ترامب عار أميركا بقلم :عمر حلمي الغول

2018/06/27
Updated 2018/06/27 at 8:06 صباحًا

دونالد ترامب، هو نتاج السياسات الأميركية التاريخية، والإمتداد الطبيعي للمركبات الأيديولوجية والدينية والسياسية، التي رسخها الرؤساء على مر الحقب التاريخية منذ وجود أميركا في الجيوبوليتك الإقليمي والعالمي. وإن تميز عن أقرانه من رؤساء الولايات المتحدة في عدوانيته ضد شعوب الأرض قاطبة، وليس الشعب الفلسطيني فقط، فإنما هو تميز نسبي، لكنه كشف بشكل فج عن الوجه الحقيقي لأميركا، وأزال آخر اوراق التوت عن عوراتها، وأعادها إلى غابر الأزمان في حروبها الداخلية ضد الهنود الحمر، والخارجية ضد شعوب ودول أميركا الجنوبية وباقي دول العالم.

وما ينتهجه من سياسات سافرة في عدوانيتها ضد شعوب العالم تحت شعاره، الذي رفعه يوم تنصيبه في العشرين من يناير 2017 “أميركا أولا”، إنعكس في صراع متعدد الجبهات وفي قارات الأرض الخمسة، وكل يوم يفتح جبهة صراع جديدة مع هذة الدولة أو ذلك القطب الدولي نجم عنه إنعزال أميركا عن العالم، وإبتعادها عن الشرعية الدولية وقوانينها ومواثيقها ومعاهداتها، وتغولها في فرض قانونها الخاص “قانون الغاب”، الذي لا يقبل القسمة على القوانين الناظمة للعلاقات الأممية.

وآخر ما تفتقت عنه السياسة الشعبوية الأميركية الهوجاء في تماهيها مع دولة الإستعمار الإسرائيلية، هو إنسحابها من لجنة حقوق الإنسان الأممية الأسبوع الماضي بذريعة، أن اللجنة منحازة لصالح الشعب الفلسطيني، وتتخذ موقفا مسبقا معاديا لإسرائيل؟! ولم يحاول الرئيس الأميركي أن يسأل نفسه عن جرائم الحرب الإسرائيلية، وإرهابها الدولاني المنظم ضد ابناء الشعب الفلسطيني، ومواصلة سياساتها الإستعمارية على الأرض الفلسطينية العربية، وحرمانها الفلسطينيين من حريتهم وإستقلالهم السياسي والإقتصداي إسوة بشعوب الأرض كافة. لا سيما وأنهم آخر شعب على الأرض مازال يرزح تحت نير الإستعمار في القرن الحادي والعشرين.

الإنسحاب الأميركي من اللجنة الأممية، هو بمثابة عدوان مباشر على حقوق ومصالح الشعب العربي الفلسطيني، وفي ذات الوقت تخلي أميركا عن دورها كقطب مركزي في السياسة الدولية في رعاية حقوق الإنسان، التي كانت ومازالت تتغني بها، وهو إستهتار بالقيم والقوانين الأممية، وضربها في عرض الحائط، ومشاركة إسرائيل الإستعمارية في حربها المسعورة على الشعب الفلسطيني الأعزل. لا بل باتت الولايات المتحدة في زمن الرئيس ترامب رأس حربة للإستعمار الإسرائيلي في حربها على الفلسطينيين.

وكانت إدارة ترامب إنسحبت العام الماضي من منظمة اليونيسكو في حربها المفضوحة والمكشوفة على المنظمات والهيئات الدولية دعما ومشاركة لإسرائيل الإستعمارية، وقلصت مساعداتها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) كخطوة على طريق تصفيتها بهدف تصفية قضية اللاجئين، وتلازم مع ذلك الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ثم نقلت السفارة الأميركية من تل ابيب إلى القدس في ذكرى النكبة السبعين للشعب الفلسطيني، ومازالت تضع منظمة التحرير في قائمة “الإرهاب”، ودفعت الأمور نحو إغلاق الممثلية الديبلوماسية الفلسطينية في واشنطن، وتعمل الآن بخطى حثيثة لتمرير صفقة القرن بهدف تصفية القضية الفلسطينية.

ولم تترك إدارة ترامب خلال العام ونصف الماضية من ولايتها مجالا ينصف الشعب الفلسطيني وقضيته السياسية العادلة إلآ وعملت على ملاحقته، ومحاصرة الحقوق السياسية الفلسطينية بذرائع وحجج واهية ووهمية. الأمر الذي يضع أميركا مباشرة في صف وخندق العدو الإسرائيلي. وبذلك تخلت طوعا وعن سابق تصميم وإصرار عن دورها كراعي لعملية السلام، مع ان القيادة السياسية الفلسطينية حرصت على فتح الأبواب المغلقة مع إدارة ترامب، ومدت الجسور معها، لكنها أغلقت عينيها، وصمت آذانها، وأبقت ابواقها مفتوحة لصالح مشاركة حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة في حربها على القيادة والشعب الفلسطيني.

الرئيس الأميركي دونالد ترامب عار على أميركا وشعبها، وعار على السياسة الدولية، وأداة تدمير منهجية لمنظومة العلاقات الأممية، والشرعية الدولية، التي وضعت اسسها، وساهمت في بنائها الولايات المتحدة قبل ثلاثة وسبعين عاما خلت. ومَّثل ترامب بسياساته الشعبوية الخطرة تهديدا مباشرا على الولايات المتحدة الأميركية وعلى النظام الدولي القائم على حد سواء. الأمر الذي يفرض على العالم بشكل جمعي التصدي لسياساته العنصرية والرجعية المارقة لحماية أميركا من نفسها، وحماية البشرية من ويلات ما قد تحمله تلك السياسة المتهورة وغير المسؤولة.

Share this Article