سعي إسرائيلي لضخ مياه بحرية محلاة إلى “طبريا” لإنقاذها

2022/05/17
Updated 2022/05/17 at 8:10 صباحًا

facebook sharing button
whatsapp sharing button
messenger sharing button

القدس – “القدس” دوت كوم – (شينخوا) تعمل رافعات ضخمة على إنزال أنابيب المياه إلى خنادق تم حفرها ضمن مشروع غير مسبوق لضخ المياه البحرية المحلاة إلى بحيرة طبريا لإنقاذها.

وظلت بحيرة طبريا تعد بمثابة المصدر الرئيسي للمياه العذبة لكنها واجهت في السنوات الأخيرة انخفاضًا حادًا في منسوبها حتى “الخط الأسود” التحذيري بسبب فرط الاستخدام ومخاطر التغير المناخي.

ويقول خبراء إنه إذا استمر هذا الوضع، فسيكون أكبر مصدر للمياه الطبيعية مهددًا، وقد ينتج عن ذلك كارثة بيئية خطيرة.

ومن أجل إنقاذ البحيرة، تخطط إسرائيل لعكس اتجاه تدفق النظام الذي كان في السابق ينقل مياه البحيرة إلى مناطق عدة، بحيث يتم نقل الفائض من إنتاج المياه المحلاة من الجنوب إلى الشمال لتغذية بحيرة طبريا.

وصرح مسؤول بوزارة الطاقة الإسرائيلية، أن المشروع دخل مرحلته النهائية ومن المتوقع أن يكتمل بحلول نهاية عام 2022 أو أوائل عام 2023، علما أن تكلفته تبلغ نحو 300 مليون دولار.

وتنبع بحيرة طبريا من نهر الأردن، وهي بحيرة داخلية تعد أكثر بحيرة للمياه العذبة انخفاضًا في العالم، وباتت مهددة بفعل عدم انتظام المتساقطات وارتفاع درجات الحرارة في الصيف والضخ المفرط للمياه.

ومتوسط هطول الأمطار السنوي في البلاد متفاوت للغاية، وتتركز موارد المياه في الشمال والوسط، لكن الأراضي الزراعية موزعة بشكل أساسي في الشرق والجنوب الجاف.

ومن أجل نقل المياه العذبة من بحيرة طبريا، استثمرت الحكومة الإسرائيلية في بناء مشروع “تحويل المياه بين الشمال والجنوب” – نظام تزويد المياه الوطني في الخمسينيات والستينيات.

إذ تم بناء نظام إمداد المياه في عام 1964، وفي كل عام، يتم نقل المياه العذبة من بحيرة طبريا إلى وسط وجنوب إسرائيل وحتى إلى صحراء النقب الجنوبية، مما يسمح لهذه المنطقة بتطوير الزراعة النشطة.

ووصفت وسائل الإعلام الإسرائيلية أنه بسبب مشروع “نقل المياه من الشمال إلى الجنوب، حقق أول رئيس وزراء إسرائيلي بن غوريون حلم “ازدهار الصحراء”.

فقبل أكثر من 10 سنوات، كان حجم المياه العذبة التي تنقلها بحيرة طبريا إلى جنوب البلاد حوالي 400 مليون متر مكعب سنويا.

ومنذ بدء تشغيل أول محطة لتحلية المياه في عام 2005، تخلصت إسرائيل تدريجيًا من اعتمادها على بحيرة طبريا، وسحب كميات أقل وأقل من المياه للشرب والزراعة، وأصبحت مياه البحر المحلاة المصدر الرئيسي للمياه العذبة لسكان إسرائيل.

يرجع تخلص إسرائيل من الاعتماد على مياه البحيرة الطبيعية بشكل رئيسي إلى التقدم في تقنيتين هما إعادة تدوير المياه وتحلية مياه البحر، ما أتاح إنتاج حوالي مليار متر مكعب من المياه سنويًا.

ويبلغ إجمالي الطلب السنوي على المياه في المنازل والمنشآت الزراعية والصناعية في إسرائيل حوالي 2 مليار متر مكعب سنويا.

وحاليا، تتم معالجة حوالي 85 بالمائة من مياه الصرف الصحي في إسرائيل واستخدامها في الري الزراعي، وفقا لوزارة الطاقة الإسرائيلية.

وتخطط إسرائيل لرفع هذا الرقم إلى 95 في المئة في نهاية عام 2025.

في الوقت نفسه، قامت إسرائيل ببناء خمس محطات لتحلية المياه، تعمل على تحلية حوالي 600 مليون متر مكعب كل عام وحاليا 80 في المئة من مياه الشرب في إسرائيل تأتي من تحلية المياه.

ووفقا للاتفاق الذي تم التوصل إليه بين إسرائيل والأردن، باعت إسرائيل في السنوات الأخيرة حوالي 60 مليون متر مكعب من المياه العذبة إلى عمان سنويا، والتي تأتي من بحيرة طبريا.

وقال ليئور جوتمان المتحدث باسم شركة ميكوروت ومدير إدارة العلاقات العامة إن بحيرة طبريا ستكون “خزان الطوارئ” لإسرائيل إذا فشلت منشأة تحلية المياه، فلا يمكن التقليل من أهميتها.

ومع ذلك، مع تغير المناخ العالمي وانخفاض هطول الأمطار في المنطقة في السنوات الأخيرة، انخفض مستوى المياه في بحيرة طبريا بشكل حاد.

ففي عام 2001 كان منسوب مياه البحيرة 214.87 متر تحت مستوى سطح البحر، وأطلق عليه العلماء اسم “الخط الأسود” للبحيرة.

