تجاذبات في حماس بين حاضنة سقطت وأخرى آيلة للسقوط

2013/08/04
Updated 2013/08/04 at 1:30 مساءً

5056531330325059

الدوحة – غزة : اصبحت حماس في مأزق بعد خسارتها دمشق وطهران وحزب الله الآن ومصر ودول عربية اخرى رافضة لحركة الإخوان المسلمين والاسلام السياسي في المنطقة.

وربما يعود السبب إلى انها وقفت الى جانب اخوان مصر على مبدا “السمع والطاعة” أكثر من ركيزة هويتها الفلسطينية.

ومثلت التطورات الأخيرة في مصر ضربة كبيرة لحركة حماس التي دفع ارتباطها بحركة الإخوان المسلمين ودعمها لها في التحولات الأخيرة في العالم العربي، إلى خسارة مصر و سوريا وإيران والعديد من الدول العربية، بسبب اختيار حماس عدم التزام الحياد إزاء التطورات العربية والوقوف إلى جانب جهات دون أخرى قد كلفها كثيرا وزاد من راديكاليتها.

اختلاف المواقف داخل حماس

ارتكبت حماس خطأ جسيما عندما أقحمت نفسها في الشؤون الداخلية المصرية. فالجناح المعتدل بقيادة رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل رأى أن وصول الإسلام السياسي إلى الحكم في عدد من الدول العربية يتطلب “مرونة سياسية” في مواقف الحركة ومع ذلك فإنه قرر أن يدعم مواقف المعارضة في سوريا ما تسبب بخسارة الحركة لسوريا وإيران وحزب الله اللبناني.

وفي ذات الوقت فإن دعمه للإخوان المسلمين في مصر تسبب بخسارته للمعارضة المصرية وعددا من الدول العربية. وبالمقابل فإن الجناح المتشدد في الحركة المتمثل بمحمود الزهار اعتبر أن وصول الإسلام السياسي إلى الحكم في مصر يتطلب تشديد مواقف الحركة إزاء حركة فتح باعتبار حركته في موقع المنتصر.

ولجأت حركة حماس إلى الاعتماد على الاخوان في مصر بديلا عن دمشق وطهران، وذلك لعلاقاتها التنظيمية والإيديولوجية. وقد أثبتت حماس بردود افعالها ما بعد معارضتها نظام الاسد وموقفها من الحكومة الانتقالية في مصر بعد يوم 4 يوليو/تموز بأنها امتداد لجماعة الإخوان المسلمين وأنها جزء من مشروع إسلامي أممي أكثر من هويتها الفلسطينية المقاومة وسوف تدفع حماس الى مزيد من العزلة السياسية.

ان هذا النوع من الصدمة الذي تواجهه حماس في الوقت الحاضر لا يستبعد ان ينتج عنه ردود افعال اكثر تطرفا لتعكس نفسها انها حركة راديكالية عقائدية اكثر من مسؤوليتها في ادارة السلطة في غزة، هذه ردود الافعال يمكن ان تنتج عنها حالة من التمرد في قاعدتها وانشقاقات في هرم التنظيم.

فك الارتباط مع محور الممانعة

زجت حماس بنفسها في رهان القتال مع التنظيمات الجهادية والمعارضة ضد النظام في سوريا مما دفع محور “الممانعة ” الى فك ارتباط حماس بها، وياتي ذلك ضمن ركيزة حماس التي تقوم على الايديولوجية اكثر من الهوية الوطنية،هذا دفعها الى القتال الى جانب المعارضة السورية التي يتزعمها الاخوان سياسيا، وهي اشارة الى ان أجنحة الاخوان المسلمين تخضع الى صرامة التنظيم ومبدا “السمع والطاعة” ضمن شعار “أنصر أخاك ظالما او مظلوما”.

خطوة حماس هذه، تعتبر ضمن استراتيجية التيارات والاحزاب الاسلامية للتمترس والتحالف أمام العلمانيين. هذا التمترس يشترك في خصومته للعلمانيين رغم الاختلافات النسبية داخل الاحزاب والتنظيمات الاسلاموية.

فالسلفية التكفيرية ومنها تنظيم التكفير والهجرة لم تتردد قط باعلان الحرب واعلان مجلس حرب من على منصة رابعة العدوية من داخل القاهرة. هذه المساحة من الحرية التي يتمتع بها الاخوان ما بعد سقوطهم في 4 يوليو 2013 لا يمكن ان تحصل حتى في اعرق الدول الديمقراطية.

وعلى سبيل المثال المانيا التي اتخذت قرارات خلال علم 2012 وعام 2013 للحد من مد السلفية التكفيرية ـ الجهادية في المانيا وتحجيم تجمعاتهم التي اثارت الشغب والعنف في الشارع الالماني. وذات الخطوة أتخذتها المانيا تجاه اليمين المتطرف الذي يخضع للرقابة والتحجيم بل حرمته وحظرت النازيين الجدد، لانها اصبحت تهدد الامن الوطني.

ما يحصل في مصر من اعمال شغب وممارسات لتنظيم الاخوان في مصر يعتبر تهديدا واضحا للامن الوطني المصري والامن القومي للمنطقة. المنصات والميادين بدات تشهد رايات القاعدة وتنظيم التكفير والهجرة بشكل علني وهي تنظيمات محظورة وممنوعة، دوليا.

يكشف ظهور هذه التنظيمات وظهور مشاهد الشحن الطائفي الذي يدعو الى قتال ومواجهة رجال القوات المسلحة ورجال الشرطة خاصة في سيناء، حجم الكارثة التي ترتقب المنطقة في “امارة سيناء” المرتقبة.

هنالك تسريبات معلوماتية غير مؤكدة بان هنالك صفقة ما بين الولايات المتحدة والاخوان لتكون سيناء وطنا بديلا للفلسطينيين، وترك الفوضى فيها في اعقاب صعود الاخوان في مصر، كانت خطوة باتجاه خسارة مصر لسيناء.

التكفير والهجرة ظهير وامتداد للاخوان

ولد تنظيم التكفير والهجرة اصلا من رحم أخواني حاله حال التوحيد والجهاد وتنظيمات جهادية أخرى. وتكفل دعوات الاخوان والتكفير والهجرة والقاعدة من منصات ميادين مصر بادانة الاشخاص الذين يقفون وراءها وممكن القاء القبض عليها بتحرير مذكرات قضائية لثبوت تورطهم بالارهاب.

البيانات الحكومية اثبتت تورط مناصري حماس داخل ميادين مصر في القتال بجانب الاخوان ضد الحكومة الانتقالية وقد امسكت القوات المصرية العديد من المتسللين من حماس عبر الانفاق السرية وبالجرم المشهود بضمنها صواريخ “غراد” التي اشتهرت بها حماس.

والأوضاع في شبه جزيرة سيناء مرشحة للتصعيد فى الفترة القادمة، كما أن التطورات المقبلة قد تنعكس سلبا على العلاقة بين حكومة مصر الانتقالية و حماس، خاصة ان حماس سوف تستهدف الجيش والشرطة المصرية اكثر من المؤسسات السياسية.

ربما تذهب حماس ابعد من ذلك في رهانها على الاخوان باتخاذ سيناء منطقة جغرافية تتمدد “جهاديا” مع حماس في غزة، وان فعلت ذلك فيمكن اعتباره هروبا الى الامام، ان لم يكن انتحارا سياسيا لتضحي بتاريخها السياسي والتنظيمي الذي يمتد الى ابعد من عام 1987 لتبرهن الحركة بانها جناح عسكري وامتداد للاخوان اكثر منها حركة مقاومة فلسطينية.

تعيش حماس الان في مأزق وتواجه مشكلة حقيقة سياسيا وماليا وربما تنظيميا. سوف تقلص التطورات الحالية في مصر وتراجع الاخوان في المنطقة من علاقات حماس وتمثيل الحركة في أغلب الدول الحاضنة وهذه التطورات من شانها ان تحدث حراكا داخل حماس ما بين التياري المتشدد والمعتدل وهي نتيجة متوقعة، تتعرض لها الكثير من التنظيمات الثورية ” في دول العالم وتنتج عنها، الانشقاقات كما حصل في تجربة الجيش الايرلندي والخلافات بين التنظيم السياسي والجناح العسكري.

أما ماليا فقد تلجأ حماس الى ايران ثانية. وذكرت صحيفة الديلي تلغراف اللندنية بان حماس كانت تحصل على ما يقارب خمسة عشر مليون جنيه استرليني من ايران، لكن هذا الدعم قد توقف في اعقاب وقوفها الى جانب المعارضة والاخوان في سوريا.

لذا فان حماس الان في مرحلة صعبة اشبه بمرحلة التحلل والتميع امام تراجع الجماعات الاسلامية والاخوان في المنطقة، وهذا ما يتطلب من حماس ضرورة اعادة حساباتها من ضمنها علاقاتها مع الاخوان والجماعات الاسلامية من جانب ومع رام الله والقاهرة من جانب اخر.

وتحتاج حماس ايضا الى مراجعة حساباتها مع استمرار موقفها بالقتال الى جانب التنظيمات “الجهادية والاخوان” في سوريا ومحور الممانعة. أما كسر علاقة حزب الله في لبنان مع حماس ومطالبة نصر الله باغلاق مكاتب حماس فيعتبر خسارة تنظيمية قبل ان تكون سياسية للحركة في لبنان لما تمثله لبنان من اهمية وبديل للفلسطينيين مع تواجد مخيمات للاجئين الفلسطينيين على ارض لبنان، رغم اشتراك حماس وحزب الله في راديكالية الايديولوجية أكثر من الهوية الوطنية.

ألحقت سياسة حماس تجاه التطورات في المنطقة وخسارة اخوان مصر السلطة الضرر بالشعب الفلسطيني قبل ان تلحق الضرر بالمقاومة، فقد دفعت حماس والشعب الفلسطيني في غزة فاتورة سقوط الاخوان، لتثبت بانها حركة ايديولوجية اكثر من هويتها الوطنية في زمن تراجعت فيه الايدلوجية اليسارية والشيوعية، ولم تستفد من أخطاء حركة فتح سابقا في الاردن او فلسطين أو لبنان.

ويبدو ان حماس حالها حال الاخوان في مصر تصرفت في غزة باعتبارها حركة ثورية أكثر من كونها ادارة للسلطة لتحشر نفسها في مأزق صعب، وربما لا يوجد لها خيار غير العودة الى محور الممانعة والذي بات هو الاخر ضعيفا.

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً