الانتفاضة مستمرة : ما بين العنف الثوري والسجالات

2015/12/29
Updated 2015/12/29 at 11:08 صباحًا

thumb

في الأول من اكتوبر من عام 2015 , اندفع الشباب في فلسطين الى ميدان المواجهة مع قوات الاحتلال والمستوطنين بالحجارة والسكاكين ، في دلالة واضحة على رفض واقع الاحتلال وسياساته الإجرامية . يواجه الشباب والشابات آلة البطش الصهيونية ، ويدفعون أغلى التضحيات ويرسمون أروع آيات البطولة ، وفي المقابل لا زال المثقفون وبعض الأحزاب يناقشون ويتساءلون : هل هي حراك شبابي ام هبة جماهيرية أم انتفاضة؟. الانتفاضة هي شكل من اشكال مقاومة الاحتلال ومواجهته , والاستعمار والاستبداد أو الظلم والاضطهاد والقمع , وهي تمرد علي كل اشكال الاستغلال والعبودية والطغاة ولذلك فهي انتفاضة شعبية جماهيرية بكل معني الكلمة ومن المفترض ان تكون لهذه الانتفاضة رؤية استراتيجية , تنظيمية وسياسية لكي تستمر وتتطور وتكون قادرة علي أن تشكل محطة نوعية في الصراع مع المحتل. في هذه الورقة سنحاول نقاش ما يجري في فلسطين من مواجهات وعمليات طعن ودهس ومظاهرات ومسيرات وفعاليات مختلفة في كل انحاء فلسطين وإجراء مقارنة سريعة ومختصرة بين هذه العمليات و هذه الانتفاضة مع ما سبقها من انتفاضة عام 1987 وعام 2000 من حيث الأسباب والدوافع والقوى المحركة لكل منها وما بينهما من تمايز واختلاف ومن ثم نناقش واقع وأفاق الوضع الحالي وتطوراته , وركائز تطور واستمرار هذه الانتفاضة وأجندات القوي علي اختلاف مسمياتها ومن ثم دور الشباب والقوي الوطنية والإسلامية الفلسطينية وانجازاتها وأخيرا الخاتمة.
لمحة سريعة عن الانتفاضة
الانتفاضة مهما كان شكلها وحجمها ومكان حدوثها , سواء ضد احتلال أو سلطة حاكمة مستبدة , من المفترض أن تكون هادفة , فلا انتفاضة بلا هدف . ويجب أن تكون أهداف الانتفاضة قريبة وبعيدة المدى وواضحة ومحددة . ويرى البعض بأن تكون أهدافها الآنية قابلة للتحقيق, أي واقعية بلغة مثقفي العصر , وهذا ما يقوله صافي , علينا “ان نمتلك رؤية واضحة للنضال الفلسطيني ونعيد المشروع الوطني لبوصلته الحقيقية. وهذا يتطلب رسم استراتيجية وطنية موحدة ذات توافق وطني، حيث تؤدي الاستراتيجية إلى وضع برنامج وطني فلسطيني”().
وفي نفس الوقت يتخوف الاسرائيليون من ثورة شعبية ومن الحراك الشعبي الداعي الي انهاء الاحتلال وتتحدث وسائل الاعلام الاسرائيلية عن استعدادات وخطط يجهزها الاحتلال للتصدي لمظاهرات مدنية ( سلمية) فلسطينية في كافة الاراضي الفلسطينية, بما فيها البلدات المحتلة منذ عام 1948(). وفي اللحظة التي لازالت بها بعض القوي و المثقفين يتناقشون فيها حول ماهية ما يحدث , هل هو انتفاضة أم موجة انتفاضية أم هبة او حراك … الخ , فان الاسرائيليين يتخوفون مما يحدث ويتحدثون عن انتفاضة ثالثة فمثلا , وحسب موقع “واللا” العبري، ومنذ يوم الأحد العنوان البارز “في الطريق نحو انتفاضة ثالثة” و مقالات تحليلية تميل الى تبني امكانية نشوب انتفاضة فلسطينية ثالثة على خلفية اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي على المسجد الأقصى() .
ان المواجهات التي ابتدأت بالقدس , ومن ثم انتقلت للضفة الفلسطينية وغزة المحاصرة والأراضي المحتلة عام 1948 , باعتبارهم جزءا لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني علي الرغم من كل محاولات طمس هويتهم , وهذا ما يؤكده القيادي الفتحاوي سفيان ابو زايدة , ” ان فلسطينيي الداخل يخوضون معركتين الاولي تتعلق بشروط حياتهم , وأما الشق الثاني , فيتعلق بالنضال الفلسطيني باعتبارهم جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني , حتى وان كانوا يحملون الهوية الاسرائيلية(). وهذا ما يؤكده المفكر الفلسطيني منير شفيق , انها انتفاضة وتتوفر فيها كل شروط الانتفاضة لكنها تحتاج الى أن تمر بعدة مراحل وتأخذ مدى طويلا من الزمن. ان هذه الموجة الانتفاضية الجديدة او الانتفاضة التي اتسعت رقعتها هذه المرة لتصل تقريبا كل أنحاء فلسطين المحتلة ودخلت مثل الماء والكهرباء فى كل بيت في فلسطين المحتلة , شمالها وجنوبها وشرقها وغربها اي من نهرها الي بحرها , وهذا ما أوضحه هنية حين قال ، بان الانتفاضة التي انطلقت من ساحات المسجد الأقصى والممتدة في كل أرجاء فلسطين من رفح حتى رأس الناقورة، تؤكد على وحدة الدم والمصير ووحدة الهدف لتحرير الارض ودحر الاحتلال() وأما مركز “كيوبرس” الصهيوني فيقول ، “ان أحداث يوم الأحد الأخير 8 أكتوبر, أدت الى نقطة تحوّل في وسائل الإعلام التي كانت تتحدث في الأسابيع الأخيرة عن موجة مواجهات وغضب جديدتين قد تتلاشى خلال أيام، وباتت تملأ الصحف العناوين البارزة حول انطلاق انتفاضة حقيقية واتساع رقعتها ميدانياً() ، و يؤكد ذلك الكاتب والمحلل السياسي , خليل شاهين في لقاء على فضائية الغد العربي ” ان ما تشهده الأراضي الفلسطينية يعد فعلاً شعبياً واسع النطاق , يهدف التصدي للاعتداءات من جانب الاحتلال( ).
وفي تقديرنا أن الشعب الفلسطيني المنتفض في كل الشوارع والأزقة والقرى والمدن والمخيمات ، هو الأجدر والأقدر على توصيف الانتفاضة بنضاله وتضحياته ، وليس بالجدل الخالي من الفعل الثوري.