ويحذر الخبراء من أنه إذا كان مستوى مياه البحيرة أقل من الحد الأدنى للخط الأسود، فإن حموضة المسطح المائي في بحيرة طبريا ستزداد، ما يتسبب في أزمة بيئية، ما يؤثر بشكل أكبر على إمدادات المياه لمعيشة الناس في المنطقة، بل ويؤثر على نهر الأردن ومصبه في البحر الميت.

وعانت إسرائيل من الجفاف في الفترة من 2013 إلى 2018، وكان مستوى المياه في بحيرة طبريا منخفضًا.

وفي عام 2017 اضطرت إسرائيل إلى ضخ 170 ألف طن من الملح من البحيرة لضمان عدم تسبب انخفاض مستويات المياه في جعل المياه مالحة للغاية.

كما أجبر الجفاف الذي استمر خمسة أعوام الحكومة الإسرائيلية على إدراك خطورة المشكلة وصياغة خطة لتغذية بحيرة طبريا بمياه البحر المحلاة.

وفي عام 2018 وافقت الحكومة الإسرائيلية على مشروع تحويل المياه من الجنوب إلى الشمال بمليار شيكل (حوالي 300 مليون دولار)، والذي يخطط لضخ مياه البحر من محطات تحلية المياه في وسط وجنوبي البلاد إلى بحيرة طبريا من خلال نظام إمدادات المياه الوطني المتواجد حاليا.

ولتوصيل المياه المحلاة إلى بحيرة طبريا، يجب بناء المزيد من محطات الضخ وتشغيل خطوط أنابيب جديدة من محطة معالجة المياه في إشكول في شمال إسرائيل إلى بحيرة طبريا.

ووافق الكنيست على المرحلة الأولى من الأعمال في يونيو 2018، حيث خصص حوالي 105 ملايين شيكل (30 مليون دولار) لمشاريع تحلية المياه وإصلاح الجداول ومد خطوط أنابيب جديدة إلى بحيرة طبريا.

وقال يتسكيل ليفشيتز ، نائب المدير العام للبنية التحتية للطاقة والموارد المائية بوزارة الطاقة الإسرائيلية، لـ ((شينخوا)) إنه عند اكتمال المشروع من المتوقع أن يكون لديه القدرة على ضخ 100 مليون متر مكعب من المياه في بحيرة طبريا.

ويشير جيورا شاحام مدير سلطة المياه الإسرائيلية، إلى أن عكس نظام تحويل المياه من الشمال إلى الجنوب ليس معقدا ويقتصر على تغيير اتجاه تدفق المياه وضخ المياه العذبة من محطة التحلية إلى بحيرة طبريا عبر شبكة إمدادات المياه الوطنية.

ويوضح شاحام أن الرحلة بأكملها تستغرق حوالي 50 كيلومترا ويمكن تحقيقها في أقل من 8 ساعات.

— مشروع إنقاذ البحر الميت الأكثر صعوبة —

لكن ليفشيتز يؤكد أنه بسبب هطول الأمطار الغزيرة في إسرائيل في الأعوام الثلاثة الماضية، فإن بحيرة طبريا لا تعاني من نقص في المياه، لذلك لن يتم البدء في الضخ على الفور بانتظار نتائج مراقبة الأمر.

وقال إن إسرائيل هي الدولة الأولى في العالم التي تستخدم المياه المحلاة لتغذية مصادر المياه الطبيعية ويعد هذا تغيير في الإدراك، حيث “في الماضي، كنا نرى الطبيعة كمانح للمياه، ونحن الآن نرى الطبيعة كمستهلك”.

ويشير بهذا الصدد إلى حالة البحر الميت الآخذة في الانكماش حاليا، منوها إلى أنه مقارنة مع مشروع تغذية بحيرة طبريا، فإن مشروع إنقاذ البحر الميت أكثر صعوبة، وتواجه الحكومة الإسرائيلية فجوة مالية ضخمة للتعامل مع الملف.

ويقع البحر الميت على الحدود بين إسرائيل والأردن وفلسطين وهو أخفض بحيرة في العالم.

وفي السنوات الأخيرة، بسبب قيام إسرائيل والأردن بأخذ المياه من نهر الأردن لأغراض الري والأغراض المنزلية، فإن مستوى البحر الميت مهدد بشكل خطير، كما أن منسوب المياه ينخفض بمعدل متر واحد في السنة.

ويعقب جيورا شاحام أنه “لمنع انكماش البحر الميت يجب ضخ نحو 700 مليون متر مكعب من المياه فيه كل عام بتكلفة نحو 700 مليون دولار سنويا”.

ويتابع “لكن الحكومة الإسرائيلية لديها موارد مالية محدودة وعليها أن تزن ما إذا كانت ستبني الطرق أو تشيد المستشفيات أو المدارس أو إدارة البحر الميت في الوقت الحاضر، من الصعب وضع إنقاذ البحر الميت كأولوية”.

ووقعت إسرائيل وفلسطين والأردن اتفاقية مد أنابيب مياه لربط البحر الأحمر والبحر الميت في ديسمبر عام 2013.

وبموجب الاتفاقية، سيتم مد خط أنابيب مياه بطول 180 كيلومترا بين البحر الأحمر والبحر الميت عبر الأراضي الأردنية، وسيتم إنشاء محطة لتحلية المياه في العقبة ويطلق على المشروع اسم “خط أنابيب البحر الميت – البحر الأحمر”.

لكن الاتفاق لم يدخل حتى الآن مرحلة التنفيذ، وحتى ذلك الحين يبرز شاحام أن البحر الميت سيستمر على الأرجح في الانكماش.

Share this Article