الفنان مهدي براغيثي.. تجسيد حلم العودة بزهور بلاستيكية مُحاصرة!

2022/06/23
Updated 2022/06/23 at 7:50 صباحًا

كتب يوسف الشايب:تحت عنوان “المنزل الذي لا يذبُل أبداً”، قدّم الفنان مهدي براغيثي، رحلة فنيّة بين مخيم الوحدات للاجئين الفلسطينيين في العاصمة الأردنية عمّان ويافا، عبر المزج بين الرسم الأيقوني الكنسي فيما يبدو محاكاة فلسطينية لرسومات مايكل أنجلو، وذلك الإطار الأحمر المُذهّب الذي يبدو قادماً من العصر الفيكتوري ويحوي نماذج لزهور بلاستيكية كانت جزءاً من ذاكرة المكان الفلسطيني لدى اللاجئين، وجزءاً من استعادة طبيعة ما فقدوها ويفتقدونها، وجزءاً من ذاكرته هو حول صالونات المنازل في المخيم.

عملُ براغيثي هذا واحد من بين تسعة أعمال فنيّة تشكل مجتمعةً معرض “صالونات” الجماعي، بتنظيم من مؤسسة عبد المحسن القطان في مدينة رام الله، وتحتضنه قاعتها الرئيسة.

ولفت براغيثي إلى أن فكرة العمل جاءت بعد أن اكتشف الكم الكبير للزهور البلاستيكية في “بيوت اللاجئين”، خاصة منازل عائلته في مخيم الوحدات.. وقال: عندما بدأنا العمل على معرض “صالونات” الفنّي الجماعي جاء هذا العمل في محاولة بصرية للإجابة على تساؤل حول هذه الظاهرة.

وكشف براغيثي: خلال عملية البحث تحضيراً للعمل، لاحظت أننا نسعى لتجميل منازلنا الرمادية عبر هذه الزهور من جهة، والأهم استعادة الأماكن التي تم تهجيرنا منها قسراً، وترميم أجزاء من ذاكرتنا الجمعية والفردية في آن، تتعلق بالمنازل والحدائق التي كانت لنا قبل العام 1948.

وأضاف: نحن كأجيال شابة من اللاجئين، نتخيّل عبر هكذا أعمال، تلك الجغرافيات الحميمة التي خرجت منها عائلاتنا، فأسرتي الممتدة تهجّرت من مناطق عدّة كاللد، ويافا، والخليل، لذا عملت على بناء مساحة جديدة تعكس مساعينا، ليس فقط نحن كعائلة أو سكان مخيّم بعينه، بل كافة اللاجئين الفلسطينيين، إلى استعادة “المكان الآمن الخاص بنا”، واستعادة الذكريات أيضاً، دون غياب ذلك الشعور بالنوستالجيا، خاصة في المخيّم، ذلك المكان الذي من المفترض أن يكون مؤقتاً، وبات مخزناً ليس فقطاً للذكريات، بل لأحلامنا بالعودة أيضاً، بحيث رمز العمل في جزء ما منه إلى “الفردوس المفقود”.

وتأتي حالة التدرج اللانهائية للزهور البلاستيكية المحاصرة داخل الزجاج في العمل الفنّي “المنزل الذي لا يذبل أبداً”، كانعكاس للبناء المتكرر لدى اللاجئين، القائم على ركيزة العودة طموح وليس فقط حلماً، فالعمل مبنيّ على فكرة الأمل، وعدم الاستسلام لما يحاول المُحتل فرضه من وقائع على الأرض قد تجعل من هذا الحلم مستحيلاً، و”نحن لا نقبل المستحيل”.

وكان براغيثي شدّد بأن الحكايات المتداولة لوالدته وعائلاتها، ويقطنون مخيم الوحدات منذ العام 1965، أخذته، وعبر “مشاهد متخيلة تروي ذكرياتهم الخاصة”، منها البطولية ومنها الصعبة والعنيفة، إلى “يافا ما قبل النكبة”، وهي حكايات تتقاطع “مع تفاصيل اعتدت على رؤيتها وأنا أكبر في بيتنا”، ومع “ديكورات وتفاصيل وعاء والدتي للزهور البلاستيكية في منزلنا الحالي”، باعتبارها “ليست مجرد صور جميلة، وزهور بلاستيكية ملوّنة تتراكم وتزداد يوماً بعد يوم، بل هي أمل في العودة إلى حدائق منزل والدتي القديم الذي سمعتُ عنه من جدّتي، وحديقة منزل جدّها في يافا”، وهم بذلك “يعيدون خلق ذكرياتهم هناك، في المساحة الرمادية الجديدة التي يعيشون فيها”

Share this Article