الانتفاضة أوجه الشبه والاختلاف
هناك عدد من أوجه التشابه والاختلاف بين هذه الانتفاضة أو الموجة الانتفاضية بعد أقل من شهر علي انطلاقتها في بداية اكتوبر من العام 2015 , وما سبقها في الانتفاضتين الاولي في العام 1987 بعد عشرين عاماً من الاحتلال الصهيوني لما تبقي من الارض الفلسطينية في العام 1967 ، والثانية في العام 2000 , بعد ما يقارب ستة أعوام على انشاء السلطة الوطنية الفلسطينية على اجزاء من الضفة الفلسطينية وقطاع غزة , بعد توقيع اتفاقية اوسلو ما بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في العام 1993 وهذا ما يؤكده شفيق في مقالة له ” أننا أمام انتفاضة أخذت تأخذ سماتها الخاصة التي تختلف بالضرورة عن سمات الانتفاضة الثانية التي أخذت سماتها الخاصة التي اختلفت عن سمات الانتفاضة الأولي في عدد من التفاصيل والجوانب”.
ومن أجل تسليط الضوء علي ذلك ستقدم الورقة ملخصا سريعا عن هذه الانتفاضات الثلاثة :-
أولا: الانتفاضة الأولى او انتفاضة الحجارة
انطلقت شرارة الانتفاضة الفلسطينية الأولى في الأراضي الفلسطينية المحتلة في التاسع من كانون أول/ ديسمبر 1987 وبالتحديد من مخيم جباليا وامتدت الى كل الاراضي المحتلة بما فيها المناطق المحتلة عام 1948. ولم يخض المفكرون والتنظيمات في حينها جدلاً حول تسميتها ، بل انعقد الاجماع على تسميتها ” انتفاضة الحجارة ، ويُسجل لها أنها أدخلت لقاموس اللغة الأجنبية كلمة عربية” انتفاضة ” ، ليس لها مرادف باللغات الأجنبية ، فيكتبونها بمثل نطقها العربي بحروف لاتينية (). وأُلحق اسم “الحجارة” بالتسمية “انتفاضة الحجارة” نظراً للأسلوب الأبرز الذي اتكأت عليه ، حيث اتخذت الحجارة سلاحاً للمتظاهرين في مواجهة الدبابات والرشاشات الصهيونية ، وهو مختلف جذرياً ونوعيا عن الأسلحة الصهيونية(). فالطابع الأساسي لها كان الحجارة و وما اطلق عليه في حينه أطفال الحجارة, إلى جوار استخدام أساليب أخرى وكالزجاجات الحارقة ( المولوتوف) والإضرابات والمواجهات المباشرة مع جنود الاحتلال سواء في الشوارع أو أمام معسكرات الجيش في المدن والقرى والمخيمات والكتابة على الجدران. وكل الأشكال السابقة تُصنف كأشكال من المقاومة الشعبية ، أو كما وصفها بعض الباحثين الأسرائليين بأن الانتفاضة الشعبية اعتمدت على الطابع المدني()
وتميزت انتفاضة الحجارة عما سبقها من هبات وموجات انتفاضية وتحركات شعبية بالشمول ، و تجلت شموليتها في مشاركة جميع فئات والشعب الفلسطيني بطبقاته كافة , من عمال وفلاحين وتجار ومثقفين ورجال ونساء وأطفال وكهول . وكانت الانتفاضة من القوة والشمول بحيث لم تسطع القوات الإسرائيلية السيطرة عليها(). هذا عدا عن شمولها لكل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 ، واستقطابها لأبناء الشعب الفلسطيني في الشتات.
أسباب اندلاع انتفاضة الحجارة:-
يعود السبب المفجر لاندلاع الانتفاضة الأولي او انتفاضة الحجارة إلى دهس شاحنة اسرائيلية لسيارة عربية تقل مجموعة من العمال الفلسطينيين العائدين من عملهم داخل اسرائيل ، والتي أدت الي استشهاد أربعة عمال من جباليا, اعتبر الفلسطينيون أنها عملية دهس متعمدة نفذها متطرف اسرائيلي بهدف قتل العمال الفلسطينيين. وبعد تشييع جثامين الشهداء في اليوم التالي , أي التاسع من ديسمبر 1987 , اندلعت مواجهات عنيفة مع جنود الاحتلال أمام معسكر للجيش الاسرائيلي في وسط مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين ومن ثم انتشرت في كل أرجاء الوطن كانتشار النار في الهشيم. ورغم أن شرارة الانتفاضة اندلعت بعد هذا الاعتداء الإجرامي ، إلا أن السبب الحقيقي وراء اندلاعها يكمن في وجود الاحتلال الجاثم على الصدور ، فمن الطبيعي أن يمثل وجود الاحتلال وسياساته الإجرامية السبب الرئيس للانتفاضة. لذا أشعل الشعب شرارة انتفاضة الحجارة للتصدي لسياسة القبضة الحديدية للكيان الصهيوني ولانتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان ، التي وصلت حد الطفرة() من ناحية ، ورغبة الفلسطينيين في الحرية والاستقلال من الاحتلال البغيض. ومن المهم , الإشارة في هذا السياق ، الى أن المحرك الرئيس للانخراط الشعبي والواسع في الانتفاضة لا يعود لأسباب اقتصادية فقط ، بل لأهداف سياسية ، خاصة وأن العمال رفضوا معدلات الأجور العالية في العمل داخل الكيان ، للبحث عن الحرية والاستقلال.
تنظيم وقيادة الانتفاضة:-
رغم أن الانتفاضة بدأت عفوية ، إلا أنها سرعان ما هيكلت نفسها تنظيمياً وقيادياً ، وُيسجل للتنظيمات الفلسطينية في حينها أنها لم تخض جدلاً ونقاشاً في توصيف الحالة ، بل حولت الهبة العفوية إلى فعل منظم تحت قيادتها ومشاركتها، حيث سارعت إلى تشكيل القيادة الوطنية الموحدة ، ولجان وأطر جماهيرية وقوى ضاربة للانتفاضة , مهمتها حماية الانتفاضة والعمل علي استمرارها من خلال القيام بمظاهرات واسعة في مختلف قري ومخيمات فلسطين المحتلة ومدنها. وتميز العمل القيادي لانتفاضة الحجارة ، بوحدة الفكر والإرادة والعمل المشترك للفصائل الفلسطينية في الداخل ، والتواصل والتكامل مع القيادة بالخارج.
أدوات انتفاضة الحجارة:-
اعتمدت الانتفاضة كما أسلفنا على الحجارة والمولوتوف وإشعال الإطارات والمظاهرات والإضرابات والمقاطعة للبضائع الإسرائيلية . وفي مقابل هذه الأدوات السلمية التي استخدمتها انتفاضة الحجارة ، تصرف الجيش الصهيوني بلغة البطش والإرهاب ، مستخدماً الهراوات العادية والكهربائية ، والرصاص البلاستيك ، والرصاص الحي ، وتكسير العظام والقتل العمد، ودفن بعض الأشخاص وهم أحياء ، والاعتقال ، وتدمير المنازل”(). وكذلك سياسة الاعتقالات الواسعة التي طالت آلاف من المناضلين الفلسطينين وافتتاح سجن النقب الصحراوي، والذي صممه الكيان الصهيوني على غرار الباستيلات الألمانية النازية . واغتيال الشهيد أبو جهاد الوزير في تونس ، و سياسة الإعدامات الميدانية في الخارج وداخل السجون ، حيث طالت علي سبيل المثال لا الحصر الشهيد عطية الزعانين أحد قادة حركة فتح في بلدة بيت حانون داخل سجن غزه المركزي علي يد المخابرات الصهيونية والشهيد ابراهيم العكاوي احد ابرز قيادات الجبهة الشعبية من القدس وكذلك الشهيد خالد العطاونة من مخيم جباليا أحد القادة الميدانيين لاتحاد لجان الطلبة الثانويين التابع للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والعشرات من الملثمين ممن كانوا يكتبون علي الجدران او يقومون بنشاطات انتفاضية في كافة ارجاء الاراضي المحتلة في الضفة الفلسطينية وغزة , ينتمون الي كل من حركة فتح والجهاد الاسلامي وحماس والجبهتين الديمقراطية والشعبية ومنهم الشهداء الستة من حركة فتح في مخيم جباليا والشهيد علم الدين شاهين من القوي الضاربة التابعة للجبهة الشعبية علي يد قوات الاحتلال والقوات الخاصة التابعة لجهاز المخابرات الصهيوني” المستعربين” . لقد كان طابع الانتفاضة العام طابعا سلميا الا أن النشاط المسلح في هذه الانتفاضة كان يمثل ما يقارب 15% من الانشطة وكان يستهدف الجنود الاسرائليين والمستوطنين والعملاء او المتعاونين مع الاحتلال وأجهزة مخابراته (). وخلال انتفاضة الحجارة التي امتدت من أواخر العام 1987 وحتى العام 1993 استشهد نحو 1540 فلسطينياً منهم 268 طفلا و 127 امرأة ، واعتقل 116 ألفاً ، وجرح 130 ألف”(). ولكن هذا الإرهاب الصهيوني ، لم يثن الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة عن السير قدما بانتفاضته دون تراجع أو نكوص.
أهم انجازات انتفاضة الحجارة:-
مما لاشك فيه أن انتفاضة الحجارة الأولي في العام 1987 أعادت الاعتبار الى القضية الفلسطينية بأبعادها المختلفة, بعد التغيرات التي حدثت , خاصة بعد العدوان الصهيوني علي المقاومة الفلسطينية واللبنانية في العام 1982 , وقد تحققت العديد من الانجازات ، والتي قد يحتاج كل منها الى دراسة متخصصة ، ويمكن إجمالها بالتالي:-
1-وثيقة إعلان الاستقلال:-
تعتبر وثيقة إعلان الاستقلال في 15 نوفمبر 1988 نتاج طبيعي لفعل الانتفاضة الثوري ، حيث جاءت وثيقة إعلان الاستقلال بعد أقل من عام على اندلاع الانتفاضة فإعلان الاستقلال للدولة الفلسطينية كان باكورة ثمار الانتفاضة “().
2-التعاطف الشعبي العربي:-
بفعل الانتفاضة تغير الموقف العربي ، وتعدلت أجندة الأولويات، خاصة في ظل ما لاقته الانتفاضة من دعم شعبي عربي منقطع النظير، عبر المظاهرات والاحتجاجات على جرائم الاحتلال ، وحملات جمع التبرعات لدعم الانتفاضة وإسنادها. ثم جاء الموقف الرسمي العربي متطابقاً مع إرادة الجماهير العربية في إطار التضامن العربي الذي تحقق لدعم الانتفاضة ، والوقوف العربي الواحد إلى جانب الحق الفلسطيني ، ماديا وسياسيا وعسكريا().
3-تعديل الأولويات العربية الرسمية:-
منذ اندلاع حرب الخليج الأولى بين إيران والعراق في العام 1980 ، باتت تشكل أولوية للنظام العربي الرسمي على حساب القضية الفلسطينية ، وما يدلل على هذا التراجع أن الدول العربية هبطت ، في مؤتمر القمة العربية الطارئ المنعقد في عمان قبل الانتفاضة بشهر ، بالقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي إلى الدرجة الثانية ، بعد أن دفعوا بوقف الحرب العراقية الإيرانية إلى صدر جدول الأعمال(). وبفعل الانتفاضة المتواصلة تغيرت الأولويات العربية أمام عنفوانها وتواصلها، وأعيدت القضية الفلسطينية الى مركز الاهتمام العربي().
4-التعاطف الدولي:-
تصدرت الانتفاضة الفلسطينية المشهد السياسي والإعلامي على المستوى الدولي، وبفعلها قفزت مكانة القضية الفلسطينية إلى الصدارة من جديد. فاعترف جميع المراقبين السياسيين في العالم – على اختلاف اتجاهاتهم – بأن القضية الفلسطينية قفزت –مع رمية الحجر – من ذيل جدول الاهتمامات الدولية إلى صدرها(). ومن المهم التأكيد وتسليط الأضواء في هذا المجال على تغير هام في مضمون التعاطف الدولي ، حيث غلب عليه قبل اندلاع الانتفاضة الطابع الإنساني، وجاءت الانتفاضة لتخلق طابعاً جديداً لهذا التعاطف من منظور سياسي وحقوقي. وبات يقر لأول مرة المجتمع الدولي أجمع بحق الشعب الفلسطيني، باعتبار قضيته قضية تحرر وطني().
رافق الانتفاضة إدانات وانتقادات متواصلة للإرهاب الصهيوني في مواجهة الانتفاضة ، ما حمل مجلس الأمن على إدانة القمع الصهيوني . وأمام حالة التعاطف العالمي مع الانتفاضة ووحشية الكيان الصهيوني في القمع للشعب الفلسطيني ، لم تستطع أمريكا استخدام حق النقض الفيتو في مواجهة قرارات مجلس الأمن بإدانة الإرهاب الصهيوني.
5-تعرية صورة الاحتلال الإسرائيلي :-
كان لانتفاضة الحجارة تأثيرات هامة على الاحتلال الإسرائيلي على مستويين وهما:-
المستوى الأول : خلق حالة من التعاطف داخل الكيان الصهيوني:-
خلق حالة من التعاطف مع الشعب الفلسطيني وحقوقه داخل الكيان نفسه ، وأشار أحد الباحثين الإسرائيليين أن التعاطف مع الشعب الفلسطيني وصل لداخل الكيان الصهيوني ، وبرزت آراء داخل الكيان ترى أن الانتفاضة نضالا عادلا يخوضه الفلسطينيون في سبيل تقرير مصيرهم().
المستوى الثاني : فضح وتعرية الاحتلال:-
حملت الانتفاضة المجتمع الدولي على تغيير موقفه التاريخي المتعاطف مع الكيان الصهيوني ، بعد أن تكشف وجهه الإجرامي من خلال قمعه الوحشي للانتفاضة السلمية ، في إطار سياسة القبضة الحديدية وتهشيم العظام والعقاب الجماعي . فإلي جانب ما خلقته الانتفاضة من حالة تعاطف مع حقوق الشعب الفلسطيني على المستوى الدولي شعبياً ورسمياً، ونفت عنه تهمة الإرهاب، التي حاول الإعلام والدبلوماسية الصهيونية تاريخياً إلصاقها به ، دارت الدوائر على الكيان الصهيوني ، وبات الإرهاب صفة تلصق به جراء ما يمارسه من قمع وحشي ومنظم . لذا يعتبر من نتائج الانتفاضة الهامة على المستوى الدولي ابعاد إلصاق تهمة الإرهاب عن المقاومة الفلسطينية في نظر الرأي العام العالمي ، وبدأت إسرائيل عصر الإرهاب(). وحتى في داخل دولة الكيان بدأ كثيرون يشككون في المستوى الاخلاقي الكامن باستغلال الجيش لفرض الحكم الاسرائيلي على الفلسطينيين بدل الدفاع عن الدولة ومواطنيها().
انتهت الانتفاضة الفلسطينية الأولي بعد عشرة جلسات مكوكية متواصلة في المفاوضات العلنية بعد مؤتمر مدريد الشهير مع وفد فلسطيني برئاسة الدكنور حيدر عبد الشافي ومفاوضات سرية في النرويج مع وفد فلسطيني برئاسة ابو مازن كانت نتيجتها توقيع اتفاق أوسلو (التصفوي) وقدوم السلطة الوطنية الفلسطينية الى الارض المحتلة في كل من غزة وأريحا. لقد كان الاستثمار السياسي للانتفاضة مادون الأهداف المرحلية والإستراتيجية لشعبنا الفلسطيني، بسلطة حكم ذاتي ، بلا سلطات فعلية ، وتمارس اختصاصاتها تحت سلطة الاحتلال. لقد أجهضت المفاوضات انتفاضة الحجارة ، بدلا من استثمارها في تعديل موازين القوى لصالح الشعب الفلسطيني.
الانتفاضة الفلسطينية الثانية ” انتفاضة الاقصي” :-
اندلعت شرارة الانتفاضة الثانية في الثامن والعشرين من سبتمبر 2000، وذلك كردة فعل على اقتحام زعيم حزب الليكود شارون ساحة المسجد الأقصى(). ترتب على اقتحام شارون لباحة المسجد الأقصى ، اندلاع مواجهات عنيفة مع شرطة الاحتلال داخل باحة المسجد وسقط في هذه المواجهات سبعة من الشهداء ومئات الجرحى , وامتدت هذه المواجهات الى كل الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها المحتلة عام 1948 . ومن الجدير ذكره أن اقتحام شارون لباحة المسجد الأقصى ، تم بموافقة بارك رئيس الوزراء الإسرائيلي في حينه . ورغم عدم المعرفة بحسابات بارك في حينه على هذه الموافقة ، إلا أنه كما يرى أحد الباحثين كانت حساباته خاطئة ، ولم يتخيل أن زيارة شارون ستشعل الجماهير الفلسطينية ثورة وغضبا على المساس بالمقدسات الاسلامية(). وقد سميت انتفاضة الأقصى وانتفاضة الاستقلال باعتبار الأهداف التي سطرتها وهي الاستقلال بدولة فلسطينية وعاصمتها القدس().
أسباب انتفاضة الأقصى:-
من أسباب هذه الانتفاضة : فشل المفاوضات في تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني ، حيث كان يفترض أن تنتهي المرحلة الانتقالية في العام 1998 ، ويعقبها إقامة الدولة الفلسطينية ، ولكن أي شي من ذلك لم يتحقق . لقد جاءت الانتفاضة لتكشف خطأ حسابات وتقديرات المفاوض الفلسطيني من جانب ، وخطأ وحسابات قادة الكيان من جانب آخر. واعتقد القادة الصهاينة خلال السبع سنوات التي تفصل ما بين اتفاقيات أوسلو وتطبيقها ، أنهم سيتمكنون من إحكام هيمنتهم على الشعب الفلسطيني, وعلى الأراضي الفلسطينية من خلال سلطة لا سلطة لها ، ومنعدمة السيادة كلياً(). لقد انتهت المرحلة الانتقالية دون التوصل لما تم الاتفاق عليه في أوسلو ، وبدا للشعب الفلسطيني أن الفترة الانتقالية لا نهاية لها لأنه في الفهم السياسي الصهيوني المواعيد غير مقدسة ، وفقاً لما صرح به رابين صراحة وعلناً. وفي مقابل تمسك المفاوض الفلسطيني بخيار المفاوضات ، وتمسكه بما يتم الاتفاق عليه ، واصل الاحتلال المماطلة والتسويف والتلكؤ والتملص من الاتفاقيات . فالاتفاقيات ورغم مثالبها ليست الا حبرا على ورق ، وان اسرائيل لا نية لها في السلام(). والأخطر من ذلك ، أن الاحتلال استغل المفاوضات والفترة الانتقالية ، للاستمرار في سياسة الاستيطان ومصادرة الأراضي وتهويد القدس ، في محاولة واعية ومخطط لها ، لتقويض فكرة إقامة دولة فلسطينية من الناحية الواقعية. والدليل على ذلك ، أنه أحال قضايا القدس واللاجئين والمستوطنات إلى الحل النهائي ، وذلك بهدف كسب الوقت ، وفرض سياسة الأمر الواقع . وخلال فترة المفاوضات التي سبقت الانتفاضة من العام 1993 وحتى العام 2000 تضاعف الاستيطان ().
لم يعد فشل خيار المفاوضات وعدم جدواه ، مجرد خلاف سياسي مع المعارضة الفلسطينية ، بل جاءت مفاوضات كامب ديفيد 2 لتؤكد صحة الرأي المعارض للمفاوضات، حيث فشلت في تحقيق اي تقدم على صعيد ما يسمى بعملية السلام في الشرق الاوسط في جولة المفاوضات التي جرت بين وفد فلسطيني برئاسة الشهيد ياسر عرفات ووفد اسرائيلي برئاسة أيهود باراك برعاية امريكية في منتجع كامب ديفيد الشهير، جاءت بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد 2(). ومن هنا اندلعت الانتفاضة بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد، والاستمرار في سياسة الاستيطان ومصادرة الأراضي والطرق الالتفافية . لقد أصيبت القيادة الفلسطينية القائمة على ملف المفاوضات بالإحباط والغضب بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد ، فيما اعترى الشعب الفلسطيني غضباً عارماً ، لشعوره بأن إقامة الدولة وتفكيك الاحتلال بدا بعيد المنال ، ولن يحققه خيار المفاوضات . ويبدو أن الرئيس الراحل أبو عمار وصل لقناعة أن الوصول لدولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس ، لن يتحقق من خلال المفاوضات فقط ، وربما هذا ما يفسر دعمه لخيار الانتفاضة ، بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد ، واستمرار الاحتلال في مواصلة الاستيطان والتهويد والقمع.
انتفاضة الأقصى وأدواتها :-
لقد تميزت هذه الانتفاضة بالمواجهات المسلحة والعمليات العسكرية والعمليات الاستشهادية النوعية ضد الجيش الاسرائيلي وقطعان المستوطنين وكان الشرارة في هذه المرة دخول شارون للمسجد الأقصى امتدت هذه المواجهات بشكلها السلمي أولا ثم سرعان ما تحولت الي مسلحة بفضل وجود الاجنحة العسكرية للتنظيمات والأجهزة الامنية الفلسطينية وشملت كل المدن والمخيمات والقرى في كل من غزة والضفة الفلسطينية وامتدت الي المناطق المحتلة عام 1948. واندلعت هذه الانتفاضة في ظل وجود السلطة الوطنية الفلسطينية بأجهزتها المدنية والأمنية في كل من الضفة الفلسطينية وغزة الامر الذي ساعد على تسليحها وتسليح الأجنحة العسكرية للقوي والأحزاب الفلسطينية التي شاركت بفعالية في الانتفاضة المسلحة فيما بعد ككتائب شهداء الاقصى التابعة لحركة فتح وكتائب الشهيد أبو علي مصطفى التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وكتائب المقاومة الوطنية التابعة للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وكتائب الشهيد عز الدين القسام التابعة لحركة المقاومة الاسلامية حماس وسرايا القدس التابعة لحركة للجهاد الاسلامي في فلسطين وألوية الناصر صلاح الدين , تشكلت من الكثير من المناضلين وأفراد من قوي وطنية وإسلامية مختلفة في قطاع غزة برئاسة الشهيد جمال ابو سمهدانة .
ومن أهم وأحدث الأدوات التي استخدمتها هذه الانتفاضة العمليات الاستشهادية وإطلاق الهاونات ومهاجمة المستوطنات والمواقع العسكرية الإسرائيلية . وقد وصفها أحد الباحثين بأنها حرب تحرير الأقصى وفلسطين، وأنها جزء من الحوار المسلح الذي انخرط فيه المنتفضون الفلسطينيون().
انتفاضة الأقصى وانجازاتها :-
خلقت الانتفاضة المسلحة حالة رعب واسعة داخل الجنود والمستوطنين الاسرائيلين ، وبدا ذلك واضحاً من خلال رفض التجنيد ، وتمرد الجنود والضباط ، ومكوث الاسرائيليين في منازلهم ، والخشية من النزول للشوارع والتسوق . وربما يكون الإنجاز الأعظم هو إجبار الاحتلال على الانسحاب من غزه في العام 2005 من طرف واحد ، جراء حجم الخسائر في الجنود والمستوطنين. وقد واجه الاحتلال الانتفاضة كعادته بسياسة إجرامية ، تمثلت في تدمير مقرات السلطة ، واغتيال قيادات الفصائل وقادة العمل الثوري ، واعتقال من بقي حياً منهم ، والتي تمثل ضربا من ضروب إرهاب الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني().حيث قام باغتيال قائمة طويلة من القادة ومنهم الشهيد أبو علي مصطفي والشهيد ياسر عرفات والشهيد احمد ياسين وغيرهم الكثير لا مجال لتعدادهم.
كالعادة فشلت هذه الجرائم في ثني الشعب الفلسطيني عن انتفاضته ، بل حملته على توجيه ضربات أكثر إيلاماً للكيان الصهيوني ، بالعمليات الاستشهادية ، ومهاجمة المستوطنات ، و تصفية وزير السياحة الصهيوني رحبام زئيفي في فندق حياة ريجنسي في القدس , على يد مجموعة عسكرية تابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في عملية بطولية نوعية تعتبر الاولي من نوعها في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية ردا على اغتيال الشهيد أبو علي مصطفي. هذه المجموعة المنفذة التي اعتقلتها الاجهزة الامنية الفلسطينية ومعها الامين العام المنتخب للجبهة الشعبية بعد استشهاد أمينها السابق ونقلو الي سجن أريحا برعاية بريطانية أمريكية من مقر المقاطعة ومن ثم اعتقلتهم القوات الاسرائيلية بعد اقتحام سجن أريحا. لقد خلقت الجرائم الصهيونية حالة تعاطف عربية ودولية مع شعبنا الفلسطيني ، ولكن على المستوى الصهيوني ، يرى أحد الباحثين أنه بسبب طابعها العنيف ، عززت المجتمع الاسرائيلي قيادة ورأي عام في وجه الفلسطينيين().
انتفاضة الأقصى وأهدافها :-
لم تكن أهداف الانتفاضة واضحة ومحددة ، خاصة في ظل الدور الهام لرئاسة السلطة بوجه عام ، وللأجهزة الأمنية بوجه خاص في هذه الانتفاضة، بوصفها شريك رئيس للتنظيمات الوطنية والإسلامية في الفعل الانتفاضي . فرغم أن الانتفاضة ، فتحت الأبواب أمام كافة الملفات المتعلقة بالدولة والقدس والمستوطنات واللاجئين ، إلا أن هدفها بدا غامضاً وغير متوافق عليه ما بين السلطة وحزبها ، وما بين باقي الفصائل. وربما السؤال الأبرز الذي أثير حول هذه الانتفاضة هو:- هل هدف الانتفاضة الصيرورة والتطور كبديل عن خيار المفاوضات ؟ أم أنها أداة لتحسين شروط وأهداف المفاوضات؟
يشير أحد الباحثين الى أن الانتفاضة الثانية ليست أداة للصراع مع اسرائيل بقدر ماهي أداة ضغط على إسرائيل للحصول على مكاسب أفضل للشعب الفلسطيني من خلال المفاوضات(). وفي مقابل ذلك كانت بعض التنظيمات و وبعض المثقفين يرون في انتفاضة الأقصى بديلاً عن خيار المفاوضات. انتهت الانتفاضة باتفاقية هدنة مع المحتل دون تحقيق أهداف سياسية جذرية ، وعادت القيادة الرسمية لخيار المفاوضات ، دون الحصول على شئ . وربما يكون القاسم المشترك الأهم للانتفاضة الأولى والثانية هو نهايتهما المأساوية.
الانتفاضة الفلسطينية الثالثة أو انتفاضة السكاكين أو القدس عام 2015
تميزت هذه الانتفاضة حتى هذه اللحظة اى لحظة اعداد الورقة بموجة واسعة من المظاهرات والمسيرات, والمواجهات, والاشتباكات بالحجارة والزجاجات الحارقة والألعاب النارية بين الفلسطينيين وجنود الاحتلال وشرطته ومستوطنيه . انطلقت هذه المواجهات من احياء القدس المختلفة وانتشرت كالنار في الهشيم في غالبية المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية التي توجد في مناطق احتكاك مع الاسرائيلين او حواجز عسكرية احتلال علي الطرق الرئيسية في الضفة الفلسطينية المحتلة وكذلك غالبية المدن والبلدات الفلسطينية والأحياء الفلسطينية في المناطق المحتلة عام 1948 وكذلك علي الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة من بيت حانون مرورا بالمقبرة الشرقية والشجاعية وجحر الديك ومخيم البريج والمغازي والقرارة وخانيونس ورفح , واقتحم فيها الشبان اكثر من نقطة علي الحدود ورفعوا العلمين الفلسطيني والجزائري. تميزت هذه الانتفاضة بعدم وجود شرارة لحظية واضحة مع التقدير بان حادثة حرق عائلة الدوابشة وحرق الطفل أبو خضير علي يد مجموعات متطرفة من المستوطنين والتصريحات الاعلامية والسياسية الصهيونية خاصة من بعض الوزراء والمسئولين في الكيان الاسرائيلي والاقتحامات المتتالية للمسجد الاقصي بهدف تقسيمه زمانيا ومكانيا والاعتداءات المتكررة علي المرابطين والمرابطات هناك سواء بالاعتقال او الاقامة الجبرية او سياسة المنع من دخول الحرم.
اندلاع الانتفاضة عوامل وأسباب
يلخص كيالي بهذه الكلمات جل الأسباب التي أدت الى اندلاع هذه الانتفاضة حين يقول , فبقدر ما ينم الوضع الفلسطيني عن ضعف وتفكك , فانه ينم ايضا عن اختزان كل الاسباب التي يمكن أن تفجر الانتفاضة , لا سيما مع استشراء الانشطة الاستيطانية و وانفلاش المستوطنين في الاعتداء على الفلسطينيين , ومع بناء الجدار وانتهاك حرمة المقدسات الاسلامية , وسياسة هدم المنازل والاعتقال الاداري بمعدل حوالي 3 ألاف حالة سنويا وبمعدل 650 شهيدا سنويا منذ عشر سنوات. وللتفصيل أكثر ستسرد هذه الورقة مجموعة من الاسباب الرئيسية الحقيقية لاندلاع هذه الموجة الانتفاضية ولعل اهمها ما يلي :
جرائم الاحتلال والمستوطنين المتكررة والمتواصلة بحق الفلسطينيين في الضفة الفلسطينية المحتلة وقطاع غزة.
محاولات تهويد القدس وبناء أحياء استيطانية لتغيير المعالم الجغرافية والديمغرافية للقدس بهدف تحويلها الي عاصمة أبدية للكيان الصهيوني.
المحاولات الجدية من قبل الصهاينة وقطعان المستوطنين ووزراء حكومة الاحتلال لتقسيم القدس زمانيا ومكانيا.
فشل المفاوضات وانسداد الافق امام ما يسمي عملية السلام وحل الدولتين .
توسيع الاستيطان والمستوطنات كما ونوعا ومخططات الاحتلال لزيادة أعداد المستوطنين ومصادرة المزيد من الأراضي في الضفة الفلسطينية المحتلة.
رفض الافراج عن المعتقلون الفلسطينيين وزيادة أوامر الاعتقال الاداري وإجراءات القمع بحقهم والإضرابات التي يخوضها المعتقلون وحالة التعاطف والتضامن الواسعة معهم.
ارتفاع نسبة البطالة في أوساط الشباب وانسداد الافق امامهم في ايجاد فرص لحياة حرة وكريمة .
تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفلسطينيين وتدني مستوي المعيشة بسبب سياسات الاحتلال وعدم قدرة السلطة على توفير الحد الأدنى من فرص لعملية تنموية حقيقية.
العدوان الاخير علي غزة في العام 2014 وما خلفه من دمار شامل طال كل مقومات الحياة في قطاع غزة بالإضافة الي الحصار الشامل والمشدد والمتواصل المفروض من قبل حكومة الاحتلال علي غزة برا وبحرا وجوا التي لازالت تحت الاحتلال حسب القانون الدولي بناء علي دراسة قانونية للمركز الفلسطيني لحقوق الانسان بعد اعادة الانتشار في العام 2005 وما اكده صراحة مدير مؤسسة الحق في رام الله , جبارين هذا اليوم 31 اكتوبر 2015 , في مؤتمر فلسطين والحماية الدولية .
تقطيع الصلات بين المدن والقرى المقطعة اصلا بتقسيم المناطق الفلسطينية في الضفة الي ا , و ب , و ج وفرض قيود واسعة علي حرية الحركة داخل الضفة الفلسطينية المحتلة.
الاحتياجات المتكررة للمدن والقرى الفلسطينية حتى الواقعة تحت سيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية.
الانتفاضة الثالثة والقوي المحركة
تختلف هذه الانتفاضة حتى هذه اللحظة عما سبقها من انتفاضات أو موجات انتفاضية بان المحرك الرئيسي لها هم:
الشباب والحركات الشبابية المختلفة المستقلة عن القوي والأحزاب الوطنية والإسلامية , في كل من الضفة الفلسطينية وغزة وهذا ما يؤكده كيالي في مقالة له لعل أهم ما يميز هذه الهبة ان محركيها من الشباب وان للفتيات دورا بارزا فيها.
شباب القوي الوطنية والإسلامية يشاركون بالغالب بدون قرارات تنظيمية وبمبادرة فردية في غالب الأحيان .
القوي الوطنية والإسلامية في دور الداعم والمساند فقط في غالب الأحيان.
ومن جهة اخري , يعتبر أحد أهم أبرز أوجه الاختلاف هو الاعلام الفلسطيني بأشكاله كافة ففي الانتفاضة الاولي , لم يكن هناك اعلام فلسطيني مسموع أو متلفز أو قنوات فلسطينية سواء عامة أو خاصة , وما كان موجود هو مكاتب اعلامية ومراسلين فلسطينيين لقنوات أجنبية وأما في الانتفاضة الثانية فلقد كان هناك تلفزيون فلسطيني رسمي تابع للسلطة الفلسطينية ومن ثم تلفزيون الاقصى الارضي الذي تحول الى فضائية خاصة تابعة لحركة حماس , وقنوات تلفزيونية أرضية تبث بشكل أساسي من الضفة, ووجود اذاعات وطنية فلسطينية متعددة سواء خاصة او تابعة للقوي الفلسطينية , وأما في الانتفاضة الثالثة فتميزت بوجود عدد من القنوات الفضائية الفلسطينية والأرضية التي تنقل الاحداث اولا بأول, بشكل مباشر سواء من الضفة الفلسطينية أو قطاع غزة , ويضاف لها القنوات التلفزيونية الارضية والإذاعات الوطنية والمواقع الاخبارية علي امتداد الوطن. ومن جهة اخرى تميزت هذه الانتفاضة بوجود شبكات واسعة من وسائل التواصل الاجتماعي التي تميزت بشكل واضح بنقل الاحداث بالصوت والصورة والتي يعمل الاحتلال بكل اجهزته المتخصصة علي مراقبتها ويعمل على اغلاقها مستخدما كل وسائل الضغط ونفوذه علي المستوي الدولي وعلاقاته الاستخباراتية مع ادارة هذه الشبكات.
