراك حصل وتحقق بدرجة عالية من النجاح، والمهم انه تم بمشاركة كل قوى ومكونات الطيف الوطني الفلسطيني، وان العلم الوطني الفلسطيني ظل طوال مجرياته وحده سيد الفضاء والرمز الوطني الاوحد، بلا منافس او مزاحم من اي علم آخر.
والمهم انه شكل في جوهره وفي طابعه العام حركة جماهيرية سلمية عامة اكدت على قوتها وقدرتها على الفعل والتأثير. على امل ان يشكل هذا الحراك البداية لاستعادة حركة الجماهير دورها الأساسي في النضال السلمي بتكامله مع أشكال النضال الأخرى. ومع الأمل ان يستمر هذا الحراك ويتطور ويعم كل مناطق الوجود الفلسطيني، وان يؤثر ويدفع في خلق حركة جماهيرية عربية تشكل له العمق العربي المطلوب.
قيام حراك المسيرات الجماهيرية في ذكرى يوم الأرض المجيد إضافة الى كل ما فيه من رمزية ودلالات وطنية مركزية حول هذا اليوم، فان التخطيط له وقيامه يشكل ايضا تمهيدا لحراك منتصف ايار القادم والذي يصادف الذكرى السبعين للنكبة.
حراك المسيرات في يوم الارض يؤكّد باجلى الصور على:
– تمسك الفلسطينيين بحقهم في العودة الى وطنهم وتمسكهم بارضهم التي اغتصبت منهم، واصرارهم على استعادتها.
-تمسك الفلسطينيين بحق العودة لكل من هجّر من ارضه ولكل نسله من بعده. ورفضهم المطلق التنازل عن هذا الحق او التساوم حوله.
خصوصا وان الحراك يأتي في وقت تشتد فيه الهجمة على حق العودة للاجئين وتكثر المحاولات لفرض مفهوم جديد لقضية اللجوء الفلسطيني وتعريف جديد «للاجئ» يغير طبيعة قضية اللجوء الحقيقية، على طريق الغائها كليا.
وما الهجمة على وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين( الاونروا) ومحاصرة تمويلها الا مظهر من الهجمة على حق العودة.
ان نجاح مسيرات العودة يشكل اسهاما هاما جدا في طرح القضية الوطنية الفلسطينية واستمرار الاحتلال بكل تعبيراته العنصرية على اوسع نطاق شعبي عالمي وعلى كل المنظمات والهيئات والمجالس العالمية، ويشكل اساسا شعبيا نوعيا يمكن البناء عليه ومراكمته الى جانب النجاحات السياسية والدبلوماسية التي يتم تحقيقها في تلك المنظمات والمجالس والبرلمانات.
بل ان طبيعة المسيرات الشعبية يمكن ان تجعل منها مدخلا لساحات وآفاق جديدة .
– كما تكرر التأكيد، على حقيقة وحدة الشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده على ارض الوطن وتجمعات الشتات والمنافي البعيدة وتمسكه بحقوقه التاريخية وأهدافه الوطنية.
وما النشاطات والفعاليات المتنوعة التي تقام في اكثر من بلد ومنطقة، وبالذات تلك التي تعم كل ارض الوطن في مناطق 1948 بنفس المناسبة ونفس التوقيت الا واحد من اهم الأدلة على هذه الحقيقة.
الحقيقة المرّة، ان هذا الحراك المبارك يأتي في وقت تشتد فيه مفاعيل الانقسام ومخاطره المهلكة دونما قدرة على للخروج منه، ودونما توفر ارادة سياسية واقعية وعملية للوصول الى ذلك.
للمقارنة فقط، حصل يوم الأرض الأول في 30 آذار 1976 وكانت ساحته المركزية اراضي 1948. وقتها، كان جسم الثورة الأساسي وقيادتها في لبنان. وكان الخلاف السياسي بين تنظيمات الثورة عميقا ، وبرنامجباً، وكان حول برنامج النقاط العشر( البرنامج المرحلي) الذي اقره المجلس الوطني بالأغلبية صيف 1974.
هذا الخلاف البرنامجي لم يمنع القيام بتحرك مشترك، حشد له وشارك فيه الجميع بلا استثناء وكانت مسيرة جماهيرية عارمة انتهت في قصر الأونيسكو ليقام مهرجان خطابي على مسرحه.
كان الحضور يملأ المسرح عن آخره، إضافة الى الواقفين في الممرات وبين الصفوف، وكان في الساحة الخارجية من المشاركين اضعاف من في الداخل.
كان الشهيد القائد ابو عمار موجودا ومعه كل قيادات الثورة وكان هناك الدكتور جورج حبش الرمز القيادي الاول للخلاف البرنامجي.
اجتهد عريف المهرجان ان يقدم الدكتور حبش كاول المتكلمين في المهرجان الخطابي، بصعوبة سببها الاكتظاظ البشري، وصل «الحكيم» الى المنصة والميكروفون.
كل ما قاله الحكيم بالحرف تقريبا كان: في مثل هذا اليوم وهذه المناسبة، للثورة الفلسطينية كلمة واحدة يلقيها قائد الثورة الأخ ابو عمار، وقفل راجعاً الى كرسيه.
استقبله أبو عمار في منتصف المسافة القصيرة بالأحضان والعناق، وضجت القاعة وخارجها بهتافات الثورة والوحدة.
حصل ذلك ايام توفر الإرادة السياسية، والواقعية النضالية الوطنية، زمن التمسك بالوحدة الوطنية فوق كل مصلحة او اعتبار تنظيمي او تحالفي.

Share this Article