نصيحة للإخوان … بقلم: محمد ابو رمان

2015/03/19
Updated 2015/03/19 at 9:46 صباحًا

فهرس
ينعقد مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين، مرّة جديدة، اليوم الخميس، للبحث عن مخرج من الأزمة الراهنة غير المسبوقة في أوساط الجماعة؛ لمناقشة الطرق والوسائل الممكنة للتغلّب على “مأزق الشرعية القانونية” الذي وجدت الجماعة نفسها فيه بعد إقدام عبدالمجيد ذنيبات، المراقب العام الأسبق، مع مجموعة من القيادات المعروفة، على الحصول على ترخيص جديد لإنشاء “جمعية الإخوان المسلمين”.
من الواضح أنّ هناك حالة انقسام، إلى الآن، في أوساط الجماعة الأم، بشأن كيفية التعامل مع هذا المأزق، مع ارتفاع منسوب المطالبات من قبل عشرات الشباب، كما قيادات تاريخية معروفة، بضرورة تغيير القيادة الراهنة، وتسليم مفاتيح الأمور لشخصيات على وزن وطني وسياسي معتبر، مثل الدكتور عبداللطيف عربيات، وإعطائه صلاحيات واسعة للتفاوض مع المجموعة الأخرى والدولة، والوصول إلى حلول استراتيجية، وبالتالي الخروج من “عنق الزجاجة” الحالي.
لا أظنّ أنّ من السهولة إقناع د. عربيات بهذه المهمة؛ فهي ليست هينة على الإطلاق، ولرجل بمثل مكانته وعمره ستكون بمثابة “من يشتري همّاً وغمّاً” لنفسه. إذ هو سيشتبك مع صديقه القديم، الذي أصبح يختلف معه عبدالمجيد ذنيبات، كما مع مؤسسات الدولة غير المتناغمة في الموقف من الجماعة والخطوة الجديدة، ومع أكثر من مستوى في جماعة الإخوان المسلمين نفسها، في ظل غياب التوافقات الداخلية على التعامل مع “اللحظة الانتقالية” الراهنة.
ما لفت نظري بشأن ما يجري حالياً، هو إصرار مجموعة من الإخوان المسلمين على تفسير الأزمة الراهنة بوصفها نموذجاً مستنسخاً عما حدث في مرّات سابقة، عندما خرجت مجموعات من رحم الجماعة وبقيت الجماعة؛ فهم يرون أنّها مرحلة ستعبرها الجماعة، ولا يجوز تغيير القيادة تحت الضغوط الداخلية والسياسية.
فوق هذا وذاك، ربما وصلت الجماعة رسالة خاطئة من لقاء قياداتها مع رئيس الوزراء الذي تحدث عن الجماعة بوصفها واقعاً موجوداً. وهو لم يقصد بذلك، كما أخبرني أحد الوزراء المعنيين، أن يعطي للإخوان “ضمانات” معينة.
أنصح الإخوان بعدم الاستخفاف بحدّة الأزمة الراهنة. لكن الأكثر أهمية هو عدم اختزالها بالمأزق القانوني الحالي، أو المجموعة التي خرجت من رحم الجماعة مؤخراً، كما عدم محاولة التقليل من تجليات هذه الأزمة وتداعياتها. فهم، في قرارة أنفسهم، يدركون تماماً أنّ الأزمة الحالية متدحرجة منذ ما يزيد على عقد ونصف العقد، وهي تتطوّر وتأخذ أشكالاً أكثر خطورة مع كل مرحلة من المراحل. وقد زادت حدّتها وانعكاساتها الداخلية بعد ما حدث في مصر من انقلاب عسكري على جماعة الإخوان المسلمين.
على الصعيد الإقليمي، فإن الجماعة تتراجع بصورة كبيرة لصالح تنظيم “داعش” والحركات المتشددة الأخرى. وهو ما تتحمل مسؤوليته الأنظمة العربية بدرجة رئيسة، لكن الجماعات المعتدلة تأخذ قسطاً من المسؤولية، وتخسر جزءاً مهماً من دعمها وشعبيتها. وربما يكون استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية الأخير، لافتا للانتباه،؛ إذ أظهرت نتائجه أن نسبة من يفضلون حزب “جبهة العمل الإسلامي” تراجعت بحدود 5 نقاط، لتصل إلى
1.5 % فقط من المستطلعة آراؤهم. وهو تراجع نوعي وخطير ومهم، ساهم في الوصول إليه ما يحدث من صراع داخلي قاس في جماعة الإخوان المسلمين.
الجماعة تخسر كثيراً من رصيدها الرمزي والمعنوي والأخلاقي، في نظر الرأي العام. وهي تستنزف نفسها في صراعات داخلية غير مجدية، وتدور في الحلقة نفسها من الخطاب السياسي، من دون محاولة تقديم رؤى جديدة للقفز على الواقع الراهن؛ وهذا بحدّ ذاته مرض أخطر بكثير من مأزق “الشرعية القانونية”.
مفتاح الحل أن يتم تغيير القيادة الحالية، وتسليمها لشخصية وطنية متميزة، مع مجموعة من الحكماء والشباب الجدد العقلانيين، للخروج من المأزق الراهن أولاً، والتفكير في مستقبل الجماعة ودورها ثانياً.
عن الغد الاردنية

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً