هدف التصعيد العسكري بقلم :عمر حلمي الغول

2018/06/26
Updated 2018/06/26 at 8:31 صباحًا

شهدت الأيام الأخيرة تصعيدا ملحوظا على جبهة محافظات الجنوب مع دولة إسرائيل الإستعمارية. وخرج قادة إسرائيل العسكريين والسياسيين والإعلام الإسرائيلي على حد سواء بحملة تهويش وتهديد للجماهير والقوى السياسية الفلسطينية هناك، ملوحين باللجوء لخيار عملية عسكرية واسعة تشبه حملة “الجرف الصامد” عام 2014. لوحظ أن لهجة التصعيد في المواقف الإسرائيلية تجاه الوضع الفلسطيني في قطاع غزة مقصودة، وترمي إلى إصابة أكثر من عصفور بذلك الحجر، منها: أولا حرف الأنظار عن الطابع السلمي لكفاح الجماهير الفلسطينية في مسيرة العودة؛ ثانيا خلط الأوراق في المشهد الفلسطيني الإسرائيلي، للإيحاء بأن الفلسطينيين، هم الذين يدفعون كرة النار نحو التصعيد العسكري؛ ثالثا التشويش على الرأي العام العالمي المتضامن مع الفلسطينيين من خلال قلب الحقائق رأسا على عقب؛ رابعا إستخدام سياسة الترهيب والترغيب للضغط على النخب والشارع الفلسطيني للقبول بالحل الإقتصادي من خلال تقديم بعض فتات التسهيلات الخدماتية للمواطنين على حساب الحل السياسي؛ خامسا تعميق عملية فصل القطاع عن المسألة الفلسطينية عبر إبراز ورفع مكانة الجانب الإنساني على حساب البعد السياسي.

وللأسف فإن قيادة الإنقلاب الحمساوية ومعها حركة جهاد من حيث تدري أو لا تدري وقعت في فخ التصعيد، وأطلق قادة الحركتان مواقف عنترية بالرد على التصعيد العسكري الإسرائيلي، الأمر الذي قدم خدمة مجانية لإسرائيل. وإذا كانت قيادة الجهاد الإسلامي لم تدرك أبعاد عملية التصعيد، فإن قيادة حركة حماس ليست بعيدة عن اللعبة الجارية. لا سيما وان احد قياداتها، أعلن عن الإستعداد للجلوس والتفاوض مع حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية. وهو ما يعكس ما أشيع في العديد من وسائل الإعلام، والتسريبات السياسية عن رغبة حماس في مواصلة خيار الإنقلاب، ورفض المصالحة، ولعب دور الشريك في صفقة القرن الترامبية على حساب المصالح الوطنية العليا.

ولعل التصعيد الجاري مع وصول الوفد الأميركي بقيادة كوشنر وعضوية غرينبلات، الذي جال خلال الأيام القليلة الماضية على عدد من الدول العربية (الأردن، مصر والسعودية وقطر وإسرائيل) لم يكن سوى حلقة من حلقات تهيئة المناخ لصفقة القرن المشؤومة من خلال إقناع الزعماء العرب بالتساوق مع الرؤية الأميركية الإسرائيلية عبر الآتي: أولا القبول بالعمل على إعطاء الأولوية للبعد الإنساني على حساب العمل السياسي؛ ثانيا التركيز على الوضع في قطاع غزة وتحسين شروط الحياة فيه من خلال تقديم رزمة من التسهيلات الخدماتية؛ ثالثا تحميل العرب فاتورة تلك المساعدات والتسهيلات المالية، والمقدر ان تزيد عن نصف مليار دولار؛ رابعا فتح الأبواب على العلاقات المباشرة مع الحكومة الإسرائيلية وعلى الملأ، وتجاوز سياسة التحفظ والممانعة الشكلية.

إذا هدف التصعيد العسكري الإسرائيلي الحالي واضح وجلي، وهذا لا يعني أن إمكانية تحوله لحرب جديدة على المحافظات الجنوبية أمرا بعيدا، فهو ممكن في كل لحظة في حال شعرت حكومة نتنياهو أن أهدافها التكتيكية لم تتحقق، وفي حالة تم تجاوز الخطوط الحمر المحددة في أجندتها، وإذا إستمرت الطائرات الورقية بالتلازم مع إطلاق قذائف الهاون وما يسمى بالصواريخ محدودة التأثير على الداخل الإسرائيلي.

لكن حتى اللحظة الراهنة لا يستطيع أي مراقب واقعي الذهاب بعيدا بإتجاه الإفتراض بإقدام إسرائيل على حملة عسكرية واسعة، لأنها حاليا لا تريد ذلك، وتعمل على بلوغ أهدافها دون اللجوء لحرب، قد تأتي بنتائج عكسية، وتعطل المخطط الأميركي الإسرائيلي، وتحرج زعماء وقادة الدول العربية. لذا القراءة السياسية الواقعية، تشير إلى بقاء التصعيد ضمن السقف المحدد، خاصة وأن إسرائيل تستطيع إستثماره بشكل أفضل دون دفع ثمن سياسي عالي. وقادم الأيام كفيل بإعطاء الجواب المناسب على ما يجري على الجبهة الجنوبية الفلسطينية الإسرائيلية.

Share this Article