مخابرات لـ”حماس” = حظرا لـ”حماس” قانونا!… بقلم :حسن عصفور

2015/08/08
Updated 2015/08/08 at 9:43 صباحًا

3_1416369949_8169

انتشرت أخبارا واسعة في وسائل اعلام متعددة، عن قيام حركة “حماس” إنشاء جهاز “مخابرات” لها في قطاع غزة، لاستكمال حلقة “دوائرها الأمنية الخاصة”..ولم تنف حماس تلك الأخبار، رغم ما بها من رسائل سياسية خطيرة جدا، تقلب كثيرا من “الوقائع السياسية – القانونية” لو حدث فعلا مثل ذلك الخبر..

 

من حق حماس وغيرها، أن تقوم بفتح النيران بكل أسلتحها ضد الرئيس محمود عباس وسياسته، أكان موقف الحركة صوابا أم لم يكن، لتختلف كما يحلو لها من الخلاف، ولتنشر كل ما يخطر ببالها من أقوال وأوصاف ترمي بها الرئيس عباس، فتلك بعضا مما هو سائد منذ زمن في مسرح الأحداث العامة في فلسطين، قبل الانقلاب الأسود عام 2007، وبعده..

 

ولكن، لكل اختلاف أو حتى خلاف حدود، لو تم تجاوزها تسير المسألة نحو خطر يفوق جدا تقديرات البعض، ولذا فالاعلان عن تشكيل “حماس” جهازا للمخابرات العامة يمثل تجاوزا لكل الأشكال “المسموحة وغير المسموحة في التعبير او الردح السياسي السائد”..

 

ولأن المسألة هذه تمثل تغييرا نوعيا في العلاقة الداخلية، ورسالة يمكن اعتبارها رسالة “شؤم” فوق ما هو متوافر منها بكثرة شديدة منذ الانقسام الأسود وحتى تاريخه، فخطوة كهذه تعني قبل كل ما تعني اعلان حركة حماس، رسميا سحبها الاعتراف بـ”شرعية الرئيس عباس” باعتباره الرئيس المنتخب، حتى لو تجاوز مدته القانونية منذ زمن بعيد، كما كل المؤسسات المنتخبة، ومنها المجلس التشريعي..

 

فجهاز المخابرات، ووفقا للقانون الأساسي وبعد تعديلاته الخاصة عام 2003 للتجاوب من فرض رئيس وزراء لفلسطين لتقليص سلطات الخالد ياسر عرفات، أكدت أن جهاز المخابرات تابع بشكل مباشر للرئيس، وبالتالي لا مكان لأي جهاز خارج تلك “الدائرة”..

 

حماس تمتلك من المسميات كل ما هو قائم، أمن وطني وشرطة وجهاز أمن داخلي، أسمتها بذات التسميات الواردة بالقانون، وربما تجاوزت في تسمية قواتها العسكرية بقوات “الأمن الوطني”، ولم يتوقف أحد عند التسمية رغم مخاطرها في مفهوم التبعية القانونية، كونها أيضا قوات خاضعة لسلطة الرئيس، حيث يعين قائدها ويقيله أيضا..

 

ولكن، ما اقدمت عليه حماس، لو لم تقم بنفيه فورا، يعلن انتقال حركة حماس الى نقطة “التمرد الأخيرة” على النظام الفلسطيني، بأنها لم تعد تعترف بوجود رئيس منتخب للسلطة الوطنية، وانها إستكملت حلقات “الانشقاق السياسي – القانوني”، بعد سحب “الشرعية من الرئيس” ما قد يؤدي بها الى تسمية “رئيس مؤقت” خاص بها لمناطق نفوذها..

 

والحق أن تصريحات بعض قادة حركة حماس في الآوانة الأخيرة، تلمح كثيرا الى ذلك، وتصاعدت نغمة التهديد والوعيد، ولم يخف بعض قادة الحركة ونوابها من اعتبار الرئيس غير شرعي ومنتهية ولايته، وتم التعامل مع  تلك التصريحات، باعتبارها جزء من “حركة الردح السياسية” في مظهر الانقسام الكريه جدا..

 

وما كان بالتقدير، أن تلك التصريحات ليس سوى محاولات جس نبض حماس لرد الفعل على ما ستقوم به من خطوات تالية، تمهد الطريق لما سيكون من تكريس لتلك التصريحات قانونا، بتشكيل “جهاز أمني من أجهزة السيادة الرئاسية”..

 

وبالتأكيد، لا يمكن لحماس أن تقول غير ذلك،أو أنها لا تقصد من وراء ذلك التشكيل سوى “تعزيز قبضتها الأمنية” بعد اتساع حركة “التمرد على سيطرتها العسكرية” ونشوء “جماعات مسلحة” يمكن لها أن تكسر هيبتها أمام الغرب ودولة الكيان، وهي في مرحلة “تفاوضية” معهم حول معادلة الوزير الألماني “التنمية مقابل الأمن”، ولذا ستحاول أن تبحث تبريرات ساذجة وسخيفة بكل الطرق دون أن تضع يدها مباشرة أمام السبب الحقيقي لخطوتها تلك..

 

حركة حماس، بتشكيلها جهاز مخابرات تحاول استكمال حلقات تشكيل “الحالة الكيانية الخاصة” لقطاع غزة، ضمن المشروع التركي – القطري الاسرائيلي، ورعاية أمريكية وترحيب بعض أوروبا، ولذا فهي تسارع الزمن وبكل “الذرائع” لتكريس أعمدة تلك “الحالة الكيانية الخاصة”..

 

ولعله فات حركة حماس، ان ذلك الوهم لن يجد له طريقا مهما كان سلوك الرئيس عباس وفريقه الخاص سياسيا، حتى لو وصل الى ابرام “صفقة على حساب الشعب ومشروعه الوطني المتفق”، فحسابه وعقابه بيد الشعب والكل الوطني، وليس “حكرا سياسيا” أو “ماركة خاصة” لحركة حماس، والتي تمثل في كثير من ممارستها السياسية – الأمنية الوجه الآخر لذلك الفريق..

 

وتتجاهل حماس أن خطوتها المخابراتية الجديدة، تعطي للرئيس محمود عباس الحق في اعلان “حركة حماس” حركة “خارج القانون” و”غير شرعية”، اي حظرها وملاحقة كل منتم لها باعتبارها حركة سرية تهدف لاسقاط الحكم وسحب الشرعية، وطبعا لن يجد أي من فريق الرئيس صعوبة في وصفها من “التآمر الخياني” حتى شراكتها لتصفية الرئيس..

 

ما لم تعلن حماس رسميا أنها ليس جادة بتلك الخطوة، وأنها تعلم حدودها “السياسية – القانونية” في الاختلاف والخلاف، تكون وضعت نفسها في “المحظور” والذي ينتظره كل “فريق الرئيس عباس” منذ زمن، بل وهناك من طالب به قبل ذلك ايضا..

 

المسألة هذه لا يجب أن تكون جزءا من التلاعب السياسي، لأنها رسالة تهديد سياسي للشرعية، ولو سقطت فلا شرعية لأحد، سوى شرعية الاحتلال والفوضى السياسية التي ستحضر بديلا..

 

ننتظر اليوم قبل الغد تراجع حماس كليا عن تلك الخطوة، قبل أن تشهد الساحة الفلسطينية “حربا جديدة” تكون غطاءا لتمرير “صفقة المؤامرة الكبرى” بـ”تقاسم الضفة وظيفيا” و”فصل قطاع غزة” في كينونته الخاصة..

 

المؤامرة معلومة للجميع ولكن أدواتها ترتعش حينا رهبة من رد فعل “شعب الجبارين”..

 

ملاحظة: مثير للدهشة بعض ما جاء في تصريحات وزير الخارجية الفلسطيني، أنه “إكتشف مسارات سياسية أهم من المسار التفاوضي”..وكأن الحركة السياسية الفلسطينية دوليا قبل أن يكون وزيرا أو جزءا من المشهد لا تعني له شيئا..فعلا ليس كل كلام نافع يا دكتوووور!

 

تنويه خاص: أنباء عن قيام أجهزة حماس الأمنية استدعاء طاقم النائب أشرف جمعة للتحقيق حول مظاهرة الفعل الانساني في رفح..لو صدق ذلك فتكون دخلت في المحرم واستجابت لبعض “الناعقين” ضد المظاهرة، باعتبارها تهديد لوجود سيطرة حماس وقبضتها الحديدية..حذار فحذار فحذار!

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً