العقد الاجتماعي: بين من ومن؟ بقلم: مروان العشر

2018/07/19
Updated 2018/07/19 at 10:44 صباحًا


تخشى قوى الوضع القائم كثيرا من عبارة العقد الاجتماعي وتحاول جاهدة شيطنة المصطلح ومن يدعو إليه، وتستخدم في سبيل ذلك مقولة أن مثل هذا العقد محاولة لتغيير هيكل الدولة.
الحقيقة أن مثل هذا التخوف لا أساس له من الصحة، لكن الصحيح أن مثل هذا العقد سيعظم سيادة القانون ويعلي دولة المؤسسات، وسيقلص بعض صلاحيات السلطة التنفيذية ويزيد من صلاحيات السلطتين التشريعية والقضائية. فإذا ما أدركنا أن التيار المحافظ مسيطر على السلطة التنفيذية، فإن معارضته لأي عقد اجتماعي جديد نابعة من خوفه أن يفقد امتيازاته، وبالتالي فهو خائف على نفسه، وهو ضد دولة القانون والمؤسسات ويحاول تغليف ذلك بالتخويف من أمور وهمية.
النقطة المهمة الأخرى هي أن أي عقد اجتماعي ليس هدفه الأساسي تحديد العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وهي علاقة محددة وراسخة في الأردن، بقدر ما يهدف الى تحديد العلاقة بين مختلف مكونات المجتمع نفسها، ويأتي نتيجة لتوافق هذه المكونات بين بعضها بعضا على أسس هذه العلاقة، خاصة لغاية طمأنة هذه المكونات على حقوقها الفردية والجماعية ونظم حياتها وضمان عدم التغول عليها من قبل أي مجموعة. ونتيجة لذلك، يصبح جلالة الملك ضامنا لهذا التوافق الوطني أكثر من كونه طرفا في هذا العقد كون ذلك قد تحدد منذ زمن. وقد أدرك جلالة الملك الحسين ذلك تماما عندما كلّف هو لجنة وطنية لإعداد ميثاق وطني، أو عقد اجتماعي، ولم يتهم أحد الفكرة في حينه بأنها طارئة على الدولة. وها هو جلالة الملك عبدالله نفسه يتحدث عن عقد اجتماعي في كتاب التكليف لحكومة الدكتور عمر الرزاز.
ما يجب أن يهدف إليه العقد الاجتماعي الجديد هو طمأنة مكونات المجتمع كافة من حملة الجنسية الأردنية، محافظين وليبراليين، مسلمين ومسيحيين، رجالا ونساء، شرق أردنيين وأردنيين من أصل فلسطيني وغيرها من المكونات، في حقها في العيش على هذه الأرض وفق قناعاتها بكل حرية ومساواة وتحت مظلة الدستور والقانون، فيتساوى الجميع أمام القانون كما في الدستور من دون تكفير أو تخوين أو فرض نظام حياة معين على أحد ضمن نظام مدني ديمقراطي. وهو ما فعله الميثاق الوطني والأجندة الوطنية، ويستطيع أي جهد جديد الاعتماد عليهما لتعزيز الدستور وتفعيل بنوده.
من ناحية أخرى، تحاول قوى الوضع القائم تصوير الاحتجاجات التي تمت بأنها موجهة ضد قانون ضريبة الدخل المسحوب، وأن معالجة الوضع تتم من خلال تقديم قانون جديد لضريبة الدخل ثم تواصل الدولة إدارة البلاد حسب النهج القديم. من الأهمية بمكان أن تعي الدولة أن الوضع اختلف، وأن الجيل الجديد لم يعد يقبل بذلك، وأن إدراك ذلك هو الخطوة الأولى على طريق الإصلاح المنشود.
دولة الرئيس يعي ذلك تماما، وربما يعي أيضا أنه سيتم وضع معوقات كثيرة أمام مشروعه كما وضعت أمام المشاريع الإصلاحية كافة سابقا. لذا، وبغض النظر عن اعتبارات الثقة من قبل مختلف القوى السياسية، فمن الضرورة بمكان للقوى كافة التي تنشد الإصلاح عدم ترك ظهر الرجل مكشوفا. كما من الضرورة أن يعرف الرئيس أن لديه شارعا جاء بسببه ويستطيع الاعتماد عليه إن سار بجدية نحو إصلاح سياسي واقتصادي جاد ومتلازم.

Share this Article