وهناك فارق آخر تميزت به هذه الانتفاضة هو أن فلسطين وبعد ان اصبحت دولة مراقب او غير كامل العضوية في الأمم المتحدة وعضو في محكمة الجنايات الدولية بعد توقعيها على البرتوكول الخاص بهذه المحكمة, فأنه أصبح بإمكان الفلسطينيين تقديم قادة الاحتلال السياسيين والعسكريين , وقادة قطعان المستوطنين لهذه المحكمة كمجرمي حرب, وكذلك للمحاكم الوطنية الفلسطينية , وذلك بسبب الجرائم التي يرتكبوها بحق الفلسطينيين العزل في المناطق الفلسطينية المحتلة وطلب الحماية الدولية المؤقتة للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال.
واقع الموجة الانتفاضية ودوافعها
بعد نقاش أوجه الشبه والاختلاف بين الانتفاضات الثلاثة فالبعض يري بأن هذا التحرك الشبابي الواسع والذي فاجأ الكثيرين لم يكن كما يحلو للبعض تسميته تحركا عفويا أو منقطع الجذور او ردة فعل فقط علي حادث محدد , بل كان هو نتيجة طبيعية وحصيلة للتراكمات الكمية لممارسات وجرائم الاحتلال الصهيوني بجنوده ومستوطنيه , سواء في القدس التي يعمل جاهدا الي تهويدها وفرض سياسة تقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا أو ما يجري في الضفة الفلسطينية وما يفرضه من حصار شامل على قطاع غزة متواصل منذ سنوات طويلة. ونتيجة هذه الممارسات العنصرية ضد جماهيرنا الفلسطينية في المناطق المحتلة عام 1948 , جاء مستندا الي تجربة وخبرة عشرات السنين الماضية , وان ما جري ويجري في غضون الأسابيع الماضية في فلسطين هو موجة انتفاضية بامتياز أو انتفاضة ثالثة ولم يكن منقطع الجذور وليس وليد صدفة بل هو نتاج ما سبقه من انتفاضات وموجات وهبات وتحركات شعبية واسعة علي مدار وجود الاحتلال على أرضنا الفلسطينية , فمنذ العشرينات من القرن الماضي ومرورا بثورة 1936 وما تبعها في الاربعينات والخمسينات ومن ثم معارك الثورة المعاصرة وعملياتها النوعية ضد الاحتلال منذ العام 1965 , ومن ثم الانتفاضة الفلسطينية الأولي والثانية وما قبلهما وما بينهما وبعدهما من هبات وموجات التي لم تصل لدرجة الانتفاضة ومواجهة العدوان تلو العدوان علي قطاع غزة من قبل قوى المقاومة التي لن يكون آخرها عدوان 2014 , وهذا ما يتحدث عنه القيادي في حماس حمد ولان لدينا تجارب وخبرة طويلة في الانتفاضات والمقاومة منذ العشرينات فانه من الطبيعي ان يكون لدينا رصيد هائل من التجربة والخبرة ما يؤهلنا لأن نقود انتفاضة ثالثة ورابعة وخامسة يضاف الى ذلك أسباب متعددة منها الموضوعي منها والذاتي ومن اوسع هذه الموجات الحراك الشبابي في مارس من العام 2011 والذي عمل منظموه علي ان يتحول الي انتفاضة ثالثة في ذكري النكبة لعام 1948 , وبدأوا التحضيرات لتحركات واسعة في الداخل وفي الخارج واقتحام الحدود وبعد أنشأوا موقعا علي الفيسبوك, باسم الانتفاضة الفلسطينية الثالثة الذي اصبح عدد المنتسبين له ربع مليون عضو و الزوار زاد عددهم عن ثلاثمائة الف زائر الأمر الذي دفع القوي الامنية والسياسية الاسرائيلية للطلب من ادارة الفيسبوك بإغلاقه في يوم 29 مارس 2011 , وقد تم فعلا فقد تم اغلاق الموقع ولكن ذلك لم يمنع الحراك الشبابي من استكمال خطواته وحاول عشرات الالاف من الشباب اقتحام الحدود في كل من سوريا ولبنان والأردن. وهذه ما يعززه خليل شاهين صراحة من كلماته في فضائية الغد العربي , ” ان ما يميزه ( أي الحراك الشعبي ) انه يبني علي تراكم من خبرات أجيال المقاومة السابقة” .
يضاف الى كل ما تقدم الجرائم الاسرائيلية المتواصلة من اعتقالات واسعة في الضفة الفلسطينية وعمليات الاعدام بدم بارد سواء من جنود الاحتلال أو قطعان المستوطنين والتي لن يكون اخرها في القائمة الطويلة حرق عائلة دوابشة في قرية دوما ومخططات توسيع الاستيطان كما ونوعا والاستيلاء علي أراضي جديدة ومصادرتها بالإضافة لاستمرار وجود الاحتلال وانسداد افق ما يسمي بالعملية السلمية وهذا ما يلخصه كيالي , ان الانتفاضة جاءت نتيجة لحال الاحباط وانعدام الامل وانفجار الغضب عند الفلسطينيين الذين باتوا يرون انفسهم في سجن كبير وفي ظل نظام يجمع بين الكولونيالية والعنصرية في ظل علاقات التنسيق الامني والتبعية الاقتصادية مع كل ما في ذلك من امتهان , يضاف الي كل ذلك قول بعض السياسيين والمثقفين من انصار حل الدولتين سابقا من استحالة تطبيقه حاليا بسبب الاجراءات الاسرائيلية في الضفة الفلسطينية التي قطعت أوصال الضفة من خلال المستوطنات والطرق الالتفافية وجدار الفصل العنصري . كل هذه الاسباب دفعت الشباب الفلسطيني البسيط والمثقف والواعي للانفجار غضبا , هذا الجيل الذي ولد بعد توقيع ما يسمي باتفاقيات أوسلو (التصفوية) , لذلك يطلق عليه البعض “جيل ما بعد أوسلو” في وجه هذا المحتل الغاصب المتغطرس ليقول له ارحل عن أرضنا وسمائنا وهوائنا كما قال محمود درويش في شعره . وفي الوقت نفسه فان الشباب اعلن تمرده او رفضه لقيادة هذا الشعب سواء في الضفة او غزة وهذا تؤكده صراحة القيادية في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ليلى خالد ، حين قالت خالد: إن لم تصل القيادة لإرادة الشعب فلترحل لان الشعب تجاوزها”، ففي لقاء على احدي الفضائيات أكدت على أن الشعب الفلسطيني ملّ من قيادته التي لا تزال سياستها أدنى من إرادته. وما لم تقله صراحة القيادية في الجبهة ليلي خالد هو ان الحراك الشعبي غير راض أيضا عن موقف وأداء الغالبية الساحقة من القوي والأحزاب التي لم تستطع حتى الان من انهاء الانقسام علي الرغم من رفضهم المطلق له طوال هذه السنوات وإنهاء تفرد وهيمنة كل من فتح وحماس بالحكم والسلطة سواء بشكل رسمي أو الحكم بالأمر الواقع , ولما يجري على الارض في المنطقتين من انتهاكات يومية لحقوق الفلسطينيين سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية وغيرها من الحقوق وللفساد والمحسوبية والفئوية الحزبية التي تطال كل اجهزة الحكم تقريبا, وهذه القوي والأحزاب ومعها الكثير من المثقفين الفلسطينيين لم يتفقوا حتى اللحظة على تسمية لهذا الحراك الشعبي الواسع كما يقول شاهين: ” ان المشكلة الاساسية ليست في الحراك الشعبي , وإنما العجز في توصيف الحالة, وانشغال الفكر الفلسطيني بوصف ما يحدث بالانتفاضة أو الهبة . في الوقت الذى كتب المحلل العسكري والسياسي لموقع “واللا” “أفي سخاروف”، مجموعة مقالات، استخلص فيها أن الأحداث والمواجهات الأخيرة، تشير الى أنها انتفاضة حقيقية، وأن اتساع رقعة المواجهات في الضفة الفلسطينية ودخول خط فلسطيني الداخل سيحسم الأمر مؤكدا على أن تسلسل الأحداث لا يدعو الى التفاؤل وأن هذه الانتفاضة ليست انتفاضة أفراد بل هي مواجهات غير عادية.
