لماذا انضم الفلسطينيون إلى المحكمة الجنائية الدولية؟

2015/01/06
Updated 2015/01/06 at 11:28 صباحًا

فهرس

وقع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أوراق الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية بعد يوم واحد من رفض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مشروع إقامة الدولة الفلسطينية. ويمكن أن تفضي هذه الخطوة الاستفزازية إلى فرض عقوبات على الفلسطينيين من جهة إسرائيل والولايات المتحدة، وكذلك تعريض المناطق الفلسطينية وإسرائيل لتحقيقيات دولية في جرائم حرب.
يوم الثلاثاء، فشل الأردن، الذي عمل نيابة عن السلطة الفلسطينية، في تأمين ما يكفي من الأصوات لتمرير خطوة في مجلس الأمن، والتي كان يفترض أن تقرر موعداً نهائياً لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. ويوم الأربعاء، صادق عباس على “ميثاق روما الأساسي” -الذي يحكم عمل المحكمة الجنائية الدولية- مما يفتح مناطق السلطة الفلسطينية أمام تحقيقات المحكمة. ولدى المحكمة التي مقرها لاهاي اختصاص محاكمة الأفراد عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية.
لم يتضح على الفور ما هو الذي ستفعله السلطة الفلسطينية في المحكمة، وينبغي أن تمر فترة انتظار لمدة 60 يوماً قبل أن تتمكن من تسجيل أي قضايا لدى المحكمة. وبينما تضم المحكمة 122 دولة لها حق التصويت، فإن دولاً كبرى مثل الولايات المتحدة والصين والهند ليست من بين المشاركين. وليست إسرائيل من بين المنضمين إلى قانون المحكمة أيضاً، كما أن هناك حدودا لقوة هذه الهيئة، كما ذكرت صحيفة “الواشنطن بوست”.
في مؤشر على محدوديات المحكمة، أُجبر المدعون العامون في شهر كانون الأول (ديسمبر) على إسقاط قضية كانت مرفوعة ضد الرئيس الكيني أوهورو كينياتا، الذي كان متهماً بتدبير حملة عنف عرقي في العام 2007. ومع أن كينيا عضو في المحكمة، فقد رفضت الحكومة التعاون مع الادعاء، ومنعت المحققين من جمع الأدلة الكافية لمواصلة القضية.
بالإضافة إلى ذلك، يتمتع المدعون العامون للمحكمة الجنائية الدولية بفسحة كبيرة فيما يتعلق بتحديد التحقيقات التي يقررون متابعتها، وسوف يواجه التحقيق في الأعمال الإسرائيلية ضغطاً سياسياً هائلاً من جانب حلفائها. ويمكن أن يفضي انضمام السلطة الفلسطينية للمحكمة إلى مقاضاة مسؤولين إسرائيليين عن جرائم حرب وجرائم متعلقة بنشاط إسرائيل الاستيطاني. وكانت جماعة حقوق الإنسان “هيومان رايتس ووتش” قد اتهمت إسرائيل في العام 2009 بارتكاب جرائم حرب في أزمة 2008-2009 المعروفة باسم “عملية الرصاص المصبوب”. وشملت الاتهامات شن إسرائيل هجمات صاروخية أسفرت عن قتل مدنيين، وقتل 11 مدنياً يرفعون الأعلام البيضاء، واستخدام ذخائر الفسفور الأبيض في مناطق ذات كثافة سكانية عالية في غزة.
سعت السلطة الفلسطينية للإنصاف ضد تلك التكتيكات في المحكمة الجنائية الدولية في العام 2009. وحكم المدعي العام للمحكمة بأن السلطة الفلسطينية لم تكن تمتلك الحق في تقديم طلبات للتحقيق لأنها لم تكن تتمتع بمكانة الدولة المراقب غير العضو في الأمم المتحدة. ثم كسبت السلطة الفلسطينية تلك المكانة في وقت لاحق. وفي العام 2014، بعد الصراع الأحدث في غزة، اتهمت منظمة “هيومان رايتس ووتش” إسرائيل بارتكاب جرائم حرب بقتلها 45 فلسطينياً ممن كانوا يتخذون ملجأ من مدرسة “مميزة بعلامات واضحة” تابعة للأمم المتحدة.
الآن، من المتوقع أن تتخذ إسرائيل إجراءات انتقامية، والتي ربما تتضمن وقف تحويلات الضرائب العائدة للسلطة الفلسطينية، ونزع امتيازات “شخص مهم للغاية” عن سفر المسؤولين الفلسطينيين، والإعلان عن خطط استيطانية جديدة، أو اتخاذ إجراءات قضائية ضد الفلسطينيين في هيئات قضائية أخرى. وكان أعضاء في الكونغرس الأميركي قد هددوا مسبقاً بقطع المساعدات الأميركية عن السلطة الفلسطينية في حال تحركت السلطة نحو الانضمام إلى الهيئات الدولية، مثل المحكمة الجنائية الدولية.
“مجلس الأمن خذلنا. لمن نشتكي؟”
كان القرار الذي أفشلته الأمم المتحدة من أجل الدولة سيحدد مهلة نهائية مدتها سنة واحدة للمفاوضات الفلسطينية مع إسرائيل، وسيقرر اعتبار القدس الشرقية عاصمة فلسطينية، ويدعو إلى انسحاب شامل للقوات الإسرائيلية من الضفة الغربية بحلول نهاية العام 2017. وكان مرور القرار في حاجة إلى تسعة أصوات من أصل أعضاء الهيئة البالغ عددهم 15 عضواً؛ وقد حصل على ثمانية أصوات، مع تصويت الولايات المتحدة ضد القرار وامتناع المملكة المتحدة عن التصويت. وكانت فرنسا والصين وروسيا من بين الذين صوتوا لصالح القرار. وتساءل البعض عن السبب وراء الدفع بذلك القرار في هذا الوقت -ففي كانون الأول (ديسمبر)، سوف تجلب عملية تدوير دولاً جديدة إلى مجلس الأمن، مثل ماليزيا التي ربما تكون أكثر ترجيحاً لأن تصوت لصالح القرار. وربما يكون عباس، الذي كان واقعاً تحت ضغط سياسي محلي كبير- قد ضغط من أجل إجراء تصويت الآن لتجنب فرض فيتو أميركي -والمواجهة التي سيجلبها هذا الفيتو في ركابه.
فسرت السفيرة الأميركية إلى الأمم المتحدة، سمانثا باور، الاستخدام الأميركي للفيتو ببيان صارم: “باختصار، تعتقد إدارة أوباما أن الأعمال أو التحركات أحادية الجانب للانضمام إلى الهيئات الدولية ليست منتجة ولن تخلق سلاماً دائماً، وهي تفضل عملية سلام متفاوض عليها بين إسرائيل وفلسطين. ويقال إن محادثات السلام الكثيفة، التي جرت بوساطة وزير الخارجية جون كيري في وقت سابق من هذا العام قد أخفقت في جزء منها بسبب إصرار المفاوضين الفلسطينيين على الانضمام إلى معاهدات الأمم المتحدة واتفاقياتها المختلفة، ولو أن البناء المستمر للمستوطنات الإسرائيلية لعب دوراً أيضاً. وكان وزير الخارجية كيري قد سعى إلى الدفع بمشروع الدولة لتجنب تأجيج التوترات في إسرائيل قبل انتخابات البلد في آذار (مارس)”.
في التعليق على هذا التطور الأخير، وبينما يتحدث من مقر إقامته في الضفة الغربية بعد توقيع أوراق الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية، أشار عباس إلى الفشل في الأمم المتحدة، فقال: “هناك عدوان يمارس ضد أرضنا وبلدنا، مجلس الأمن خذلنا -فلمن نشتكي؟”.

الغد الاردنية

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً