في ذِكْرَى النكبة، لماذا لا يحضر ترامب افتتاح السفارة؟ بقلم: د. دلال عريقات

2018/05/14
Updated 2018/05/14 at 7:31 صباحًا


في ذِكْرَى النكبة الفلسطينية السبعين تحتفل دولة الاحتلال باستقلالها ويأتي احتفالها لهذا العام مُختلفاً ومميزاً بالنسبة لإسرائيل وعلاقاتها مع الولايات المتحدة حيث سيتم افتتاح مبنى السفارة الأمريكية في القدس انعكاساً وامتداداً لاعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالقدس عاصمة لإسرائيل عُقب التصريح غير القانوني الذي خرج به دونالد ترامب في السادس من كانون الأول الماضي مُتغنياً بشجاعته لعمل ما لم يتجرأ الرؤساء الأمريكان الذين سبقوه على عمله، لقد حقق دونالد ترامب ما كان يحلم به نتنياهو وهذا ما أثبته آخر استطلاع رأي إسرائيلي أشارت نتائجه إلى حصول اليمين الذي يقوده نتنياهو على ٣٥ مقعداً وهذا رقم عالٍ جداً لا يفسره أكثر من قرار الاعتراف الامريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل .
المُلفت أن ترامب الذي يريد أن يترك بصمته الشخصية في تاريخ العلاقات الأمريكية/الإسرائيلية لن يحضر حفل افتتاح السفارة بل أعلن عن وفد مكون من كل من السفير الأمريكي في تل أبيب دايفيد فريدمان ووزير المالية الأمريكي ستيڤن ونائب وزير الخارجية جون سوليڤان وصهره جاريد كوشنير ومساعدته ابنته إيڤانكا ترامب ومساعد الرئيس والمبعوث الخاص لعملية السلام جايسون جرينبلات. والكثيرون يتساءلون عن سبب عدم حضوره، ولذلك سنحاول تحليل أسباب عدم حضوره من عدة جوانب منها:
أولاً: الانتخابات الأمريكية القادمة وخاصة أن مرحلة الانتخابات التمهيدية تبدأ أواخر هذا العام وقد أشارت العديد من الدراسات المسحية تقدم الحزب الديمقراطي وزيادة حظوظه وبالتالي من مصلحة ترامب التركيز على الأمور الداخلية وبدء العمل والانخراط للتحضير من أجل حملته القادمة.
ثانياً: ترامب رجل أعمال يعقد صفقات نيوليبرالية هدفها تحقيق الأرباح بغض النظر عّن القيم أو القانون أو الحق وهذا ما يؤكد أنه يتبنى سياسة نفخ البالونات وترك مهمة الحفاظ عليها منفوخة أو فقعها لغيره بهدف تحميل مسؤولية المتابعة والنتائج لغيره في حال حصلت أي نتائج غير متوقعة.
ثالثاً: من المهم أن نتذكر أن ترامب خلال حفل تنصيبه رئيساً قبل عام ونصف تقريباً، ركز أن سياسته ستقوم على الرجوع إلى مفهوم أمريكا أولاً. وهذا ما شهدناه من الشروط التي استحدثها لعلاقة أمريكا مع كندا والمكسيك وصولاً للصين وكوريا وروسيا والسعودية وقراره بخصوص القدس ثم اللاجئين ثم انسحابه من الاتفاقية النووية مع إيران وعدم انضمامه لاتفاقية التغير المناخي وهنا يكون عدم حضوره إشارة إلى انشغاله بالأمور الأمريكية الداخلية من قوانين تخص التعليم والضرائب وغيرها.
في الحقيقة ليس المهم لنا كفلسطينيين إن كان دونالد ترامب موجوداً يوم افتتاح السفارة أم لا، ولكن المهم أنه هو من جعل من هذا الحلم الإسرائيلي حقيقة مفروضة على الأرض وتناسى أنه بهذا القرار يخالف قوانين الشرعية الدولية ويقضي على الحق الفلسطيني المضمون في المواثيق والقرارات الدولية، كما أنه خرق اتفاقيات عملية السلام التي أوجبت وضع القدس لمفاوضات نهائية بين الطرفين كما أنه هو الذي أثر على دول العالم الأخرى التي تتصف علاقتها بالولايات المتحدة بالتبعية وبالتالي اتخذت قرارات لنقل سفاراتها حيث أنها لا تملك القدرة ولا الإمكانيات التي تسمح لها بالوقوف لجانب الحق من جهة وضد أمريكا من جهة أخرى.
يظن ترامب أنه تجرأ على فعل ما لم يستطع فعله الرؤساء السابقون واتهمهم خلال خطابه حول الاعتراف بالقدس بأنهم تبنوا افتراضات فاشلة واستراتيجيات فاشلة وهنا قد يكون الرؤساء السابقون فعلاً فاشلون في افتراضاتهم ونفاقهم السياسي ولكن الأهم أن ترامب هو الأفشل في استراتيجياته في منطقة الشرق الأوسط، فما خرج منه من تصريحات وسياسات تغيير للحقائق على الأرض لن تخدم عملية السلام ولا أمان دولة إسرائيل على المدى البعيد، فقرارات كل مِن نتنياهو وترامب تحقق مكاسب آنية بعيدة كل البعد عن تحقيق أهداف استراتيجية سلمية، سيدرك ترامب قريباً أنه وضع أساسات متينة لانتهاء حل الدولتين وستعاني الحكومات الإسرائيلية القادمة من تحول ملحوظ في الرأي العام باتجاه الدولة الواحدة. أما القدس، فمتحف الهولوكوست الشهير في واشنطن يشهد أنها فلسطينية حيث تجد اسم فلسطين بجانب مدينة القدس على الخارطة المعلقة على جدار المتحف بإشارة واضحة على فلسطينية القدس.
عن صحيفة القدس

Share this Article