ومن جهته فان سفيان أبو زايدة يقول: ان الاختلاف فلسطينيا على التسمية حتى الان نابع من عدم الاتفاق بين القوى الفلسطينية على الهدف المرجو من هذه الصرخة أو الانتفاضة . ومن جهة أخرى فلم يعد يرى هؤلاء الشباب بان هذه القوي والأحزاب قادرة على ان تكون اداة فعالة وقوية لمواجهة الاحتلال علي طريق طرده من ارضنا وتحقيق اهداف شعبنا وحقوقه المشروعة , وهذا الجيل لم يستشر أى من القوى والأحزاب ولم يطلب اذنا من أحد فقد تجاوزهم جمعيا تقريبا كما يقول الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين, نايف حواتمة ” الجيل الشاب الجديد لم يستأذن أحدا في نضاله ضد الاحتلال وتجاوز كافة الأطر .
الموجة الانتفاضية وآفاقها
حركة الجهاد الاسلامي
تدعو إلى تطوير الانتفاضة وتنفيذ المزيد من العمليات التي توجع الاحتلال ومستوطنيه
تشير المعطيات أن هذه الموجة الانتفاضية ستستمر وتتواصل وتتصاعد بفعل أولا موقف الشباب واسع الادراك والواعي لكل ما يدور حوله وثانيا محاولة بعض القوى والأحزاب الوطنية والإسلامية ولو نظريا الالتحاق بركب الانتفاضة – ولو كان لكل حساباته الخاصة ومشاركة بعض كوادرها وأعضائها بشكل جزئي أو فعلي والعمل على تطويرها وتوسيعها وهذا ما يدعو له الامين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات من سجنه في نفحة , بضرورة بذل الجهد الوطني والشعبي لدفع وإدامة وتعميق الانتفاضة وتوفير ركائز استمراريتها وتحويلها الى نظام حياة يومية وطابع رئيس لعلاقة شعبنا مع الاحتلال, ان جموع الشباب المنتفض لن يقبل بان يتم الالتفاف على انتفاضتهم ومشروعهم وسيقفون سدا منيعا أمام أي محاولة من هذا النوع يكون هدفها اما الاحتواء او وقف مفاعيل الانتفاضة بهدف تحقيق أهداف خاصة , واستثمار هذه الموجة الانتفاضية بطريقة مستعجلة تكون نتائجها كارثية ليس فقط علي الانتفاضة وجيل الشباب , بل على الشعب الفلسطيني برمته وعلى حقوقه وقضيته بأكملها وهذا ما يقوله الشباب على شاشات التلفاز والفضائيات العربية والعالمية وفي الموجات الإذاعية المحلية والدولية يقول أحد النشطاء في الانتفاضة شرق الشجاعية أثناء الموجهات التي كانت جارية هناك هذا اليوم علي شاشة فضائية فلسطين اليوم سنستمر بالمواجهات في غزة لمساندة اهلنا في الضفة الفلسطينية ولن توقفنا لا قنابل الغاز ولا كل دبابات و جرائم الاحتلال.
ان تطورات الأحداث على الأرض في كافة ارجاء فلسطين المحتلة من نهرها الي بحرها , هي التي ستحدد شكل المواجهة والوسيلة التي يمكن ان تستخدم في كل منطقة من مناطق التماس والاحتكاك سواء في الضفة الفلسطينية والقدس أو المناطق المحتلة عام 1948 أو قطاع غزة , ففي اللحظة الراهنة , الحجارة والسكاكين والزجاجات الحارقة و الألعاب النارية والدهس والطعن والمواجهات المباشرة مع جنود الاحتلال ومستوطنيه على كل مناطق التماس هي الوسيلة الأنجع للاستخدام من الشباب والأطفال وجموع الجماهير المنتفضة في كل أرجاء فلسطين حاليا وذلك استنادا للظروف الحالية التي يمر بها الفلسطينيون والظروف المحيطة بنا على المستويين الاقليمي والدولي . ان ادراك ووعي الشباب لهذا الواقع والمتغيرات التي تحيط بقضيتنهم, لا يسقط خيار امكانية تطور الأحداث في اكثر من مكان لتصل ما هو أكبر من ذلك , وتصريحات بعض القادة للفصائل ومنهم خالد البطش أحد قياديي الجهاد الاسلامي , تعزز هذه الفرضية فأشكال النضال والمقاومة متعددة من الحجر الي السكين الي العمليات النوعية والاستشهادية الي العصيان المدني في بعض المناطق الي الانتفاضة المسلحة في مناطق أخري الي اشكال أخري تتلاءم وظروف غزة المحاصرة ودورها الوطني والمقاوم.
في الوقت الذي يعمل فيه الشباب ومن معهم ويساندهم على تطوير الانتفاضة وتصعيدها , هناك تخوف من البعض, وجزء من القوي السياسية والمثقفين أن يتم وأد وإجهاض هذه الموجة الانتفاضية قبل نضوجها أي في مهدها أي قبل أن تصل الى مداها المرجو ليكون معولا من معاول هدم وطرد الاحتلال , بأن يتم محاولة استثمارها بطريقة خاطئة او الالتفاف عليها كما حدث من الانتفاضة الفلسطينية الأولي أو الثانية من خلال اتفاق علي تهدئة أو شيء من هذا القبيل وبالتالي ستكون نتائج هذا الاتفاق كارثية , كما سبق وان ذكرنا , علي الجميع دون استثناء أي على الشباب أنفسهم وعلي المجتمع والقضية ولن يكون احد بمنأي عن ذلك , فلذلك فان لسان حال الشباب يحذر وسيواجه أي محاولة من هذا النوع من أي كان ومهما كان موقعه ويتوقعون بأن يكون دور القيادة الرسمية سواء في ال
التعلي د. ناصر عزات الكفارنة
رئيس مركز الدراسات والتوثيق الاستراتيجي ق على الموضوع
التعليق من الفيسبوك

Share this Article
Leave a comment

اترك تعليقاً