حماس إذ تختزل «القضية».. في ذاتها ولذاتها!! … بقلم: محمد خروب

2013/07/28
Updated 2013/07/28 at 1:26 مساءً

5aroob

حركة حماس في حال من الغضب يكاد يصل الى حال الهستيريا التي تستبد بها في هذه الايام والتي تتجلى في التصريحات النارية وغير المسبوقة في تهورها التي يدلي بها قياديون في الحركة من امثال غازي حمد وصلاح البردويل وخصوصا سامي ابو زهري، حيث الاخير خرج على المألوف وتخلى عن كل كياسة ورزانة سياسية وكأني به يطلق النار على رأسه دون ان يدري وبخاصة انه في تصريحه هذا يكاد ان يقطع «الشعرة» الاخيرة التي تربط الحركة بمصر (والتي لا يمكن اختزالها بحركة الاخوان المسلمين او شخص المرشد وحتى مندوبهم المعزول الذي جاء الى قصر الاتحادية بالصدفة).
سامي ابو زهري وصف في ما يشبه اليقين بل هو اليقين بعينه ان قرار الاتهام الذي وجه للرئيس المعزول محمد مرسي بالتخابر مع حماس «يؤكد» أن السلطة القائمة في مصر «تتنصل» من القضايا القومية وتتقاطع مع اطراف اخرى للاساءة اليها وفي مقدمتها قضية فلسطين(!!).
هكذا إذن قرر الناطق باسم حركة حماس، دون تفكير بعقابيل تصريح منفلت كهذا ليس في كونه اختزالاً للقضية الفلسطينية في ثوب حركة المقاومة التي تصف نفسها بالاسلامية، وانما ايضا في القول ان السلطة القائمة في مصر (لم يقل الانقلابية للمفارقة) تتقاطع مع اطراف اخرى (يكاد ان يقول مع اسرائيل) للاساءة الى القضايا القومية وفي مقدمتها قضية فلسطين.
هل ثمة رعونة اكثر مما هي عليه تصريحات انفعالية وعصابية تعكس ارتباطا وشعورا دفينا بالخسارة وسذاجة الرهانات التي رمى قادة حركة حماس انفسهم (والقضية) فيها، بعد استداراتهم السريعة وغير المدروسة التي ظنوا انهم بذلك يحرقون المراحل ويرثون منظمة التحرير ويستحصلون على اعتماد اميركي كان حصل عليه اخوانهم في الحركة المصرية الام كما اخوان تونس وليبيا واليمن وسوريا ودائما برعاية وترويج وضمانة السلطان اردوغان في انقرة.
وحتى لا تبدو الأمور وكأنها حملة شيطنة لحماس وتَشَفٍّ بما آلت اليها اوضاعها بعد انهيار حكم الاخوان في مصر والتغييرات ذات المغزى في قطر، ناهيك عن «العواصف» التي يواجهها رجب طيب اردوغان (وهم الرعاة الثلاثة لحماس) والتي قد تطيحه او على الاقل تجعل منه بطة عرجاء، غير قادر على التأثير الجاد والعملي في مآلات الاحداث في المنطقة وخصوصا في مصر وسوريا اللهم إلاّ في اطلاق تصريحات نارية تعكس عمق ازمته اكثر ما تؤشر الى حكمة وبُعد نظر سياسي او دبلوماسي.. فإن من المهم هنا الاشارة الى ان احدا لا يصادر على حماس حقها في الدفاع عن نفسها والعمل على تقليل خسائرها الآخذة في التعاظم وشعورها بان احتمالات «خلعها» من قطاع غزة (كسلطة حاكمة) باتت اقرب اليوم من أي يوم مضى، كذلك من حقها ان تنتصر لـِ(اخوانها) في مصر الذين احتضنوا قيادتها واستقبلوهم بترحاب وقدّم اخوان غزة ومكتب الحركة السياسي، الولاء والطاعة، لكنه ليس من حق الحركة لا سياسيا ولا اخلاقيا ولا ميدانيا ولا حتى بمعايير موازين القوى الشعبية، ان تتحدث باسم الشعب الفلسطيني او تنصب نفسها وصية عليه وان تكتب له جدول اعماله او ان تجعل منه «ورقة» مساومة لتحسين شروط تفاوضها او للخروج من حال العزلة والحصار التي بدأت تفرض استحقاقاتها على الحركة وسلطتها في غزة، تماما كما ان ذلك ليس من حق حركة فتح التي هي الاخرى صاحبة «باع» طويل في تسخير القضية وارتهانها لخدمة مصالحها الضيقة وذات التاريخ الطويل في اخذ القضية الى مربعات ورهانات خطرة لا لشيء، إلاّ لانها اختطفت القضية واختزلتها في تنظيمها وما تراه قيادتها التي بدأت مشوار التفريط منذ البرنامج المرحلي في العام 1974 (برنامج النقاط العشر) وهو مشوار للاسف لم يتوقف، بدليل انه لم يُنْجِز شيئا لصالح القضية بل عرّضها للتصفية، رغم مرور اربعة عقود على تبنيه.
حماس تختزل القضية بل والشعب الفلسطيني في ذاتها ولذاتها، وتزعم انها تمثله وتنطق باسمه، وكأنه مجرد قطيع او رعايا في جلابيب ودشاديش قادتها وحلفائها الذين سقطوا او في طريقهم الى السقوط والانهيار تنظيميا ودورا، كذلك فتح كما سبق ان قلنا، لكن ما يثير الريبة في ما تنطوي عليه تصريحات قادة حماس (دعك من تصريحات قادة فتح المنتشون والمبتهجون والشامتون بحماس) هو ذهابهم بعيدا في استعداء واستفزاز (السلطة القائمة في مصر) والزعم انها (تتنصل) من القضية الفلسطينية وتواطؤ للاساءة اليها (كذا).
من يصدق ان عاقلا ووطنيا يمكنه ان «يرشق» مصر العظيمة بتهمة باطلة كهذه؟ ومن يصدق ان مصر (ايا كان حاكمها) يمكن ان تدير ظهرها لفلسطين وشعبها بما هي بوابة امنها القومي التي لا يمكن لأحد «نواطيرها» ان يفكر (بالغفو) اثناء نوبة الحراسة؟
وإذا كان كل ما يجري في مصر الان لا يعدو كونه رفضا شعبيا مصريا عارما لحكم الاخوان والتجربة المرة التي عاشها المصريون خلال عام واحد من حكم الاخوان بعد ان اختطفوا الثورة وحولوها الى مشروع للأخونة والتمكين، لم تكن حماس غائبة عنه بل قدمت الدعم المادي والمعنوي.. له، فلماذا صمتت حماس بعد ان شرع النظام «الاخواني» في تدمير الأنفاق وراحت تصريحات خجولة خصوصا من اسماعيل هنية ترضى بالامر الواقع وتقول: بديل التدمير هو فتح معبر رفح الحدودي في الاتجاهين؟
يُحْسِن قادة حماس صنعا لو انهم ابقوا ما يجري بينهم وبين (السلطة القائمة) في مصر في حدود العلاقة او الصلة بين التهم الموجه لمرسي، اما زج الشعب الفلسطيني وقضيته في صراع حزبي وفئوي وتنظيمي، فهو لن يسهم إلاّ في استعداء المزيد من المصريين على الشعب الفلسطيني واتساع منسوب الكراهية له على النحو الذي لا تخلو منه أي (ساحة) عربية حيث يشيطنون الفلسطينيين ويتمنوا لو «يفيقوا» ولا يجدوا «شيئاً» اسمه.. الشعب الفلسطيني!!

الرأي الاردنية

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً