باب خان الزيت قصة قصيرة محمود الريماوي

2018/12/30
Updated 2018/12/30 at 8:49 صباحًا


ما إن تبلغ مدخل باب خان الزيت من جهة باب العمود ، المدخل المزحم بالمارة في ساعات ما قبل الظهيرة، حتى تلتقط جدتي يدي وتندفع في العبور، فيما الصبي ( أنا) يتفادى برشاقة الاصطدام بالمارة الطوال وضخام الأبدان. وقد اعتاد الصبي ان لا يطلب من جدته ان تشتري له شيئا ، فهي التي تقرر ذلك متى شاءت، وتشتري له ما تريده هي مما تعرف أنه يحبّه. الجدة البدينة تحيّي بعض اصحاب الدكاكين الواقفين امام محالهم، والصبي تدهشه الكمية الهائلة للسكاكر والحلويات ويتساءل: لماذا لا يشتري الكبار منها،و هؤلاء في جيوبهم نقود كثيرة ، ويقرر مع ذات نفسه ان يملأ بيته بها حين يكبر. الجدة تشق طريقها في الزحام بثبات وانطلاق ، ومن لا يبتعد عن طريقها فليُعرّض نفسه للاصطدام بها. فالجدة القوية والمرحة لا تخشى الزحام أبداً، وفي سلوكها هذا لن تتشبه بـ”حماقة” الحاجة ام موسى سامحها الله، وهذه من سكان حارة كتف الواد في اريحا، وتقصد القدس كل يوم جمعة للصلاة والتسوق. تروي الجدة ان ام موسى وقفت ذات يوم في مدخل شارع خان الزيت، الشارع غير العريض المصفوف بالمحلات على جانبيه،. تنَحّت جانبا، ووقفت تنتظر انتهاء الزحام كي تعبر، وكلّفها الوقوف بضع ساعات من الانتظار المصحوب بالإعياء، حتى انقذها شاب مما هي فيه بعد ان سألها فيم وقوفها، فأجابته ان الناس كثيرون وهي تنتظر ان يقِلّ العدد. لن يقِل قبل حلول المساء، ونحن في ساعة الظهيرة يا حجة. قال لها الشاب. وهو ما قالته جدتي كله عن ام موسى الطيبة التي تخاف من الهواء، بينما يخاف كل شيء من جدتي. وبالفعل قد انتظر جنود صهيون رحيل جدتي، كي يستولوا بعد سنتين على قدسنا.
*قاص فلسطيني يقيم في الأردن.

Share this Article